محليات

تمرُّد عون “على النار” بانتظار “الحزب الصامت”

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لا يستطيع أي مراقب موضوعيّ، وهو يتابع ما قاله رئيس الجمهورية ميشال عون في حديثه الصحفي بالأمس، سوى أن يستحضر القول المأثور “من شبَّ على شيء شاب عليه”، مستعيداً مرحلة العام 1988 حين كُلِّف عون برئاسة حكومة عسكرية انتقالية، مهمّتها الأولى، بل ربما الوحيدة، تأمين أفضل الظروف وتهيئتها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وكلنا يذكر ما كان من تمرُّد عون على الشرعية، ورفضه مغادرة قصر بعبدا، وما رافق ذلك من حروب وموت وتهجير وخراب ودمار، وتدمير للدولة ومؤسساتها، وسقوط المناطق الحرة وتسليم البلد على طبق من فضّة للاحتلال السوري، بعدما لم يتم التوافق على انتخابه هو رئيساً للجمهورية.


وما قول عون، إنه “سيترك القصر إذا كان يوماً طبيعياً لا أحد يضمر فيه شراً. لكن إذا شعرت بوقوع مؤامرة، لن أقف مكتوف الأيدي”، وتأكيده أنه “لا يمكن لحكومة تصريف الاعمال تولّي صلاحيات رئيس الجمهورية”، وإصراره “على حكومة مكتملة المواصفات الدستورية، أما بقاؤها بصفتها الحالية ـ وكثيرون يروّجون لها ـ يعني أننا أمام مؤامرة”، مبرِّراً بأنه “إذا تلكَّأتُ سأُتَّهم بالتخلي عن مسؤولياتي الدستورية”، إلا تأكيداً على أن “الطبع يغلب التطبُّع”، وأن الهدف يبقى دائماً السلطة والمواقع والكراسي، ولتذهب مصلحة البلاد والعباد إلى جهنم.


المحلل السياسي علي حمادة، يشدد، في حديث إلى موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، على أنه “لا بدّ أولاً من التذكير بأن الرئيس عون لم يبدِّد يوماً، ولم يحاول يوماً أن يبدِّد، ظلال الشك حول موقفه الضمنيّ والحقيقيّ يوم انتهاء ولايته، لافتاً إلى أنه “حاول، ولا يزال إلى الآن، أن يُبقي حساباته مفتوحة، بالنسبة للاحتمالات التي يمكن أن تحصل ليل 31 تشرين الأول المقبل”.

ويشير حمادة، إلى أن “عون يقول تارةً إنه لن يبقى دقيقة واحدة بعد انتهاء ولايته، وطوراً يقول بأنه لن يسلِّم للفراغ. والآن في موقفه الأخير، وقد لا يكون الأخير وربما تعقبه مواقف أخرى قبل انتهاء الولاية، يلقي ظلال الشك حول رغبته في أن يُنهي ولايته بسلام وسلالة”.


ويعتبر، أن “هذا ليس جديداً على عون، إنما هو مسار عمره أربعة عقود، واللبنانيون يعرفون ذلك”، لافتاً إلى أن “موقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الأخير، كان واضحاً لجهة عدم الرغبة في مغادرة قصر بعبدا بسلام، عندما قال إنه إذا لم تحل حكومة جديدة مكان حكومة تصريف الأعمال الحالية، فإنه سيتعامل معها على أساس أنها مغتصبة للسلطة وغير شرعية، وأن كل الاحتمالات مفتوحة، بما فيها السيناريوهات الشعبوية التي يتم تداولها في أوساط التيار، من قبيل تحريك الشارع واعتصامات وتظاهرات، إلى ما هنالك”.


ويؤكد حمادة، أن “نوايا عون معروفة، فما يريده وبطانته هو كيفية تأمين مستقبلهم السياسي بعد انتهاء الولاية”، مشيراً إلى أن “لديهم شكوكاً ومخاوف كبيرة من مرحلة ما بعد 31 تشرين الأول المقبل. فحتى الآن، يكاد يكون محسوماً أن باسيل لن يكون رئيس الجمهورية المقبل، وهذه إشكالية كبيرة بالنسبة لعون في أن يخسر معركة التوريث. لذلك يقول إنه لن يسكت ولن يكون متفرّجاً بعد 31 تشرين الأول المقبل، أي أنه يريد خوض معركة”.


بالتالي، يضيف حمادة، “نوايا عون معروفة كما أشرنا، وهي دائماً الخروج على الدستور والقانون والتمرّد على الشرعية، والرغبة دائماً في تقديم ما هو مصالح شخصية وعائلية على مصلحة البلد، وهذا أمر بات مفروغاً منه”، لافتاً إلى أن “فشل العهد واضح، واحتمال وصول باسيل إلى رئاسة الجمهورية شبه مستحيل نظراً لسجلّ العهد وتيّاره السيء. بالتالي، السؤال تبعاً لهذا الواقع، كيف يمكن أن يتمرَّد عون؟”.

“هناك حالة واحدة يمكن لعون أن يتمرَّد فيها، ويمكن أن يكون مؤذياً”، وفق حمادة، وهي “إذا تلقَّى دعماً وحمايةً من حزب الله بشكل أو بآخر”. ويشدد، على أن “الجيش اللبناني لن يسير في ركاب عون”، كاشفاً عن أن “هناك احتمالاً لإجراء تغييرات في الأيام القليلة الأخيرة قبل انتهاء ولاية عون على صعيد قيادة الحرس الجمهوري، وهذا قرار تتّخذه قيادة الجيش ولا يرتبط برئيس الجمهورية”.

ويشدد حمادة، على أن “الجيش ليس بوارد السماح، أو التساهل إزاء أي محاولة للإخلال بالأمن والشرعية. لكن السؤال هو أن هناك قوة أمر واقع اسمها حزب الله يمكن أن تبدِّل في الحسابات، إذ يمكن أن يؤمِّن الحزب حماية لعون ولأي محاولة تمرُّد باستخدام الشارع. بالتالي ندخل في معمة صراع على الشرعية والدستور وموقع رئاسة الجمهورية وعلى الحكومة، بما يزيد من مشاكل البلد أضعافاً مضاعفة”.

ويلفت المحلل السياسي ذاته، إلى أن “حزب الله صامت، حتى الآن، لكن قد تكون له مصلحة في نشوب هذا الصراع حول رئاسة الجمهورية، لأنه لا يخسر فيه بل يربح”، موضحاً أنه “كلّما ضعفت المؤسسات والرئاسات وانهارت الشرعية في لبنان، وتلاشت وتحلَّلت الدولة ومؤسساتها وشرعيتها، تزداد قوة حزب الله من الناحية الأخرى. بالتالي، تبقى الخشية من موقف الحزب الذي يمكن أن يؤثر على هذا الصعيد، إذ يمكن أن يؤمِّن حماية لتمرُّد عون المضمر”.

ويؤكد حمادة، أنه “مع عون كل شيء ممكن الحصول، لناحية التمرُّد على الشرعية والدستور والقانون، وكل الاحتمالات واردة، لا سيما أن عون يمكن أن يفجِّر أزمة ويستغلّها حزب الله، وتصبح أزمة مديدة بأفق مفتوح على مزيد من الانهيارات وتحلُّل الدولة أكثر فأكثر”.

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا