الصحافة

ترامب أذهل اسرائيل!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قبل أن تمر بضع ساعات على الضربة الاسرائيلية العنيفة لمطار صنعاء رداً على قصف الحوثيين لمطار بن غوريون، فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترامب العالم بتصريح أعلن فيه توقّف الحرب على الحوثيين، بعد وساطة من سلطنة عُمان أفضت إلى وعد حوثي بالتوّقف عن استهداف ممرات الشحن في البحر الأحمر.

من الواضح أن هذا الخبر صعق الاسرائيليين وتحديداً رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وخصوصاً أن الحوثيين أكّدوا أن هجماتهم الصاروخية ستستمر على اسرائيل دفاعاً عن غزة، بل توعّدوا نتنياهو بردّ عنيف على قصفه لمطار صنعاء.

إذاً، تُركت اسرائيل وحدها في مواجهة الحوثيين وليس مستبعداً أن يتركها ترامب وحدها في صراعها مع إيران، فهو صاحب شعار “أميركا أولاً”، ويبدو أنه يترجمه بدقة ومن دون مراعاة أي دولة حليفة مهما عظم شأنها وتاريخ علاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية.

صحيح أن ترامب يبدو، في الظاهر، ارتجالياً وعفوياً في قراراته، إلا أنه، في الباطن، ليس كذلك، علماً أنه مُحاط بمجموعة من المستشارين والوزراء الذين يعملون في إدارته ووفق استراتيجية مسبقة، وتشير المعلومات الواردة من واشنطن إلى أن قرار ترامب يأخذ في الاعتبار أهداف الحملة العسكرية التي حددها منذ البداية في وقف الحوثيين عن الأعمال العدائية ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، وقد تحّقق هذا الهدف في استسلامهم وإعلانهم بوضوح عن الأعمال العدائية على الممرات البحرية، ولتوخي الدقة فإن كلفة الحملة العسكرية التي استمرت شهرين بلغت أكثر من مليار دولار. وقال الرئيس الأميركي إن الهجمات كانت تهدف إلى وقف هجمات الحوثيين على السفن، لكن ما تؤكّده المعلومات من واشنطن أنهم لم يعلنوا مسؤوليتهم عن هجوم على سفينة تجارية منذ 27 كانون الأول الفائت، بل إن آخر هجوم تم التحقق منه كان في تشرين الثاني الفائت، وبالتالي هناك من يُشكّك بأن أهداف ترامب من حربه ضد الحوثيين كانت بسبب سلامة الشحن التجاري عبر البحر الأحمر، بل كان المقصود منها رسالة حازمة لإيران راعية الحوثيين والضغط عليها لتوافق على الشروط الأميركية في المفاوضات النووية، وعندما شعر ترامب أن هذا الهدف تحقّق والمفاوضات تتقدّم بسرعة والايرانيين مطيعون، ارتأى وقف الحملة المكلفة مالياً.

لكن توقّف الحملة بهذه الصورة الفجائية، ترك للحوثيين فسحة لرفع شارات النصر ووضع ما حصل في إطار الصمود في وجه أعتى قوة عسكرية في العالم، وربما سيستغلون ذلك لإعادة تنظيم صفوفهم وإعادة تسليح أنفسهم والتسبّب في أذى أكبر لإسرائيل حليفة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

أما في اسرائيل فيجمع المحللون على أن الحوثيين هم أداة في يد إيران، وإذا حصل أي تدهور جديد في العلاقة مع الولايات المتحدة، فسيستخدمهم النظام الايراني مجدداً ضدها، وعندها سيضطر ترامب إلى محاربتهم مجدداً.

