من "مجرم حرب" إلى مستشار... قصة نازي أسس "التعذيب" في سوريا!
16 ألف مبنى مهدّد بالسقوط وأين هيئة إدارة الكوارث؟
"النهار"- منال شعيا
هي "القنابل الموقوتة". هي الأبنية المهددة بالانهيار، وعددها بين 16 ألف مبنى و18 ألفاً موزّعة على كل الأراضي اللبنانية.
هو رقم ليس بمقبول مقارنة بمساحة لبنان، ويكشف حجم الخطورة وحجم الإهمال معاً.
هذا ما كشفته "الهيئة اللبنانية للعقارات" في بيان، قبل أيام من حادثة انهيار المبنى الأخير في المنصورية.
ولعلّ وقع الرقم وحده مؤشر الى ما يمكن أن يقبل عليه لبنان، وأبنيته السكنية، إذا استمر الإهمال الرسمي والبلدي على هذا المنوال.
بالطبع، ليس مبنى المنصورية هو الأول، وقد لا يكون الأخير إن لم تفعّل التدابير الوقائية والاحترازية، وخصوصاً أن ثمة عوامل كثيرة تسهم في زيادة خطورة المسألة.
تشرح "الهيئة اللبنانية للعقارات" أنه "وسط العوامل الطبيعية الجديدة الخطرة على الأبنية وسلامتها، أصبح من الضروري الإضاءة عليها أكثر نظراً الى خطورتها وتأثيرها على المباني والإنشاءات، وخصوصاً في لبنان".
حوادث سابقة مماثلة
خطورة المسألة تزداد، حين نعلم أن "الأبنية التي تعود الى ما قبل عام 2005 يفتقر معظمها الى المعايير المعتمدة دولياً"، وفق هيئة العقارات، وأن "تداعيات أزمات الحرب التي مرت على لبنان، وصولاً الى انفجار المرفأ، أسهمت في ارتفاع نسبة خطر الانهيار. هذا من دون أن نغفل أن لبنان يقع على فيلق الزلازل الذي ضرب أخيراً تركيا وسوريا، وانعكست ارتداداته أصلاً على الأراضي اللبنانية".
وأسفت الهيئة "لما يمر به لبنان من أوضاع متردّية وظروف قاهرة أسهمت في زيادة الإهمال لأوضاع الأبنية المهددة بالسقوط في لبنان وأصبحت تُعرف بأبنية القنابل الموقوتة، التي تراوح أعدادها بين 16 ألف مبنى و18 ألفاً، كما أن التأخير في تنظيف الريغارات والمصافي وإزالة الأتربة والنفايات عن المصافي ينعكس سلباً على كل الأبنية".
الخطورة تكبر أيضاً، بالنسبة الى الأبنية التي يتجاوز عمرها 80 عاماً، والتي تكون بالطبع ضمن مناطق شعبية مكتظة بالسكان والأماكن التربوية والدوائر الرسمية.
حوادث انهيار الأبنية عديدة في لبنان. ففي عام 2012، وقعت حادثة كارثية كانت الأولى من نوعها، مع انهيار مبنى سكني قديم في منطقة فسوح، وأدّى يومها إلى سقوط 27 قتيلاً و12 جريحاً.
وقبل عام تقريباً، وفي تشرين الثاني 2022، تُوفيت الطالبة ماغي حمود (16 عاماً) في مدينة طرابلس بسبب انهيار جزئي في سقف صفّها الدراسي، في مدرسة الأميركان في طرابس.
وبالأمس، وقعت حادثة المنصورية، مما يؤكد مرة أخرى أن ملف سلامة الأبنية لا يزال مفتوحاً، وسط غياب التدابير الجدية.
تفنّد "هيئة العقارات" العوامل التي تسهم في ارتفاع نسبة خطورة الأبنية، فإلى جانب العامل الطبيعي وفيلق الزلازل، فإن "التغيّر المناخي والمواد المستخدمة ومعايير التصاميم للأبنية القديمة تتحمّل درجات حرارة معيّنة، ولا شك في أنها تشكل عاملاً إضافياً، إضافة إلى عدم مراعاتها أخطاراً جيولوجية كالزلازل والكوارث الطبيعية الخارجة عن المألوف".
