تقرير لـ"Financial Times": هل حققت إسرائيل أهدافها الحربية في غزة؟
تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتحقيق أمرين عندما شن غزواً برياً على غزة رداً على هجوم حماس في السابع من تشرين الأول على إسرائيل. الأمر الأول، القضاء على الحركة، أما الأمر الثاني فتحرير الرهائن الـ 240 الذين أسرهم مقاتلوها في جنوب البلاد.
وبحسب صحيفة "The Telegraph" البريطانية، "حتى عندما بدأت إسرائيل تتقدم ببطء نحو أحد هذه الأهداف هذا الأسبوع والمتمثل بالتوصل إلى اتفاق مع حماس لإطلاق سراح 50 رهينة مقابل هدنة لمدة أربعة أيام و150 سجينًا فلسطينيًا محتجزين في إسرائيل، أصر نتنياهو على أن القتال لم يتوقف. وقال قبل اجتماع للموافقة على الصفقة: "دعوني أوضح: نحن في حالة حرب، وسنواصل الحرب". وكان موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي يهدف جزئيا إلى تهدئة المتشددين الذين يعارضون بشدة تقديم أي تنازلات لحماس، ولكنه أكد أيضاً أنه حتى بعد ستة أسابيع من القتال، فإن إسرائيل لا تزال بعيدة كل البعد عن تحقيق أهدافها العسكرية".
وتابعت الصحيفة، "قال جان لو سمعان، الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة إنه "من العدل أن نفترض أن القوة النارية والبنية التحتية لحماس قد تدهورت بشكل كبير، أكثر بكثير مما كانت عليه في خلال أي حملة إسرائيلية سابقة". وأضاف: "ولكن لأن الهدف كان التدمير الكامل للحركة، بما في ذلك قيادتها، فإن الحملة بعيدة كل البعد عن تحقيق ذلك". وردت إسرائيل على هجوم حماس بقصف غزة لمدة ثلاثة أسابيع، قبل إرسال قوات إلى شمال القطاع الذي يعاني سكانه من فقر مدقع في 27 تشرين الأول. وفي الأسابيع التي تلت ذلك، وسع الجيش الإسرائيلي تدريجيا سيطرته على شمال القطاع وحاصر مركز الأنشطة السياسية والعسكرية لحماس في مدينة غزة".
وأضافت الصحيفة، "قال مسؤول عسكري إسرائيلي كبير إن الهجوم "ألحق أضرارا بالغة" بعشر من كتائب حماس البالغ عددها 24، والتي كان قوام كل منها قبل الحرب نحو ألف جندي ،من بينهم ما يقرب من 1000 من المسلحين الذين قتلوا في إسرائيل بعد أن شنت حماس هجومها. يقدّر المسؤولون الإسرائيليون أن 5000 من مقاتلي حماس الذين يبلغ عددهم حوالي 25000 قد قتلوا حتى الآن. كما كان للغزو تأثير كبير على قدرة حماس على إطلاق الصواريخ على إسرائيل. ففي الأيام الأولى للحرب، كانت حماس تشن بانتظام هجمات ضخمة على مدن مثل تل أبيب وعسقلان والمناطق الحدودية المحيطة بغزة. ولكن مع اجتياح الجيش الإسرائيلي لمواقع إطلاق حرجة في شمال القطاع، أصبح إطلاق النار أقل دقة".
وبحسب الصحيفة، "قال زفيكا حايموفيتش، القائد السابق لقوات الدفاع الجوي الإسرائيلية: "كان مركز ثقل قدرات حماس على إطلاق الصواريخ هو منطقة مدينة غزة الكبرى". وأضاف: "اليوم نتحدث عن إطلاق أربعة أو خمسة صواريخ كل ثلاثة أيام. في الأسبوعين الأولين، كان هناك قصف كل أربع أو خمس ساعات. إنه فرق كبير". وهناك نقطة محورية أخرى وهي مستشفى الشفاء، الذي تزعم إسرائيل منذ فترة طويلة أنه يقع فوق الأنفاق التي تضم مراكز قيادة حماس. وداهمت القوات الإسرائيلية المنشأة وأمضت أياما في تمشيط مبانيها، لكن لا يزال من غير الواضح مقدار الأدلة التي تثبت استخدام حماس للمستشفى الذي اكتشفوه. وفي الأسبوع الماضي، نشرت إسرائيل صورا لنفق في الموقع، بالإضافة إلى مقاطع فيديو لكاميرات أمنية قالت إنها أظهرت مقاتلي حماس وهم يحضرون رهينتين إلى المستشفى، إلا أن حماس نفت استخدام المستشفى لأغراض عسكرية".
