دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
لماذا أخرجت دول كبرى الـ1701 من "كوما" 17 سنة؟
قبل الجواب عن السؤال أو الأسئلة التي طرحها "الموقف هذا النهار" يوم أمس: هل تهاجم إسرائيل لبنان عسكرياً بذريعة أن "حزب الله" هو الذي فتح حرباً عليها تضامناً مع "حماس" بعد بدئها الرد العسكري البالغ القسوة على عملية "طوفان الأقصى" التي نفّذتها في الغلاف الإسرائيلي لغزة، لا بد من الإشارة الى أمور عدة أبرزها أن "حزب الله" صاحب القوة العسكرية الأكبر والأقوى والأفعل والأكثر تنظيماً في البلاد حتى من مؤسساتها العسكرية والأمنية مع الاحترام التام لها خرق بعمله أموراً عدة. منها التزامه النظري لا الفعلي ولا العملي قرار مجلس الأمن الرقم 1701 الذي أنهى حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، وذلك رغم قبول الحكومة اللبنانية إيّاه في حينه.
يعرف الجميع أن "حزب الله" وحلفاءه كانوا ممثلين فيها، إذ لم يكتفِ بالامتناع عن تنفيذه بخروج قواته من منطقة عمليات القوات الدولية – اليونيفيل التي حدّدها القرار المذكور بل جعلها ساحةً له أقام فيها قواعده العسكرية غير الظاهرة كثيراً للعيان وجعلها منطقة عملياته أو بالأحرى منطقة الاستعداد لتنفيذ عملياته إذا قرّرت إسرائيل شنّ هجوم عسكري على لبنان. وهو استفاد للنجاح في تنفيذ ذلك كله من أمور عدة أبرزها الانقسام الحاد في الداخل اللبناني ونجاحه في الإمساك بمفاصل كثيرة للدولة اللبنانية والانهيار التدريجي لها من جرّاء الانقسام العميق لشعبها واختلاف طوائفه ومذاهبه وقبائله على تاريخ البلاد والدولة وعلى حاضرها ومستقبلها ورفضها تنفيذ اتفاقات الطائف على "علّاته"، علماً بأن السلطة كانت في يد منفّذيه اللبنانيين ورُعاتهم السوريين في حينه والانحلال العملي والفعلي للدولة ومؤسساتها رغم استمرارها شكلاً وتحوّلها دولة فاشلة.
استفاد أيضاً من تحوّله القوة العسكرية الأكبر في البلاد بعد الحرب "الناجحة" التي خاضها في سوريا دفاعاً عن رئيسها بشار الأسد ونظامه بمساعدة من إيران الإسلامية وهو ابنها، والتي حوّلت تنظيمه العسكري أو ميليشياه كما يسمّيها أعداؤه اللبنانيون جيشاً كبيراً وقوياً قادراً على خوض حرب نظامية بجدارة وعلى خوض "حرب عصابات" أو ثورات مسلحة كما تُسمّى بجدارة أيضاً.
استفاد ثالثاً من اعتماد إيران عليه في الدول التي صارت تدور في فلكها رسمياً كما في الدول التي ساعد أقساماً من شعوبها في ثوراتهم الداخلية وحقّق نجاحاً باهراً في جعلها على صورته ومثاله. ظهر ذلك واضحاً في مبادرتها الى مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة من بعيد بواسطة الصواريخ البعيدة المدى وجيش الثانية في مواقعه القريبة منها بصواريخ ومسيّرات ذات مدى أقصر.
