وئام وهاب يفضح بشار الاسد وما طلبه منه…ويفجر تصريحات مفاجئة: نحو السلام مع اسرائيل!
هل يعدّل التعميم 151 لتصبح السحوبات على سعر السوق؟
تدور تكهنات إعلامية وشعبية عن اقتراب مصرف لبنان من إصدار تعميم جديد يعدّل بموجبه سعر صرف الدولار المصرفي (اللولار) المحدد بالتعميم 151، ويحرره ليتطابق سعر صرفه مع السعر الطبيعي للسوق، أو أقله سعر منصة صيرفة المتّبع حاليا على رواتب القطاع العام والمتقاعدين (85.500 ليرة).
هذه الخطوة لا بد منها مبدئيا، إذ ليس من العدالة في شيء الإستمرار بتطبيق التعميم 151 ومنح المودعين سدس حقوقهم (90.000÷ 15000=6) إلى ما شاء الله، والإبقاء على العمل بالتعميم كما هو يحرم المودع عدالة حصوله على حقوقه ولو مقسطة بقيمتها الفعلية.
بيد أن الشروع في التعديل من 15000 ليرة الى 90000 للولار الواحد، دونه محاذير أخطرها تفشّي التضخم وارتفاع مطّرد للأوراق النقدية في السوق، وهو ما حصل مرتين سابقاً عند تعديل التعميم.
حتى الآن، لم تتأكد التكهنات التي سادت من المعنيّ الأول بها، وهو مصرف لبنان وحاكمه بالإنابة وسيم منصوري. لكن يكفي النظر الى السلوك المالي للحكومة أخيرا، وأداء الفريق المولج وضع السياسات المالية لها، وخصوصا مشروع موازنة 2024، ليكتشف المتابع أن شروط صندوق النقد الدولي حول ضرورة توحيد اسعار الصرف التي بانت طلائعها في الموازنة، كشفت عن وجهها في تكهنات التعديل للـتعميم 151 في هذه المرحلة.
هل يفعلها مصرف لبنان؟ الجواب لدى مجلسه المركزي وقدرته على تمرير قرار بهذا الحجم، بالتوافق مع المصارف التي تكابد للحصول على السيولة من جهة، والإتفاق مع الحكومة والهيئات الاقتصادية من جهة أخرى، إذ إن السير بالتعديل المقترح، يعني عمليا أن آلاف المليارات ستتحرك مجدداً لتتحول الى دولار، ما يعني مزيدا من الضغط على سعر الصرف، واهتزازا أكيدا في الاستقرار المكتسب منذ بضعة أشهر ولا يزال صامدا على رغم فوضى الداخل وتوتر الإقليم.
ومادامت مشكلة الودائع المعنونة والمكونة بالعملة الاجنبية قبل 31/10/2019 لم تجد بعد طريقها الى المعالجة، ستبقى الانظار مصوّبة نحو مصرف لبنان لمراقبة ما قد يصدر عنه من قرارات تساهم في عودة ولو جزئية لهذه الودائع. في الفترة الاخيرة طرأ تعديلان مهمان على احكام التعميم الاساسي 158 الذي بموجبه تدفع المصارف دولارات "فريش" لأصحاب الودائع التي تستوفي شروط التعميم، إذ أبقى الافادة عند عتبة الـ 400 دولار ووسع دائرة الافادة لتشمل أصحاب الحسابات التي جرى إقفالها أو نقلها من مصرف الى آخر بعد 31/10/2019 والتي لم تكن تفيد من أحكام هذا التعميم، لكنه أبقى التعميم الاساسي 151 الذي يخوّل بموجبه اصحاب هذه الودائع أن يفيدوا من سحوبات استثنائية على سعر صرف 15 الف ليرة للدولار الواحد.
اليوم تعود الانظار مجددا الى التعميم الاساسي 151، خصوصا بعدما صرح حاكم مصرف لبنان بالإنابة بأنه سيبقي على أحكام هذا التعميم، في انتظار اقرار مشروع موازنة 2024 وما سينتج عنها من سعر للصرف، وهو ما قد يؤدي برأي خبير المخاطر المصرفية والباحث في الإقتصاد محمد فحيلي الى "تغيير قواعد الاشتباك بين المودعين الذين لا يفيدون من احكام التعميم 158 والمؤسسات المصرفية"، مرجحاً ان "تذهب الامور باتجاه تعديل التعميم، خصوصا ان ليس ثمة مواد في الموازنة تتحدث عن اعتماد سعر صرف واحد لجهة ايرادات الدولة ونفقاتها، سواء جاءت التعديلات من لجنة المال والموازنة، أو كما جاءت بالصيغة الاساسية لمشروع موازنة 2024".
بَيد أن خيارات مصرف لبنان لجهة إحداث أي تعديل في سعر صرف الدولار في تأمين السحوبات الإستثنائية تحت أحكام التعميم 151 محدودة جدا، وفق ما يقول فحيلي، بغضّ النظر عن "الكلام المعسول" الذي نسمعه بين الحين والآخر، لافتا الى ثلاثة عوامل أساسية ومترابطة تكبّل أيدي السلطة النقدية: "غياب الاصلاحات، وشبح التضخم، وعودة الإضطرابات إلى سعر صرف الدولار. والغياب التام لإرادة السلطة في إقرار وتنفيذ أي إصلاحات خير شاهد على ذلك". وبرأيه ان "الإصلاحات ضرورية اليوم للمحافظة على ما تبقّى من ثقة بالاقتصاد والنقد الوطني. وأهم هذه الإصلاحات هو موازنة متوازنة توفر الإيرادات اللازمة لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين اليوم، وتستثمر بالمشاريع الإنمائية من أجل مستقبل أفضل. فالتوازن بين الإيرادات والنفقات في الموازنة هو الممر الإلزامي إلى الإستقرار بكل جوانبه".
