"بري وأجندته الرئاسية"... هل يشهد 9 كانون الثاني تحولًا حاسمًا؟
النيابة العامة التمييزية... بقوة القانون لدكروب!
يبدو أنّ توالي شغور المراكز الأساسيّة في السلطة، صار قدراً يلازم اللبنانيين، كما صار التسليم بإطالة أمد تصريف الأعمال بحكومة تعدّ مستقيلة، معياراً لما تبقّى من شرعيّةٍ «صوريّة» لمؤسّسات الدولة المتهالكة؛ التي تنتظر بدورها مآل المفاوضات المرتبطة بإنهاء حرب غزة من جهة، وإعادة رسم حدود القوى الإقليميّة ونفوذها، من جهة أخرى. وهذا ما سينعكس بطبيعة الحال على لبنان، ويساهم في تحرير رئاسة الجمهورية من قبضة التعادل البرلماني السلبي، ويشكّل مقدّمة لحلّ متكامل يعيد الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستوريّة.
وإلى أن تدقّ تلك الساعة، تنشط المداولات والاجتهادات لتحديد هوية رأس النيابات العامة في لبنان، وذلك مع بلوغ النائب العام التمييزي غسان عويدات السنّ القانونية في 21 شباط 2024. وخلافاً لجميع المواقع التي تدار بالإنابة، يترك مركز النائب العام التمييزي أثراً مباشراً على المواطنين والمتداعين، قبل أن يشرع الطريق على سلسلة تساؤلات مرتبطة حكماً بشخص النائب العام التمييزي غسان عويدات، ومآل صراع السلطة والنفوذ داخل الجسم القضائي الذي تجلّى بالادّعاء المتبادل بينه وبين المحقّق العدلي في تفجير المرفأ القاضي طارق البيطار.
وإذا كان النزاع القضائي الناجم عن القرارات التي اتّخذها عويدات في حقّ الموقوفين في ملف المرفأ وصولاً إلى ادّعائه على البيطار، ينتظر من القاضي حبيب رزق الله أن يبتّه، إلّا أنّ ادّعاء البيطار على عويدات في ملف المرفأ لن يسقط وسيلاحقه حتى أعتاب منزله، وذلك بعدما أصبحت الضابطة العدليّة ملزمة بتبليغ الاستنابات الصادرة عن المحقّق العدلي مع إبطال مجلس شورى الدولة برئاسة القاضي فادي الياس وتقرير القاضي كارل عيتاني، قرار وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي بالامتناع عن تبليغ السياسيين بجلسات الاستجواب في ملف انفجار المرفأ.
وأمام الدور الجوهري للنيابة العامة التمييزية في خضمّ الملفات القضائيّة المرتبطة بمصير التحقيق في تفجير مرفأ بيروت، وملفات الفساد وهدر المال العام، وصولاً إلى تلك المرتبطة بالمصارف، وتعقّب حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، يجهد المسؤولون في السلطة للإبقاء على هذا المركز في كنفهم. ولهذا السبب، بدأ التداول الجدّي في أروقة العدليّة بأكثر من مخرج لهذا الاستحقاق، كما للأسماء المخوّلة تولّي المنصب، وسط مروحة خيارات تعود في الدرجة الأولى إلى الحكومة، إذا ما قررت فتح باب التعيينات عبر قيادة الجيش بعد إغفالها حاكمية المصرف المركزي والمديرية العامة للأمن العام.
وإذا كان قانون النقد والتسليف ينيط حكماً بنائب الحاكم الأول تولّي مهمات حاكميّة المصرف المركزي، كما أنّ قانون المديريّة العامة للأمن العام يجيز لوزير الداخليّة إنابة الضابط الأعلى رتبة على رأس المديريّة، فإنّ إنابة الأعلى درجة بين القضاة، لا تنطبق على النيابة العامة التمييزيّة، بينما قيادة الجيش أناط القانون برئيس الأركان الحلول مكان قائد الجيش، كما لوزير الدفاع سلطة اقتراح بديل على مجلس الوزراء من أجل تعيينه في هذا المنصب.
ويوضح النائب العام التمييزي السابق حاتم ماضي لـ»نداء الوطن»، أنّ دور وزير العدل يقتصر على إبلاغ مجلس الوزراء باقتراب شغور هذا المركز ووجوب تعيين المدعي العام التمييزي، وأنّ اقتراحه الأسماء لتولي هذا المركز لا يلزم مجلس الوزراء الذي يعود إليه اختيار القاضي المناسب للموقع على أن يصدر قرار التعيين بمرسوم جمهوري بناءً على قرار مجلس الوزراء.
ووسط مروحة الخيارات وتعارض مسارها في ظل الجمود السياسي القائم، تتراوح المداولات بين إمكانية قيام رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود بانتداب قاضٍ من محكمة التمييز لهذا المنصب، مروراً بالحديث عن حتميّة تولّي القاضي الأعلى درجة هذا الموقع، وصولاً إلى إمكانية اقتراح وزير العدل تعيين بديل في مجلس الوزراء، وهو خيار مستبعد لانسجام وزير العدل القاضي هنري الخوري مع موقف وزراء «التيار الوطني الحر» بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء.
وفي هذا السياق، يلفت النائب العام التمييزي السابق حاتم ماضي إلى أنّ قانون التنظيم القضائي ينيط بالأعلى رتبةً، بين المعاونين للمدعي العام التمييزي من المحامين العامين التمييزيين حصراً، أن يحلّ مكان الرئيس عويدات بقوة القانون، في اليوم التالي لخروجه من العدليّة من دون الحاجة إلى أيّ إجراءات أو مراسيم، إذا لم يعمد مجلس الوزراء إلى تعيين خلف له وفق الأصول المرعية الإجراء.
وفي ظلّ ضياع مشروع التشكيلات القضائيّة الأخير بين المناكفات التحاصصيّة، فإنّ الأعلى درجة بين من تبّقى في السلك القضائي من المحامين العامين التمييزيين وفق التشكيلات القضائية الصادرة عام 2017، يكون مؤهّلاً لتولي مهمة النائب العام التمييزي. وإذا ارتأى من تنطبق عليه الشروط لأي سبب كان الاعتذار، يحلّ القاضي الذي يخلفه تراتبيّة في هذا المركز، وذلك خلافاً لما يحصل في المصرف المركزي الذي حصر خلافة الحاكم بالنائب الأول حكماً، ولم يترك مجالاً للنوّاب الآخرين لتبوّؤ الحاكمية في حال تنحّي أو اعتذار النائب الأول عن تسلّم الحاكمية.
ومع إحالة القاضية جوسلين تابت والقاضي عماد قبلان على التقاعد في تموز 2023، فإنّ الأعلى درجة بين المحامين التمييزيين المخوّلين خلافة عويدات، هم القضاة: ندى دكروب، صبوح الحاج سليمان، وائل الحسن، اميلي ميرنا كلاس، كارلا قسيس (سبق وقدّمت استقالتها فرفضت)، وإلى جانب هؤلاء المحامين العامين بالانتداب، القضاة: ماري أبو مراد، عماد سعيد وغسان خوري.
واللافت، غياب اسم المدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم من بين القضاة المعاونين للمدعي العام التمييزي، بعد أن تقدّم الحديث عن مساعٍ سياسيّة لانتدابه لخلافة عويدات (وفقاً لقاعدة أنّ النيابة العامة المالية هي جزء من النيابة العامة التمييزية)، نظراً لتقدّمه في الدرجات القضائية على القاضية ندى دكروب زوجة مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي. لكن هذا الحديث يخالف قانون تنظيم القضاء العدلي.
طوني كرم-نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|