تقرير لـ"Washington Post": ماذا سيحدث لايران إذا هزمت إسرائيل حماس ؟
منذ الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول، تركزت المناقشات حول مدى مسؤولية إيران.
وبحسب تقرير لصحيفة"The Washington Post" الأميركية، "قال مسؤولون أميركيون وإسرائيليون إنه ليس لديهم أي دليل على ضلوع إيران في هجوم حماس، إن كان من ناحية التخطيط أو الموافقة عليه، ولكن هناك شك في أن طهران كانت، على أقل تقدير، مسؤولة أخلاقيا عنه. ووفقا لوزارة الخارجية الأميركية، تقدم إيران 100 مليون دولار سنويا لتمويل الجماعات الفلسطينية، إلى جانب التدريب على التكتيكات العسكرية. ولكن في حين أنه من السهل المطالبة بالتوقف عن "استرضاء" إيران، فمن الأصعب بكثير القول ما ينبغي فعله حيال ذلك، وكما قال الدبلوماسي الأميركي المخضرم آرون ديفيد ميلر لكاتب المقال: "لدينا مشكلة استراتيجية مع إيران، وليس لدينا حل استراتيجي"."
ورأت الصحيفة أن "هذه ليست بالطبع معضلة جديدة، فالأمر مستمر منذ ما يقرب من نصف قرن، تحديداً منذ أن أدت الثورة الإيرانية عام 1979 إلى احتجاز أكثر من 50 رهينة في السفارة الأميركية في طهران. وفي الواقع، مرت أيام على الذكرى الأربعين للهجمات الانتحارية التي شنها حزب الله في 23 تشرين الأول 1983 ضد الثكنات العسكرية الأميركية والفرنسية في بيروت، والتي أسفرت عن مقتل 241 عسكريًا أميركيًا و58 جنديًا فرنسيًا. واللافت، أن إيران ولم تعترف بمسؤوليتها إلا مؤخرًا، على الرغم من أن الاستخبارات الأميركية كان لديها دليل في ذلك الوقت على تورط إيران، ومع ذلك، لم تقم الولايات المتحدة بالانتقام بشكل فعال، بل قامت إدارة رونالد ريغان بمقايضة الأسلحة بالرهائن مع طهران".
وتابعت الصحيفة، "إن هذا النمط لا يزال متبعاً حتى يومنا هذا ويتمثل في السماح إيران برعاية الجماعات المسلحة وبفشل الولايات المتحدة وحلفائها في اكتشاف أي إجراءات مضادة فعالة. ويتم اتباع هذا النمط من قبل رؤساء الجمهورية الديمقراطيين والجمهوريين. فقام الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن بغزو العراق وأفغانستان، ولكن عندما قتل وكلاء إيران حوالى 603 جنديًا أميركيًا في سلسلة من الهجمات في العراق، رفض توسيع الحرب عبر الحدود. من جانبه، درس الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إمكانية قصف إيران في عام 2019 ردًا على إسقاط الأخيرة طائرة مسيّرة أميركية، لكنه قرر عدم القيام بذلك في اللحظة الأخيرة، كما أنه لم يرد عسكريًا على هجوم ضخم دبرته إيران في وقت لاحق من ذلك العام ضد منشآت النفط السعودية".
وأضافت الصحيفة، "في عهد كل من ترامب والرئيس الأميركي جو بايدن، هاجمت القوات المدعومة من إيران بشكل منتظم القواعد الأميركية في العراق وسوريا بالصواريخ وقذائف الهاون والطائرات المسيّرة، وعادةً ما كان الرد الأميركي عبارة عن غارات جوية ضيقة النطاق على المجموعات المدعومة من إيران في سوريا. هذا رد آمن نسبيا ولا يهدد بالتصعيد، ولكنه أيضا لا يثني إيران عن أنشطتها القاتلة والخبيثة. وحتى في تلك المناسبات النادرة التي ردت فيها الولايات المتحدة بشكل مباشر على إيران، أكان في عام 1988 عندما أغرقت القوات الأميركية سفن ومنصات بحرية إيرانية في الخليج العربي أو في عام 2020 عندما قتلت غارة أميركية بطائرة مسيرة في العراق قائد فيلق القدس قاسم سليماني، فقد حرصت على القيام بذلك خارج حدود إيران نفسها".
