الزعامة والرئاسة وكلفة العهد والداماد
الجنرال ميشال عون خاض كل المعارك الصعبة التي كرّسته زعيماً على طريق حلمه الرئاسي. وليس قليلاً ما مر به وما فعله على مدى سنوات طويلة ليصبح رئيساً للجمهورية. ولا ما استنزف به عهده من أجل عهد يصعب أن يأتي لوريثه وصهره جبران باسيل الذي فتح معارك مع الجميع بإستثناء "حزب الله" ويشكو خصومه من لعبه لدور "الرئيس الرديف". فاللعبة تثير كثيراً من الحساسيات، وإن كان عون هو الذي يديرها ويسخر من الذين يتصورون أن تلميذه فاتح على حسابه. والكل يعرف أن صهر السلطان العثماني الذي يسمى "الداماد" يمكن أن يمارس نفوذاً في القصر، لكنه لا يمكن أن يصبح سلطاناً. والذين يسألون اليوم عن كلفة العهد على لبنان واللبنانيين بمن فيهم المتحمسون له، يسألون أولاً عن كلفة الداماد على العهد والبلد.
ذلك أن لبنان يقترب من نهاية عهد مخيفة، من حيث بدت البداية واعدة. عهد الوعد بالإصلاح والتغيير والحرب على الفساد ينتهي بشعار "ما خلّونا". وعلى ساعة العهد جرى دفع لبنان الى "جهنم"، بصرف النظر عن مدى مسؤوليته. فليس في قاموس المسؤولية سياسة اسمها "ما خلّونا" بل موقف اسمه الإستقالة وفضح اللعبة واللاعبين بالوقائع والوثائق. ثم ماذا فعل العهد حين "خلّوه" في بعض الأمور؟ تسابق مع أركان السلطة على توظيف الأنصار في الإدارة. وافق على التمديد لحاكم مصرف لبنان الذي أدار أكبر عملية سطو على ودائع الناس. ورفع مظلة حماية شرعية فوق سلاح "حزب الله"ودوره الإقليمي وخطابه الهجومي على العرب والغرب، بحيث وصل العهد الى عزلة عربية ودولية.
وليس أمراً بسيطاً ترك اللبنانيين حائرين حيال سؤال يجب ألا يكون له مكان: هل يترك الرئيس عون القصر في منتصف ليل 31 تشرين أول، أم يكرر ما فعله أيام رئاسته للحكومة العسكرية بحجة الرفض لملء الشغور بالفراغ والرد بـ"فوضى دستورية على فوضى دستورية"، كما أعلن جبران باسيل؟ هل نحن على الطريق الى تأليف حكومة وإنتخاب رئيس أم أن الشعار هو: وراثة الرئاسة أو الفوضى؟
السوابق معبرة. حين رفض النواب المجتمعون في الطائف ورعاته العرب والأميركيون عام 1989مطلب الجنرال عون إضافة "فاصلة" الى الطائف هي عملياً إنتخابه رئيساً، حل المجلس النيابي لمنع إنتخاب رئيس سواه من دون تأثير في قرار المجلس، ثم شن "حرب الإلغاء" بعد "حرب التحرير". وعندما طلب منه بعد سنوات المسؤول في الخارجية الأميركية ديفيد ولش الإتفاق على رئيس، وفهم أن الرئيس سيكون سواه، سارع الى توقيع "تفاهم مار مخايل" مع السيد حسن نصرالله. فهل يقتنع حالياً بأن الزعامة أعلى مرتبة من الرئاسة؟
كان الجنرال عون يقول إن المسألة بالنسبة إليه ليست الرئاسة بل الجمهورية. والخطر اليوم على الجمهورية مهما يحصل في موضوع الرئاسة. والأخطر هو أن يصح فينا قول بول فاليري: "السياسة تقوم على لامبالاة أصحاب العلاقة، ولولاها لما كانت السياسة ممكنة".
رفيق خوري - "نداء الوطن"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|