المستشفيات تتوقف عن استقبال مرضى غسل الكلى
عادت صحة اللبنانيين مرة جديدة إلى الواجهة مع مطالبة المستشفيات بالحصول على مستحقاتها، محذرة من اللجوء إلى خطوات تصعيدية إذا لم يتم إيجاد حلول خلال أسبوع.
ورغم أن المستشفيات باتت تحصل على مستحقاتها من المرضى نقداً بالدولار بعد شبه توقف الجهات الضامنة في لبنان عن التغطية بسبب انهيار قيمة الليرة اللبنانية، يبدو واضحاً أن أزمة المستشفيات هذه المرة ترتكز بشكل أساسي على تكاليف مرضى غسل الكلى التي يفترض أن تدفعها الجهات الضامنة، لكنها تتأخر في تنفيذ ذلك، وتتراكم المبالغ التي تطالب بها المستشفيات. مع العلم أن الأخيرة توقفت عن استقبال مرضى غسل الكلى، وفق ما يؤكد نقيب المستشفيات سليمان هارون، الذي لوّح أيضا باتخاذ إجراءات الأسبوع المقبل إذا لم تدفع هذه المستحقات.
مشكلة تتكرر: وعن التصعيد، يقول هارون لـ«الشرق الأوسط»: «المشكلة نفسها تتكرر بين فترة وأخرى، وهي عدم حصول المستشفيات على مستحقاتها من الجهات الضامنة على الرغم من أنها تدفع مصاريفها نقداً بالدولار». ويقر بأن المشكلة الأساسية تكمن في مستحقات غسل الكلى، فيما تحصل المستشفيات على معظم مستحقاتها الأخرى نقداً بالدولار من المرضى. ويقول: «مرضى غسل الكلى لا يدفعون للمستشفى، وتكاليف علاجهم يفترض أن تكون مغطاة مائة في المائة من الجهات الضامنة، لكن المشكلة تكمن في أن هذه الجهات لا تدفع، وبالتالي فإن المستشفيات باتت في مواجهة المرضى».
ويلفت في المقابل إلى تراجع التكاليف التي كانت تتحصل عليها المستشفيات من المرضى وشركات التأمين بحدود الـ40 في المائة. ويضيف «كذلك هناك تراجع لعدد المرضى الذين كانوا تستقبلهم المستشفيات قبل الأزمة، بحيث إنه بعدما كانت تستقبل عام 2019 حوالي 850 ألفاً تراجع العدد اليوم إلى حوالي النصف».
وفي حين يشير هارون إلى أن المستحقات المتراكمة منذ حوالي سنة تصل إلى 4 آلاف مليار ليرة لبنانية، يلوّح بالتصعيد خلال أسبوع إذا لم يدفع أي جزء منها. ويكشف أن «هذا التصعيد سيكون عبر اتخاذ قرارات في الجمعية العامة التي ستعقد الأسبوع المقبل، كأن يدفع مريض غسل الكلى نصف الفاتورة أو مطالبة الجهات الضامنة أن تقوم هي بدفع ثمن المستلزمات الطبية التي يحتاجها المرضى»، علماً أن تكلفة علاج مرضى غسل الكلى الشهرية قد تصل إلى حدود الـ900 دولار، وفق هارون.
عبء التأخير: وكانت نقابة المستشفيات في لبنان قد حذّرت في بيان لها من الوضع الذي تعاني منه، مطالبة بمستحقاتها في أسرع وقت ممكن. وقالت في بيان لها: «المستشفيات ما زالت ترزح تحت عبء التأخير من تسديد مستحقاتها لدى الجهات الضامنة (باستثناء تعاونية موظّفي الدولة)، وهي تكافح كي تتمكّن من تسديد فواتير المستوردين وفق مهل محددة».
وأضافت «الوضع لا يبشّر بالانفراج وسط انهيار كبير للإدارة الرسمية، والإنتاجية المحدودة جداً، تارة بسبب إضراب الموّظفين، وهم على حقّ في مطالبهم، وتارة بسبب أمور تقنية؛ مثل انقطاع التيار الكهربائي، وتوّقف النظام الإلكتروني وغير ذلك...».
ورأت أن «الخطر الكبير يكمن في عدم تمكّن المستشفيات من تأمين المستلزمات والأدوية لمرضى غسل الكلى، فبعد اتباع آلية جديدة للتسعير وارتفاع أسعار المستلزمات أكثر من 4 أضعاف، أصبح من الحيوي أولاً تعديل الأسعار لتتناسب مع الوضع الجديد، وكذلك الالتزام بمهلة دفع لا تتعدى الشهر تتماشى مع تلك التي يطلبها المستوردون». وأكدت أن «الأمر يتطلّب جهداً من جميع الهيئات الضامنة لتسديد ما هو مستحق عليها فوراً. وكذلك الالتزام بالأسعار ومهل الدفع خلال الفترة المقبلة، خوفاً من الوصول إلى مرحلة تعجز فيها المستشفيات عن تأمين المواد لزوم غسل الكلى، وهنا الكارثة الكبرى»، ودعت إلى «التنبّه لهذا الموضوع قبل فوات الأوان، وعدم إيصال المستشفيات إلى ما لا قدرة لها على أن تقوم به، مما يضع حياة المرضى في دائرة الخطر المؤكد».
طريقة الدفع: ويقر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب بلال عبد الله بحق المستشفيات في الحصول على مستحقاتها. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المشكلة تكمن في طريقة الدفع في ظل الأزمات التي تعاني منها مؤسسات الدولة، وحيث يعمل حوالي 20 في المائة فقط من الموظفين في الإدارات ما يؤدي إلى تأخير المعاملات». ويشير إلى وجود حوالي 4 آلاف مريض موزعين على المستشفيات في لبنان، وتقدر حصة كل مستشفى ما بين 15 إلى 20 ألف دولار أميركي.
ويوضح عبد الله أنه على تواصل مع هارون ومع وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض الموجود خارج لبنان، لافتاً إلى أنه تعهّد لهارون بمواصلة السعي مع الوزير لإدراج الموضوع على جدول أعمال أول جلسة للحكومة ليتم الاتفاق على أن يدفع 70 في المائة من المبلغ المطلوب لغسل الكلى للمستشفيات مسبقاً، ما من شأنه أن يسقط أي حجة لناحية تأخر الدفع وغير ذلك.
وأصبح معروفاً في لبنان أن المستشفيات لا تعتمد على المستحقات التي تدفعها الجهات الضامنة، والتي اعتادت قبل عام 2019، على الحصول عليها بعد أشهر عدة، بحيث إن الفاتورة الصحية للمرضى في لبنان اليوم أصبحت تدفع بالدولار الأميركي نقداً، أو عبر شركات التأمين التي تحصل بدورها على مستحقاتها بالدولار من المواطنين، حتى أن كثيراً من المرضى الذين لا يملكون تأميناً صحياً خاصاً أو يملكون مبالغ نقدية يفضلون الموت في بيوتهم بدل الذهاب إلى المستشفيات التي تطلب مبالغ طائلة قبل معالجة أي مريض.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|