مواقف دول الخليج من حرب غزة: مصالح أم تواطؤ أم سلام؟!
"درج": عبير محسن – صحافية يمنية
الشعوب العربية لم تتقبل هذه المواقف “الضعيفة والمتواطئة كلياً” مع إسرائيل، حتى وإن تم إظهارها على أنها محاولات لمنع العنف في منطقة الشرق الأوسط وإحلال السلام. هذه الدول كافة متورطة بالأساس في المساهمة في أعمال عنف أو/و جرائم ضد الإنسانية في عدد من الدول العربية مثل اليمن، سوريا، مصر، ليبيا وغيرها.
اتّسم الشرق الأوسط بجغرافيا سياسية معقدة، وصراعات تاريخية، وتحالفات متغيرة. على مدى العقد الماضي، استحوذت التغييرات المهمة في العلاقات بين اللاعبين الرئيسيين في الشرق الأوسط، على اهتمام عالمي. وعلى وجه الخصوص، كانت قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في طليعة السياسة الإقليمية، وتمثل علاقاتها المتطورة مع إسرائيل فصلاً تحولياً في المشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط.
قطر ودور الوساطة
تبنت قطر باستمرار، نهجاً استباقياً في السياسة الخارجية، يتميز بالتوسط في النزاعات، ودعم الجهود الإنسانية، ومناصرة الحلول الدبلوماسية. وفي سياق إسرائيل، حافظت قطر على مشاركة ملحوظة.
تربط قطر بحماس علاقة وثيقة. كما جرت العادة، فهي تمول وتدعم الحركات الإسلامية القريبة من سياستها في المنطقة بل وفي أوروبا. وتقدم دعماً سياسياً ومساعدات مالية لحماس، كما أنها تبثّ تغطيات خاصة لتطورات الأحداث على قنوات إعلامية ممولة من حكومتها فيما صنفت أميركا حماس على أنها منظمة إرهابية. ورغم أن هذه العلاقة محط جدال إلا أن تفسير رئيس الوزراء القطري استضافة قادة من حماس في قطر والمكتب السياسي الخاص بهم، بعدما واجه مطالب بقطع علاقته بها إثر عملية طوفان الأقصى التي بدأت في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، جاء كالتالي: “إن الهدف من المكتب السياسي لحركة حماس، هو أن يكون قناة للتواصل ووسيلة لإحلال السلام في المنطقة، وليس التحريض على أي حرب”، وذلك في مؤتمر صحافي أميركي – قطري في 14 تشرين الأول. إلا أن قطر تلعب حالياً، دور الوسيط للوصول إلى انفراجة بعدما تعقد المشهد في غزة.
هذه ليست المرة الأولى التي تلعب فيها قطر هذا الدور، فقد كان محمد العمادي، مبعوث قطر إلى غزة ورئيس لجنة إعادة إعمار غزة، منذ عام 2012، نقطة اتصال رئيسية بين إسرائيل وحماس. يقول العمادي إن رسالته المستمرة كانت إقناع الجانبين بالموافقة على وقف إطلاق نار طويل الأمد، حتى لو كان لمدة خمس إلى عشر سنوات، يتضمن رفع إسرائيل حصارها عن غزة.
أميركا أيضاً تعلم أن دور قطر مهم في الوساطة، التي أدت إلى إطلاق سراح رهينتين أميركيتين. مع ذلك، طلب وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن من الحكومة القطرية تغيير موقفها العلني تجاه حماس وتخفيف تغطية قناة الجزيرة الممولة من الحكومة القطرية لما يحدث في غزة، والتي اعتبر أنها “مليئة بالتحريض ضد إسرائيل” .
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، ليئور حياة، لصحيفة جيروزاليم بوست: “الحكومة ستعمل على شيء ما. وتقودها وزارة الاتصالات ووزارة الدفاع. الفكرة هي أنهم إذا تجاوزوا الحدود في مساعدة حماس، فيمكننا إغلاق القناة بكاملها“.
جدير بالذكر، أن قطر فتحت اتصالات جزئية مع إسرائيل عام 1996 بعدما أطاح الأمير السابق حمد بن خليفة آل ثاني بوالده لإظهار المزيد من الانفتاح على الغرب. كما سمح الأمير للمسؤولين الإسرائيليين ببث قناة الجزيرة، وهي السابقة الأولى من نوعها لأي وسيلة إعلامية عربية.
في مداخلة لوزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، الذي استغل منصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في نيويورك، قال إن قطر”تمول وتأوي حماس”. وفي محاولة لتصحيح الوضع، كتب وزير الدفاع الإسرائيلي تساحي هنغبي تغريدة جاء فيها: “يسعدني أن أقول إن قطر أصبحت طرفاً أساسياً وصاحب مصلحة في تسهيل الحلول الإنسانية. الجهود الدبلوماسية التي تبذلها قطر حاسمة في هذا الوقت”.
وفق صحيفة الغارديان، فإن قطر تواجه أعظم اختبار لها. وإذا تمكنت من تأمين إطلاق سراح الرهائن والأسرى كافة في غزة، مقابل ثمن تكون إسرائيل مستعدة لدفعه، فإن نجمها سيكون في صعود. ومع ذلك، لا يمكن التعامل مع مصير الرهائن والأسرى على أنه قائم بذاته. وباعتبارها مدافعة عن القضية الفلسطينية، تدرك الدوحة أنه بمجرد إطلاق سراح الرهائن والأسرى، فإن غزة ستصبح مفتوحة لهجوم بري إسرائيلي. وعلى نحو مماثل، إذا انهارت المفاوضات بشأن الرهائن والأسرى، فإن ادعائها بأنها آوت الجناح السياسي لحركة حماس في الدوحة لمدة عشر سنوات للحفاظ على النفوذ وخطوط الاتصال، سيبدو ضعيفاً.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|