هل بات الهجوم البري محتوماً؟
لملم الجيش الإسرائيلي شتات نفسه بعد أن هب في بادئ الأمر على نحو فوضوي لصدّ هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ويرد بتنفيذ ضربات جوية على الطرق والمباني ومواقع أخرى في غزة مع إرسال تعزيزات ضخمة إلى القطاع.
وتبدو تعبئة الجيش الإسرائيلي وقصفه مألوفين إلى حد يُنذر بالشؤم لكثير من 2.3 مليون نسمة هم سكان قطاع غزة الذي انسحبت منه القوات الإسرائيلية في 2005، إذ يبدوان تمهيداً لاجتياح بري ربما يماثل، إن لم يتخط، توغلي إسرائيل في 2008 و2014.
وقال مصدر أمني إسرائيلي لـ"رويترز" إن الهجوم البري بات الآن محتوماً.
وقال يامن حمد "الناس تخوفت أنه القصف قرب الحدود هو عبارة عن تكتيك بهدف خلق ما يسمي بسياسة الأرض المحروقة قبل أن تتحرك الدبابات للداخل". وحمد والد لأربعة أبناء فروا مع أسرته وآخرين من بيت حانون بالقرب من حدود غزة الشمالية حيث جعلت الحفر الناجمة عن القصف السير على الطرق مستحيلاً وحيث تحوّلت المباني القريبة إلى أنقاض.
وأشارت مصادر أمنية إسرائيلية إلى أن الجيش استغرق 48 ساعة لاستعادة توازنه وصد المتسلّلين وتصفيه مقاتلي حماس من بلدات اجتاحوها يوم السبت في عملية أخذت أقوى جيوش الشرق الأوسط على حين غرة.
قتل مسلحو حماس أكثر من ألف إسرائيلي واحتجزوا العشرات رهائن في تحرك يحتمل أن يعقّد أي رد إسرائيلي، وذلك بالاستعانة بحملة تضليل معلوماتي وبالاعتماد على الدراجات النارية والمظلات ومعدّات أساسية أخرى.
وأشارت أرقام الأمم المتحدة إلى أن حصيلة القتلى جراء الضربات الجوية على غزة بلغت 830 على الأقل أمس الثلثاء، وتحول أكثر من 180 ألفاً إلى مشردين.
وقال مصدر أمني إسرائيلي، طلب عدم ذكر اسمه مثل آخرين، إنه يعتقد بأن الاجتياح البري الإسرائيلي "لا يمكن تفاديه بسبب الثمن الباهظ الذي دفعناه. سيكون هذا بعد الضربات الجوية التي ينفذها سلاح الجو".
"لا يمكنكم الدخول فحسب"
ذكر المصدر أن الهدف هو "إضعاف الطرف الآخر وفي غضون هذا جعْل الأفراد يفرون (من المناطق المكدسة). ويتعلّق الأمر أيضاً بحجم القوة والاستراتيجية وعنصر المفاجأة. لا يمكنكم الدخول فحسب".
وكان تدمير الطرق أسلوباً معتاداً في التمهيد للهجوميين الإسرائيليين البريين السابقين على غزة، بالإضافة إلى تشويش الاتصالات وعرقلة حركة حماس وجماعات مسلّحة أخرى. يقول سكان إنه عند دخول إسرائيل، فإن جرافات قواتها غالباً ما تعبّد مسارات جديدة لتتفادى مركباتها الألغام الأرضية في الطرق الحالية.
لكن إرسال القوات إلى بيئة حضرية مكتظة بالسكان ليس بالخيار السهل، على الرغم من توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو "بانتقام ساحق" ردّاً على حصيلة القتلى الضخمة التي أنزلها مقاتلو حماس بإسرائيل في أسوأ اختراق لدفاعاتها المنيعة منذ حرب تشرين الأول 1973 أمام جيوش عربية.
وقال غيورا إيلاند المستشار السابق للأمن القومي الاسرائيلي إن الضربات الجوية على غزة "بدت مماثلة للغاية للعمليات الإسرائيلية السابقة"، لكن هذه الأساليب لم تردع حماس في الماضي.
وذكر إيلاند أن الهجوم البري قد يكون أكثر فعالية في قتل مسلحي حماس وتدمير سلسلة قيادتهم، لكنه أضاف "ما تزال الحكومة متردّدة في اتّخاذ هذه المبادرة، لأنها قد تنطوي على سقوط قتلى إسرائيليين أكثر بكثير".
في 2008، فقدت إسرائيل تسعة جنود خلال توغلها في غزة. وفي 2014، زاد عدد القتلى إلى 66.
لكن حماس في هذه المرة احتجزت أيضاً العشرات من الرهائن خلال عملية السابع من تشرين الأول، وبعض الرهائن من الجنود وكثير منهم من المدنيين. ويمثل ذلك تحدّياً ضخماً لأمة عقيدتها عدم التخلّي عن أحد. وفي 2011، وافقت إسرائيل على مبادلة المئات من السجناء الفلسطينيين مقابل جندي إسرائيلي وحيد هو جلعاد شاليط الذي ظل محتجزاً خمس سنوات.
"تدفع الثمن"
أوضح طلال عوكل المحلّل المقيم في غزة الذي يكتب لصحيفة الأيام "إسرائيل تعلم مدى حجم الاستعداد لدى فصائل المقاومة وقدرتها على التعامل مع مثل التوغلات البرية"، قائلاً إن إسرائيل ربما تتردّد في شن هجوم بري.
وأضاف "هي تريد أن تدفع غزة الثمن ولكني لا أعتقد أنها جاهزة لدفع أثمان إضافية إذا ما دخلت غزة".
وحتى مع حشد إسرائيل قوات على حدود القطاع وتعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط، لم تقل الحكومة إذا ما كانت سترسل قوات أم لا.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|