المقاومة ترسم "شرق أوسط" فلسطين فيه أولاً
كمال ذبيان - الديار
لا تحديد زمني لوقف الحرب الاسرائيلية على غزة، وهي مفتوحة على كل الاحتمالات والتطورات، مع التدخل العسكري الاميركي المباشر، بحضور بارجتين حربيتين، وارسال طائرات محملة بالاسلحة والذخيرة، اضافة الى طلب الرئيس الاميركي جو بايدن مبلغ 106 مليار دولار للحرب في اوكرانيا و "اسرائيل"، التي رفدها بمبلغ فوري 8 مليار دولار، بحيث بدأت الحرب تخرج عن كونها صراعا اسرائيليا ـ فلسطينيا فقط، الى حرب اقليمية، وقد تتحول الى عالمية ثالثة او رابعة، مع تحرك ساحات في محور المقاومة التي تقوده ايران، فاطقلت صواريخ من العراق على مواقع عسكرية اميركية عند الحدود العراقية في منطقة "مرير"، كما وصلت صواريخ يمنية الى مقربة من سفن اميركية في البحر الاحمر، وتقوم المقاومة في لبنان، باعمال عسكرية، رداً على تعديات اسرائيلية عند الحدود، او استهداف مقاومين، فوقفت المنطقة على فوهة بركان تشتعل على مساحة جغرافية، لا يمكن تحديد مساحتها.
فالميدان هو الذي يتقدم، وعلى نتائجه تقوم الحلول، بعد ان تفرّق الوسطاء، وسقطت اميركا من "عالم الانسانية"، كما وصفها انطون سعاده في مقال له في العام 1921، وانهت دورها "كوسيط نزيه" وهو لم يكن، بل هي منحازة الى "اسرائيل"، التي لو لم تنشأ او لم تكن موجودة، لكان يجب قيامها، كما اعلن الرئيس بايدن، في تأكيد على التزام واشنطن "امن اسرائيل"، الذي اعتبره من "امن اميركا"، التي باتت هي من يقود الحرب مع "الدولة العبرية"، وفق وصف مصدر ديبلوماسي مطلع على السياسة الاميركية، وكانت هي وراء دفع "اسرائيل" نحو الحروب لتنفيذ مشاريعها في المنطقة، وقد سميت بـ "المخفر الامامي" للامبريالية الاميركية، حيث يحرّك "اللوبي اليهودي" المؤسسات الاميركية، وفق مصالح "اسرائيل" ايضاً.
من هنا فان لغة الحل السياسي معطلة، وكل ما يُطرح عما يسمى "حل الدولتين" العبرية والفلسطينية، هو حل تخلت عنه واشنطن، التي كانت راعية لما سمي "اتفاقات سلام" من "كامب دايفيد" الى "اوسلو" و"وادي عربة"، فلم تُلزم اسرائيل على فتح الطريق نحو بناء "دولة فلسطينية" على حدود الـ67، ولم تعجّل في المفاوضات النهائية، التي ترتبط بوقف بناء المستوطنات الصهيونية، واعتماد القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، وتنفيذ حق العودة للاجئين الفلسطينيين حيث غيبت اميركا وبالتواطؤ مع الكيان الصهيوني هذه المطالب، التي هي في اساس قيام "دولة فلسطين"، ولو على جزء من الارض ارتضت منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات ان تسلك نهج "التسوية السلمية" والاعتراف بـ "اسرائيل"، لكن انتهى به الامر محاصراً في مقر السلطة الفلسطينية في رام الله ومسموماً، ليؤتى بمحمود عباس رئيساً للسلطة الفلسطينية، بعد اقتياد المناضلين من حركة "فتح" الى السجن او الاغتيال، مع آخرين من فصائل المقاومة، فتم حشر "ابو مازن" الذي علّق المفاوضات مع "اسرائيل" احياناً والتي ارادت من سلطته ان تكون "ادارة بلدية"، و "حرس حدود" لضمان امن الكيان الصهيوني، وفق ما يشير قيادي فلسطيني معارض من قوى التحالف، التي ضمت فصائل رفضت "اتفاق اوسلو" كما نهج الاستسلام، وادى ذلك الى نشوء حركة مقاومة كانت ركيزتها "حماس" و "الجهاد الاسلامي"، ولقيا لهما حاضنا اقليميا هو ايران، التي ساهمت في انشاء "المقاومة الاسلامية" في لبنان (حزب الله) والتي حققت انتصارات على مدى عقدين من الزمن، توجت في التحرير في 25 ايار 2000، فانتقل هذا النموذج الى فلسطين المحتلة، لا سيما في غزة، التي فازت فيها "حماس" بالانتخابات التشريعية عام 2006، واصبح القطاع تحت سلطتها، وخرجت "فتح" منه، ولم تعد السلطة الفلسطينية برئاسة عباس موجودة فيه.
ومع سيطرة "حماس" على غزة، تغير المشهد الفلسطيني، وتقدم العمل المقاوم على "الحل السلمي"، وبدأ "شرق اوسط" مقاوم ينشأ، من ايران الى العراق فسوريا ولبنان وفلسطين ليصل الى اليمن، فما كان مع مؤتمر مدريد للسلام عام 1991 تغير وجاء في ظروف انهيار الاتحاد السوفياتي، واخراج الجيش العراقي من الكويت، وقبول سوريا مع منظمة التحرير والاردن حضور مؤتمر مدريد، وبعد ثلاثة عقود تبدل الوضع وظهر تعدد دولي واتفاقات ومشاريع للسلام، من خارج ما أبرم في اوسلو ووادي عربة فكان اتفاق ابراهاما، ومعه "صفقة القرن" التي صنعها الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب، وحصلت احداث في العالم العربي، ومنها "ثورات الربيع العربي"، فسقطت انظمة، وبقيت اخرى، وحملات سوريا بوجه الحرب الكونية عليها، وحصلت حرب تموز 2006 على لبنان لتنفيذ مشروع "الشرق الاوسط الكبير" الاميركي، وقبله كان الغزو الاميركي للعراق في عام 2003.
كل هذه التطورات خلال عقود، لم تعط حلاً للمسألة الفلسطينية، التي تزداد تعقيداً، لانها لا تحل بدولتين "اسرائيلية" و "فلسطينية"، في ظل فكر "تلمودي ـ ثوراتي"، يعبتر ان "اسرائيل" هي "دولة اليهود"، ولا وجود لفلسطين او شعب موجود عليها، وان الحل عند رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو والمتطرفين مثله، هو في اقتلاع الفلسطينيين من كل ارضهم، وليس من غزة فقط، بل هي المرحلة الاولى في عملية استكمال قيام "الدولة العنصرية"، التي يسكنها فقط "شعب الله المختار"، الموعود من يهوه بـ "ارض الميعاد" بحدودها من "الفرات الى النيل".
وان من يبحث عن حل الدولتين للمسألة الفلسطينية هو من يفتش عن سراب في ظل عقلية يهودية ـ صهيونية، لا ترى وجود شعب آخر، على ارضها، وهذا ما سبّب اغتيال اسحق رابين الذي وقّع اتفاق اوسلو مع ياسر عرفات، وتخلى عن ارض من "اسرائيل" في الضفة الغربية، حيث تم اغتيال حل ما سمي بالدولتين مع مقتل رابين، وتقدم اليمين الديني المتطرف الذي يحكم الكيان الصهيوني.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|