وتابعت الصحيفة، "يقول مسؤولون سابقون إن التقدم الإسرائيلي أدى إلى توفير معلومات استخباراتية أفضل عن شبكة أنفاق حماس في غزة، ومسارات للتقدم بشكل أعمق في القطاع. وقال أمير أفيفي، النائب السابق لقائد فرقة غزة بالجيش الإسرائيلي: "الدفاع ضد قوة قادمة من طرق جديدة غير تلك المتوقعة سيكون صعبا على حماس". أما بالنسبة لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، فالتكلفة كانت مدمرة. فقد أدى الهجوم الإسرائيلي إلى مقتل ما يقرب من 13 ألف شخص، من بينهم أكثر من 5300 طفل، وفقًا لمسؤولي الصحة المحليين، بينما نزح 1.7 مليون شخص. كما وأصبح جزء كبير من الشمال غير صالح للسكن، مع تضرر ما لا يقل عن 50 ألف مبنى، وانهيار النظام الطبي، في حين أن القيود التي فرضتها إسرائيل على إمدادات الوقود والغذاء والمياه إلى القطاع دفعت منظمات الإغاثة إلى إعلان كارثة إنسانية".
وتابعت الصحيفة، "ولكن على الرغم من الغضب الذي أثاره الدمار في كل أنحاء العالم العربي، فإن الهجوم لم يدفع بعد جماعات أخرى مثل حزب الله إلى دخول القتال، وهو الأمر الذي كان القادة الإسرائيليون والأميركيون، الذين أرسلوا حاملتي طائرات إلى المنطقة، يائسون لتجنبه. وقال سمعان: "أعتقد أنه على الرغم من المخاوف الأولية، فإن عنصر الردع هذا تجاه حزب الله أو إيران لا يزال سائداً". وعلى الرغم من كل المكاسب العسكرية التي حققتها إسرائيل في شمال غزة، يعترف المسؤولون الإسرائيليون بأنهم إذا أرادوا تحقيق هدف هزيمة حماس، فإن المرحلة التالية من القتال يجب أن تشمل التقدم إلى جنوب القطاع. وقد بدأت القوات الإسرائيلية بالفعل الاستعداد لمثل هذه الخطوة، وبدأ المسؤولون في تحذير سكان خان يونس بضرورة الفرار نحو ما قالوا إنها ستكون "منطقة آمنة" في منطقة المواصي، التي تبلغ مساحتها 14 كيلومترا مربعا وتقع جنوب غرب الإقليم".
وأضافت الصحيفة، "رفضت جماعات الإغاثة فكرة وضع مئات الآلاف من الأشخاص في مثل هذه المساحة الصغيرة باعتبارها أمرا غير قابل للتحقيق، لكن المسؤولين الإسرائيليين يصرون على أنه لا توجد طريقة أخرى لهزيمة حماس، حيث يُعتقد أن كبار قادتها في غزة، مثل يحيى السنوار ومحمد ضيف، يختبئون هناك، ولأن حماس أعادت أيضًا نشر العديد من المقاتلين من الشمال إلى الجنوب. وقال مايكل ميلشتاين، مسؤول استخباراتي سابق في الجيش الإسرائيلي: "أنا متأكد تمامًا من أن المئات، إن لم يكن الآلاف، من أعضاء حماس الذين ينحدرون أصلاً من الجزء الشمالي من غزة موجودون الآن في الجنوب". وأضاف: "وبالطبع، قاموا أيضًا بنقل أسلحتهم وصواريخهم معهم إلى الجنوب"."
ورأت الصحيفة أنه "سوف تكون السيطرة على الجنوب ضرورية أيضاً إذا كان لإسرائيل أن تتاح لها أي فرصة لتدمير شبكة أنفاق حماس، التي تعمل كملجأ حاسم لمقاتليها، فضلاً عن كونها مخزناً للأسلحة، لكن يُعتقد أيضًا أن الأنفاق هي المكان الذي يُحتجز فيه العديد من الرهائن، الأمر الذي سيجعل القرارات المتعلقة بكيفية التعامل معهم حساسة للغاية. ولكن حتى لو نجحت إسرائيل في تلك المهام، يقول المحللون إن عدم وجود خطة واضحة لكيفية إدارة غزة إذا تمت الإطاحة بحماس يعني أن القوات الإسرائيلية قد ينتهي بها الأمر إلى الانتشار في القطاع بعد فترة طويلة من انتهاء القتال، مع مجموعة من الأهداف المتطورة باستمرار".
وختمت الصحيفة، "ويبقى السؤال الأكبر هو ما إذا كان من الممكن تدمير المجموعة التي كانت متجذرة بعمق في القطاع لمدة 16 عامًا والتي تمثل أيديولوجية بقدر ما تمثل كيانًا سياسيًا وعسكريًا".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|