وسألت الصحيفة، "لماذا لا تقوم الولايات المتحدة ببساطة بقصف إيران؟ فبحسب ضابط كبير سابق في المخابرات الأميركية، "كان كل الرؤساء، من كارتر إلى ترامب وبايدن، عازمين على تجنب حرب تقليدية مع إيران، ليس لأننا لن نفوز، ولكن لأنه ستكون هناك عواقب ثانوية لا يريدها أحد ولا يمكن التنبؤ بها بالكامل"، ومن بين هذه العواقب التهديد المتمثل في قيام الحرس الثوري الإسلامي الإيراني ووكلائه باستخدام الألغام والصواريخ والطائرات المسيّرة والقوارب المعبأة بالمتفجرات لإغلاق مضيق باب المندب ومضيق هرمز، اثنين من أهم الممرات المائية اقتصاديا في العالم. في الحقيقة، من الممكن أن يؤدي انقطاع تدفق التجارة عبر تلك المياه إلى أزمة طاقة عالمية، ويُدخل الولايات المتحدة وأوروبا في حالة ركود".
وبحسب الصحيفة، "تمتلك إيران رادعاً قوياً آخر ضد أي هجوم ويتمثل في الـ 150 ألف صاروخ التي قدمتها إلى حزب الله، وتعلم إسرائيل أنها إذا ضربت إيران مباشرة، فمن المرجح أن يطلق حزب الله الصواريخ عليها. فآخر ما تريده إسرائيل، في الوقت الذي تخوض حربها مع حماس، هو فتح جبهة ثانية في الشمال، حتى ولو دافع بعض المسؤولين الإسرائيليين بتهور عن شن ضربة استباقية على حزب الله بعد السابع من تشرين الأول. إذاً، لقد نجحت إيران فعلياً في ردع الولايات المتحدة وحتى إسرائيل عن خوض الحرب بسبب رعايتها للجماعات المسلحة، أو بسبب برنامجها النووي".
ورأت الصحيفة أن "هذا يجعل الغرب يعتمد على أساليب أخرى لمحاولة مواجهة الحرب التي تشنها طهران بالوكالة، والتي تشمل محاولات البحرية الأميركية اعتراض شحنات الأسلحة الإيرانية، والغارات الجوية الإسرائيلية على شحنات الأسلحة الإيرانية في سوريا، والعمل السري ضد فيلق القدس من قبل كل من إسرائيل والولايات المتحدة، وبالطبع العقوبات ضد إيران. وعلى نطاق أوسع، حاولت الولايات المتحدة بناء تحالف لاحتواء إيران من خلال تعزيز الروابط بين إسرائيل ودول الخليج العربية. ونجحت إدارة ترامب في التوسط في اتفاقيات إبراهيم لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والبحرين والإمارات العربية المتحدة، وكان فريق السياسة الخارجية لبايدن في طريقه لتحقيق تفاهم دبلوماسي مماثل بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية قبل هجوم 7 تشرين الأول".
وبحسب الصحيفة، "لم ينجح أي من هذه الأساليب في إيقاف استراتيجية إيران الذكية بالوكالة، إلا أنه ليس هناك أي بديل أفضل في الأفق. يمكن للعالم أن يأمل أن يقوم الشعب الإيراني بإطاحة الملالي، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أن الحكومة الأميركية لديها أي سلطة لتسريع سقوط النظام الإيراني الذي صمد أمام العديد من الاحتجاجات الشعبية على مر السنين، ما يترك أمام الولايات المتحدة استخدام اداتها المفضلة وهي العقوبات الاقتصادية. والآن، حان الوقت لفرض عقوبات أكثر صرامة لحرمان إيران من الأموال التي تحتاج إليها لتمويل جماعاتها المسلحة. يبدو أن الإدارة أدركت أنه بعد السابع من تشرين الأول، حان الوقت لتبني نهج أكثر صرامة، تحديداً ضد تهريب النفط الإيراني، مع الضغط على الحلفاء العرب في الخليج لزيادة الإنتاج لتعويض أي انخفاض في إمدادات النفط العالمية".
وتابعت الصحيفة، "من غير المؤكد أن العقوبات الأكثر صرامة ستنهي الرعاية الإيرانية للجماعات المسلحة، لكنها على الأقل ستقيّد الموارد المتاحة لهذه الجماعات، ويجب على الولايات المتحدة أيضًا أن تستمر في تعزيز وجودها العسكري في الشرق الأوسط لردع إيران عن توسيع الحرب. ولكن في نهاية المطاف فإن الضربة الأكثر فعالية ضد استراتيجية إيران بالوكالة يمكن أن توجهها قوات الدفاع الإسرائيلية في غزة. إذا تمكن الجيش الإسرائيلي من هزيمة حماس، وهو أمر كبير باعتراف الجميع، فإن ذلك من شأنه أن يحيد الوكيل الرئيسي لإيران في العالم السنّي ويعوق هجومها الإقليمي الأوسع. وعلى العكس من ذلك، إذا احتفظت حماس بقدرتها العسكرية بعد الهجوم الإسرائيلي، فسيكون ذلك بمثابة فوز كبير لإيران و"محور المقاومة" التابع لها".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|