افرام في معراب: الشرق الأوسط يعيش فجرًا جديدًا وعلينا ألا نطيح الفرصة
رئيس "نوفاتك": "قررنا الانسحاب من لبنان"... فمن يستحوذ على حصة المجموعة الروسية؟
روسيا ستبيع الغاز في جميع أنحاء العالم، والحد الأقصى المقترح على أسعار الغاز الروسي أمر "غبي" وسيؤدي إلى زيادة الأسعار. بنبرة تحدٍّ وخلال كلمته أمام المنتدى الاقتصادي الشرقي في مدينة فلاديفوستوك بأقصى الشرق الروسي، أكد الرئيس فلاديمير بوتين ان بلاده مستعدة للتعاون مع أي دولة في مجال الطاقة. واللافت في كلمة بوتين هو تأكيده على أهمية النمو الذي تحققه الاقتصادات الآسيوية وهي الجهة المقبلة للإستثمارات الروسية.
بحروف واضحة ونبرة قوية قال بوتين ان القوى الصاعدة في آسيا هي المستقبل حيث الاقتصادات الآسيوية تسجل نموا بوتيرة أسرع من نظيرتها الغربية، وروسيا ترى المزيد من الفرص لدخول أسواق في الشرق الأوسط وإيران، ما يفسر إعادة تموضع الاستثمارات الروسية الخارجية ومنها في حوض المتوسط، وتحديدا في لبنان، بعد ايام من انسحاب شركة " نوفاتك" الروسية من كونسورسيوم الشركات المتعهدة الانشطة البترولية في الرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية، ما طرح العديد من التكهنات حول مصير العقود الموقعة واتفاقات الاستكشاف البترولية. وفي اول تصريح رسمي، خرج الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الروسية "نوفاتك" ليونيد ميخلسون خلال المنتدى الاقتصادي في أقصى شرق روسيا، كاشفا ان المجموعة الروسية قررت التخلي عن مشاريع لها في لبنان والجبل الأسود بهدف التركيز على أنشطتها الدولية في منطقة آسيا والمحيط الهادي. وجاء إعلان ميخلسون ردا على سؤال حول ما إذا كانت "نوفاتك" تخطط للانسحاب من المشاريع، إذ قال: "من الجبل الأسود ومن لبنان نعم نعتزم الانسحاب" في ظل ما يصفه المراقبون بالصعوبات في العمليات المالية في الخارج من جراء العقوبات الأميركية والأوروبية المفروضة على روسيا على خلفية الحرب في أوكرانيا والتي طاولت أيضًا أحد كبار المسؤولين في مجموعة "نوفاتك". ففي 22 تشرين الاول المقبل تنتهي مدة الاستكشاف الأولى في كل من الرقعتين 4 و9 في المياه البحرية اللبنانية، الممددة بموجب قوانين تعليق المهل العقدية، وبحلول نهاية هذه المدة تنسحب مجموعة "نوفاتك" من اتفاق الاستخراج والانتاج الموقعة مع لبنان. فإعادة تموضع الاستثمارات الروسية الخارجية، وتحديدا ما يتعلق بالمجموعات النفطية الكبرى يأتي ضمن مساعي موسكو لتعزيز إيراداتها. واستنادا الى بعض التقارير الروسية، حققت روسيا أرباحا كبيرة وربما غير مسبوقة من جراء "حرب الطاقة" التي يشنها الرئيس بوتين حاليا على الغرب لتغطية تكاليف غزو أوكرانيا. ووفقا لمركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف الفنلندي (كريا) فان الكرملين تحصَّل على نحو 162 مليار دولار من مبيعات النفط والغاز والفحم منذ بدء الحرب في أوكرانيا قبل ستة أشهر فيما أنفقت موسكو نحو 99 مليار دولار على الحرب.
تملك الشركة الروسية "نوفاتك" 20% من كل رخصة بترولية في البلوكين 4 و9 بينما تملك "توتال" الفرنسية 40% و"إيني" الإيطالية 40%. وتعود مصادر وزارة الطاقة لتؤكد ان انسحاب "نوفاتك" من اتفاق الإستكشافِ وانتاج الغاز لن يؤثر على أعمال التنقيب، فيما تقول مصادر شركة "توتال" انها لا تزال ملتزمة مضمون العقود مع لبنان وكذلك الامر بالنسبة الى شركة "إيني".
أحكام اتفاقات الاستكشاف والانتاج، وعلى رغم انسحاب أحد أصحاب الحقوق منها، تضمن الإجراءات الآيلة الى المحافظة على الاتفاقين قائمين بين الدولة وصاحبَي الحق الآخرين اي "توتال" و"إيني" بما في ذلك المشغّل (وهو الشركة الفرنسية) الذي سينفذ بحسب مصادر هيئة إدارة قطاع البترول الأنشطة البترولية في الرقعة الرقم 9 وفقًا لخطة الاستكشاف الموافق عليها من قِبل وزير الطاقة بالاستناد الى رأي هيئة البترول. وبعد قرار "نوفاتك" أبلغت شركتا "توتال" و"إيني" السلطات اللبنانية انهما لا تزالان ملتزمتين توقيع الملحقين التعديليين للاتفاقين والمتعلقين بتمديد مدة الاستكشاف الأولى في كلتا الرقعتين (4 و 9)، وفقاً لما تمت المصادقة عليه من قِبل مجلس الوزراء بموجب قراره رقم 21 تاريخ 5 أيار 2022 الصادر بناء على طلب أصحاب الحقوق، وأنه في ما يتعلق بالرقعة الرقم 9 فإن صاحب الحق المشغل وفور نفاذ المستندات القانونية المتعلقة بتمديد مدة الاستكشاف الأولى، سوف يقدم إلى وزير الطاقة والمياه كفالة الالتزام بالحد الأدنى لموجبات العمل تشمل كامل مدة الاستكشاف هذه، عملاً بالقوانين المرعية الإجراء والاتفاق.
والسؤال: بعد انسحاب "نوفاتك" ما هي الخيارات البديلة؟ القانون التأسيسي للنشاط البترولي في لبنان يفرض وجود 3 شركات على الأقل في الكونسورسيوم للتنقيب عن النفط والغاز، وأن تكون إحداها مشغّلة. وبعد انسحاب "نوفاتك" تتجه الانظار الى تحديد مصير نسبة الـ 20% التي كانت ملك المجموعة الروسية المنسحبة. وعلمت "النهار" ان هيئة إدارة قطاع البترول سلمت وزير الطاقة والمياه وليد فياض تقويما شاملا لكل الخيارات الممكنة بعد انسحاب "نوفاتك". فبحسب العقد الموقع مع كونسورسيوم الشركات يجب استبدال "نوفاتك" بطرف ثالث يمكن أن يكون شركة جديدة، كما يمكن أن تحل الدولة اللبنانية محلّها.
الخيارات الممكنة ثلاثة: إما ان تقوم شركتا "توتال" و"إيني" بالاستحواذ على حصة الـ 20% وهي حصة نوفاتك مع دخول الدولة اللبنانية بنسبة 0.01% ضمن التحالف لإعادة تشكيل كونسورسيوم إلتزاما بالقانون اللبناني وضرورة ان يكون التحالف يضم 3 أطراف. وحتى اللحظة لم تتبلغ السلطات اللبنانية اي موقف من الشركتين الفرنسية والايطالية لناحية رغبتهما في شراء الحصة. أما الخيار الثاني فهو ان تدخل الدولة اللبنانية بحصة الـ 20%، لكن هذا الامر صعب للغاية في الظروف المالية الدقيقة التي تمر بها الدولة اللبنانية التي لا قدرة لديها على تحمّل التكاليف. وأما الخيار الثالث فهو رفض "توتال" و"إيني" الاستحواذ على نسبة الـ 20% في ظل عدم قدرة الدولة اللبنانية على الاستحواذ على هذه الحصة، ما يطرح تساؤلات حول مصير التحالف ومسار عمل الشركات، فيما لا تستبعد المصادر إيجاد مسار قانوني يسمح باستدراج عرض جديد لشركة كانت تأهلت ضمن دورة التراخيص الاولى وطابق عرضها دفتر الشروط، ما يطرح تساؤلات حول إمكان توقيع اي عقد مع شركة جديدة من دون العودة الى إجراء مزايدة جديدة. وللموضوع مخارج عدة بانتظار بت مسألة كيفية التعاطي مع هذا الملف في ظل حكومة تصريف اعمال وهل من صلاحيات وزير الطاقة الحسم؟
يعتبر الباحث في مجال الطاقة في معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية في بيروت مارك ايوب ان من الضروري أخذ كل الاسباب التي دفعت "نوفاتك" الى الإنسحاب من لبنان في الاعتبار، ومنها تبعات العقوبات المفروضة على روسيا. بالنسبة الى الشق التجاري، فـ"نوفاتك" شركة خاصة ولها حساباتها التجارية، كما ان بعض شركاء "توتال" هم من الاميركيين، وبالتالي يجب اخذ هذا الموضوع في الاعتبار وانسحاب الشركات الروسية من استثمارات مشتركة مع دولة شاركت في فرض عقوبات على موسكو. ويؤكد أيوب ان لا خطر على المسار القانوني لعمليات الاستكشاف والانتاج من البلوكين 4 و9. أما بالنسبة الى مستقبل التحالف، فيؤكد أيوب ان كل شيء رهن اي عرض يمكن لشركتي "توتال" و"إيني" ان تقدمه للدولة اللبنانية لتحديد مصير نسبة الـ 20% خصوصا ان اتفاق الاستكشاف والاستخراج واضح لناحية آلية التعامل مع انسحاب ايّ من شركات الكونسورسيوم.
بدورها، تشدد عضو الهيئة الاستشارية للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز الخبيرة في شؤون حوكمة الطاقة ديانا القيسي على ضرورة التنبه الى العديد من النقاط المهمة في كيفية التعاطي مع انسحاب شركة "نوفاتك". فبحسب اتفاق الاستكشاف والانتاج الذي وقعه لبنان وتحديدا المواد 4.3 و 34.3، فانه لا يمكن المضي بالاتفاق اذا ما لم يكن الكونسورسيوم مؤلفا من 3 شركات. وعليه لا يعتبر العقد الحالي صالحا اذا لم يتم اختيار بديل من "نوفاتك"، وتعديل العقد الحالي. وتؤكد ضرورة ان يلحظ التعديل إمكان إنضمام شركة من الشركات التي تأهلت في دورة التراخيص الاولى للإستحواذ على حصة "نوفاتك" مع ضرورة ان توافق الحكومة على تعديل الاتفاق، خصوصا ان الدولة اللبنانية غير قادرة على ان تستحوذ على هذه الحصة عبر شركة وطنية لم يتم انشاؤها بعد.
"النهار"- موريس متى
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|