ووفق ما يقول: "ليس بصدفة عودة الكلام عن سعر صرف السحوبات الإستثنائية في وقت تنصبّ كل الجهود على مناقشة الموازنة واقرارها. ففي ظل غياب الإصلاحات، سيبقى شبح التضخم يخيّم فوق لبنان مع احتمال الإنفجار المؤذي في أي لحظة، لذا يحرص مصرف لبنان على الحد من الإنفلاش والإنفلات بالكتلة النقدية بالليرة اللبنانية. فالأخ الغير شقيق للتضخم هو سعر الصرف في السوق الموازية، الذي يتأثر بعاملين أساسيين في المشهد الداخلي: الثقة والتضخم. وهذان العاملان لهما تأثير مباشر على العرض والطلب، وما نشهده اليوم هو استقرار حذر قابل "للتغير" في أي لحظة في سوق القطع الأجنبي".
ومع تفشّي الدولرة في محاولة للصمود والتأقلم مع المتغيرات الإقتصادية، أصبح "للتغير" تعريف مختلف إذ إن انخفاض سعر صرف الدولار اليوم، مثلا، إلى 60000 ليرة للدولار الواحد، يتسبب بأذى أكثر من ارتفاعه، والأذى يقع على مكونات القطاع الخاص الذي يُعتمد عليه دائما لتمكين القطاع العام من الإستمرار. فالقطاع الخاص هو مَن يدفع الضرائب والرسوم، وهو من يكتتب بسندات الخزينة ويوفر حاجة الحكومة الى السيولة لسد العجز. وإذا لجأت الحكومة إلى مصرف لبنان لتمويلها، يلجأ الأخير إلى القطاع الخاص لتأمين السيولة المطلوبة. كل ذلك يعني أن على الدولة المحافظة على سلامة القطاع الخاص كشرط أساسي للحفاظ على سلامتها.
وبمعزل عن الإستقرار الحذر في سعر الصرف والذي جاء نتيجة شبه الدولرة الشاملة في إيرادات ونفقات القطاع الخاص من أفراد ومؤسسات، وتوجه الحكومة في مشروع موازنة 2024 إلى احتساب إيراداتها ونفقاتها على سعر صرف للدولار لا يختلف جدا عن سعر الصرف في السوق الموازية، عانت مكونات القطاع العام في العامين الماضيين من الإستبعاد الإقتصادي بسبب احتسابات إيراداتها بالليرة اللبنانية فيما نفقاتها حكماً تُحتسب بالدولار الحيّ. وتاليا باتت دولرة القطاع العام ضرورية، برأي فحيلي، ليتمكن من العودة إلى الإنخراط في الدورة الإقتصادية، مشيرا الى أن "غياب الإصلاحات هو العامل الأساسي وراء استحالة إرساء توازن بين القطاعين الخاص والعام، إذ إن استقرار الوضع في القطاع الخاص يأتي على حساب القطاع العام، او العكس. وهذا الوضع غير صحي وغير صحيح وغير قابل للاستمرار".
أخيرا، أعلن منصوري أنه أبقى التعميم 151 على ما هو حتى اليوم، كونه سيعتمد على سعر الصرف الذي سينتج عن اقرار مشروع موازنة 2024 في المجلس النيابي. وهذا يعني برأي فحيلي، أن المجلس المركزي لمصرف لبنان أعاد سلطة تحديد سعر الصرف إلى السلطة التشريعية، مكانها المناسب. ولكن هذا يعني ضرورة وجود مادة واضحة، أو مشروع قانون واضح يُقر مع الموازنة، يشرح كيفية تحديد سعر الصرف الجديد للدولار (منصة بلومبرغ، السوق الموازية، أو سعر صرف ثابت (85،500 ليرة للدولار الواحد المعتمد اليوم).
أما إذا فشل مجلس النواب في إقرار الموازنة ولجأت الحكومة إلى إقرارها بموجب مرسوم بمضمونها وموادها حاليا، فإن المتغير الوحيد سيكون سعر الصرف، إذ ثمة مواد تتحدث عن سعر صرف السوق الموازية، ومواد تتحدث عن 40% من سعر الصرف المعتمد من منصة صيرفة، فيما نسي من أعد مرسوم موازنة 2024 ان مصرف لبنان ألغى منصة صيرفة والتداول بها. وتاليا، يختم فحيلي، ان اقرار الموازنة من دون وضوح لجهة سعر الصرف الجديد سيفرض تدخلا من مصرف لبنان، وسيكون ذلك من خلال تعميم يشبه بمضمونه التعميم الأساسي 151، يحدد فيه "المركزي" سعر صرف السحوبات من الحسابات المعنونة بالدولار المحلي، وسقف السحوبات الشهرية للمودع الواحد للحدّ من تفلّت الكتلة النقدية... ولن يكون هذا إلا نسخة معدلة من التعميم الأساسي 151 لحفظ ماء الوجه فقط!
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|