استفاد رابعاً من أمرٍ هو التاريخ "العاطل" للأمم المتحدة في تطبيق قراراتها الدولية حتى المُلزمة منها أي الصادرة عن مجلس الأمن مثل القرار 1701. فهي تصرّ منذ 17 سنة على إقامة منطقة عمليات لها تقع بين حدود لبنان مع إسرائيل ونهر الليطاني وعلى "تنظيفها" من السلاح والمسلحين وعلى التعاون داخلها مع الجيش اللبناني للنجاح في ذلك. لكن القوات التي انتدبها مجلس الأمن لتحقيق ذلك وعددها بالآلاف لم تُنفّذ مهمتها رغم التحديات التي واجهتها من "حزب الله" ورغم تحوّل الأخير صاحب السلطة والقرار والعمل والفعل في هذه المنطقة تماماً مثلما صار في لبنان عموماً. طبعاً يمكن لوم "الحزب" على ذلك ودولة لبنان لكن الأول يعمل مصلحته ويُنفّذ استراتيجيته "الوطنية" لبنانياً في رأيه والعربية والإسلامية، أما الثانية فكانت غائبة دائماً ولا سيما منذ خروج سوريا عسكرياً لا أمنياً منه. لا يعني ذلك رغبةً في عودتها لأنها أحد أبرز أسباب محن لبنان منذ تدخّلت في حروبه على مدى 15 سنة بل منذ كانت أحد أبرز أسباب نشوبها، بل يعني أن الدولة التي بنتها لحماية مصالحها فرطت وبدأ حلفاؤها بل "حليفاها" المعروفان وراثتها ليس منها أي من سوريا بل من القبائل والطوائف والمذاهب اللبنانية الأخرى. وفي هذه الفترة استُكمل انهيار الدولة. ومن يجب توجيه اللوم إليه في الدرجة الأولى هو مجلس الأمن الدولي الذي أصدر قراراً ولم يضعه تحت الفصل السابع. لا يعني ذلك رغبةً دفينة في شنّ "اليونيفيل" حرباً دولية على حزب لبناني يمثّل "شعباً" لبنانياً حرّر ما احتلته إسرائيل من بلاده عام 2000 وبعد 18 سنة من المقاومة. بل يعني أن مجلس الأمن لم يكن جدياً في حينه وكان يريد وقف النار أو الحرب وليس إنهاء أسبابها. والتساؤلات هنا كثيرة عن الأسباب علماً بأن الشكوك تشير الى ترك المجال لاحقاً لإسرائيل لتنفيذ مخططاتها في لبنان والمنطقة. ومن يجب توجيه اللوم إليه أيضاً في الدرجة الثانية هو الدول التي شاركت في "اليونيفيل" ولا سيما الكبرى منها. فدولها لم تلحظ منذ البداية أن فشل هذه القوة محتّم ما لم تعدّل مهماتها وتوصيفها ولم تهتم لذلك. ودولها لاحظت بعد سنوات طويلة، وهذا دليل على عدم جدّيتها، أن أخطار تراخيها ومجلس الأمن جعل وجودها مع جيش لبنان شكلياً وغير كامل، وأن هذه الأخطار ازدادت بعدما بدأ التعرّض لأفرادها وقتل وجرح عدد منهم ولدورياتها وبعد عجز الجيش اللبناني عن "حمايتها"، إذ لا دولة وراءه بل مؤسسات محشوّة بأزلام ومحاسيب وسماسرة وشعب منقسم يعشّش في قلوب شعوبه وقادته تبادل الحقد والاستعداد للحرب في أي ساعة. وبدلاً من أن تشكو هذه الدول وقوات "اليونيفيل" قبل سنوات من وضعها ومن اخفاقها في تنفيذ القرار 1701 راح بعضها الفاعل يجري اتصالات مباشرة أو بالواسطة مع "الحزب" الأفعل في الجنوب بل في لبنان لعدم إيذاء عناصره. والمؤلم أن مجلس الأمن لن يستطيع فرض تنفيذ هذا القرار لأن دول "النقض" فيه الخمس منقسمة ومتعادية جداً وهي لن تقبل وضعه تحت الفصل السابع. ولأن الإصرار على تنفيذه الآن يُحقّق مصلحة طرف واحد هو إسرائيل لا لبنان المنقسم، ولأن الإخفاق في ذلك يجعل حرب الأولى عليه محتّمة وتدمير البلاد محتماً وانفراط شعبها بل تقاتله محتّماً.
الخلاصة من ذلك هي أن قرارات مجلس الأمن تهدف لتخدير الشعوب وتنفيذ مخططات استراتيجية لا علاقة لها بمصالحها ومصالح أوطانها. يثير ذلك سؤالاً هو الآتي: هل "تردّ" إسرائيل على اشتراك "حزب الله" في حرب "حماس" عليها وعلى دوره في توحيد الساحة الإقليمية لأعدائها بحرب على لبنان أم لا؟ وماذا سيكون شكلها؟ وماذا ستكون أهدافها؟ وهل ستكون حرب تدمير وإن متبادلة وحرب قصف أم احتلال أم الاثنتين معاً؟ والاحتلال يُفترض أن يطال منطقة عمليات القوات الدولية حتى الليطاني لكن الدمار والقصف قد يطال أو سوف يطال مناطق لبنانية عدة أخرى. وإذا نجحت إسرائيل في تحقيق ذلك يُصبح مصير هذه المنطقة مثل الضفة الغربية الفلسطينية؟ فهل نسي اللبنانيون أن إسرائيل أصرّت في محادثات ما بعد الحرب العالمية الأولى على أن تكون المنطقة الجنوبية بين فلسطين ونهر الليطاني جزءاً منها نظراً الى حاجتها الى مياه الليطاني؟
"النهار"- سركيس نعوم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|