إلا أن العامل الطبيعي لا يقلل من أهمية عوامل أخرى، فلا تخفي هيئة العقارات أن "أعمال الصيانة والترميم والتدعيم شبه غائبة بسبب قوانين الإيجارات القديمة المتلاحقة، وكانت العامل الأكبر في تردّي أوضاع تلك الأبنية أو بسبب تصنيفها التراثي وتقيّد ترميمها بشروط ومعايير باهظة الثمن بقرار من وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار".
كل ذلك يرفع من وتيرة التداعيات السلبية لأي انهيار محتمل لعدد آخر من الأبنية، وخصوصاً أن التدابير السابقة لم تنفع، والأزمة الحالية للبلاد لن تساعد في أي حلول عملية جدية.
إدارة كوارث وحلول؟
بعد كل انهيار لأحد الأبنية السكنية، ترتفع وتيرة المطالبات وتُشكّل لجان. من "لجنة مبنى فسوح" الى اللجان النيابية التي تنشط وتكثف اجتماعاتها وتصدر توصياتها. ثم تخفت القضية وكأن لا أبنية انهارت ولا ضحايا سقطوا.
في المقابل، وبعد وقوع الكارثة، تدخل الهيئة العليا للإغاثة على الخط، وتتفقد الأبنية والمكان المنهار، وتقرّر التعويضات اللازمة أو التي تستطيع تأمينها، ومن ثم لا شيء.
"النهار" اتصلت بالهيئة، ولم توفق برئيسها اللواء محمد خير، فيما اكتفت الأوساط بأن "الهيئة تقوم بكل ما يلزم حالياً في منطقة المنصورية، وهي في الأساس، تعمل وفق الصلاحيات المعطاة لها".
وإن كانت هذه الصلاحيات تتوقف بعد فترة من وقوع الكارثة، ولا تبدأ أصلاً قبلها، فإن السؤال لا يزال يُطرح حول مصير "هيئة إدارة الكوارث". اقتراح القانون هذا لا يزال نائماً في الأدراج، منذ اللحظة التي قدّمه فيها النائب الشهيد بيار الجميّل.
لاحقاً، تابعته قليلاً لجنة الأشغال النيابية برئاسة النائب محمد قباني آنذاك، بعد حصول سيول تسبّبت بطوفانات وأضرار جسيمة في عدد من المناطق اللبنانية وقتها. ومنذ ذلك الحين، تتعدّد الكوارث والقانون لم يبصر النور.
أهمية اقتراح القانون هذا أن الهيئة تشكل جهاز إنذار لأي كوارث مرتقبة، وبالتالي، فإن عملها يبدأ قبل وقوع أي كارثة محتملة لا بعدها... كما يحصل حالياً.
... ويبقى أن قانون الإيجارات المعتمد حالياً يشكل عائقاً أمام مشكلة تهديد الأبنية السكنية، لأن القانون في المباني المؤجرة القديمة يحمّل المالك مسؤولية الترميم، فيما يحرمه القدرة على ذلك بفعل الإيجارات القديمة، فالمادة 133 من قانون البناء تنصّ على أنّ "مالك البناء مسؤول عن الضرر الذي ينشأ عن هبوطه أو تهدّم جانب منه حين يكون سبب هذا الحادث نقصاً في صيانة البناء أو عيباً في بنيانه أو أنه قديم العهد".
أما بالنسبة الى الأبنية غير المستأجرة، فإنه بالرغم من الإنذارات التي توجهها البلديات أحياناً الى بعض الأبنية، فإن آلية العمل أو الصيانة لا تزال تتطلب تعديلاً أو توضيحاً، لأن العائق الحقيقي يبقى من الجهة التي ستتكفل بأعمال الصيانة... وحتى تلك اللحظة، ستبقى أعداد كبيرة من الأبنية في إطار ... "الآيلة الى السقوط"!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|