ويلفت هؤلاء المحللون إلى أن الضربات الأميركية لعبت دوراً في دفع الحوثيين إلى الموافقة على وقف إطلاق النار مع واشنطن، إلا أن إيران هي التي أقنعتهم بوقف هجماتهم على المصالح الأميركية، في الوقت الذي تنخرط فيه طهران في محادثات نووية مع الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من أن إسرائيل أثبتت قدرتها على شن غارات بعيدة المدى في اليمن، إلا أنها لن تتمكن من مُجاراة وتيرة العمليات الأميركية. علماً أن الطائرات الاسرائيلية قصفت ميناء الحديدة أربع مرات منفصلة، ​​متباهية في كل مرة بتأثيرها على اقتصاد الحوثيين وجيشهم. لكن الحوثيين قادرون على الصمود في مواجهة اسرائيل، كما حصل مع “طالبان” في مواجهة الأميركيين في أفغانستان، وتُعتبر التضاريس الجبلية في اليمن حصوناً منيعة يلجأ إليها الحوثيون وتحميهم من الهجمات الجوية العنيفة. وقد تعلّموا، عبر الأعوام، كيّفية التكيّف مع الحملات الجوية.

وتعتبر المصادر في واشنطن أن اسرائيل حتى لو استطاعت شنّ ضربات قويّة على الحوثيين، فإن لدى هؤلاء أسباباً عديدة لمواصلة إطلاق النار عليها، صحيح أنهم مجموعة قبلية فقيرة في الصحراء ولم يكن يسمع بها أحد تقريباً قبل 15 عاماً، إلا أنها تتمتع الآن بشعبية غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم الاسلامي باعتبارها تبرز قوة إرادة في مواجهة إسرائيل، وتدّعي أنها تفعل ذلك في سبيل الدفاع عن الحقوق الفلسطينية والاستعداد لاستعادة القدس. والمؤسف أن الشعوب العربية لا تزال تصدّق مثل هذه الأوهام، والحوثيون الذين قدّموا مبررات للولايات المتحدة واسرائيل كي تدمّر بلدهم، “يسكرون” بهذا الإنجاز الوهمي الذي، ربما يزعج اسرائيل قليلاً، إلا أن الفلسطينيين لن يستفيدوا منه بشيء، بل المستفيدة الأكبر هي ايران في صراعها المستمر مع اسرائيل.

لا شك في أن مقاربة نتنياهو حيال الصراع مع إيران مختلفة عن مقاربة ترامب، لذلك ستستفيد اسرائيل من قصفها للحوثيين لإيصال رسائل إلى ايران بأنها قادرة على الوصول إليها، وضرب أهداف بالغة الأهمية على بُعد قرابة 2000 كيلومتر، ما يُثير قلق القادة في طهران، التي لا تبعد سوى 1500 كيلومتر.

لكن هناك من يؤكّد أن قرار ترامب بوقف الحملة العسكرية على الحوثيين كان سريعاً لكنه ليس متسرّعاً، لأنه يعطي دفعاً ايجابياً للمفاوضات الأميركية الايرانية، وسيسهّل الوصول إلى اتفاق مع إيران قد يعلنه ترامب على نحو فجائيّ، فيقطع الطريق أمام اسرائيل للقيام بأي عمل عسكري كبير ضدها. علماً أن المعلومات الواردة من واشنطن أفادت بأن المسؤولين الاسرائيليين الرئيسيين السفير يحيئيل ليتر ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر فشلا في التأثير على سياسة ترامب في إعتماد الخيار العسكري ضد إيران أو حتى في مواكبة المحادثات السريّة.

وترى الأوساط في واشنطن أن لزيارة ترامب القريبة إلى الشرق الأوسط دورها في وقف حربه ضد الحوثيين أيضاً، وهو أرسل، قبل سفره، رسالة إلى اسرائيل وإيران وحلفائه الخليجيين وخصوصاً السعودية بأنه لا يريد حروباً أبدية في الشرق الأوسط، وهذا ما يريح الرياض التي ستكون محور زيارة ترامب إلى المنطقة نظراً إلى المصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والسعودية، وربما يريد ترامب خلق ظروف مؤاتية لإستكمال الاتفاقات الابراهيمية، التي تؤخّر الحروب مسارها ولا تدفعها إلى الأمام، وهنا بيت القصيد!

جورج حايك-لبنان الكبير

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا