شيخ العقل يلتقي السفير الفرنسي مطالبا بضمانات لتعزيز ثقة السوريين بدولتهم
جنوب لبنان في سباق بين الحرب والحل
تتقاطع المعطياتُ الديبلوماسيةُ والميدانيةُ عند أن الأسابيع الثلاثة المقبلة في الطريق إلى السنةِ الجديدةِ ستكون فاصلةً أقلّه بين مرحلتيْن من حرب غزة - والميني حرب المُوازية في جنوب لبنان - الأولى المستمرّة منذ 7 أكتوبر الماضي والتي ترتكز على تحويل اسرائيل القطاع، بدءاً من شطره الشمالي، كتلةً من دم ودمار، والثانية مرتقبة في يناير بحيث تنتقل تل أبيب مبدئياً إلى استراتيجية أكثر تركيزاً واستهدافاً لقادة «حماس».
ومع مضيّ اسرائيل في نقْل آلتِها الحربية الى جنوب غزة لتوسيع رقعة «المنطقة الميتة» التي تريدها عازلةً ولتكبير «الزنزانة» التي تحاول حشْر فلسطينيي القطاع فيها علّها تفرْض ترانسفير بقوة الواقع المأسوي، جاءت الإشاراتُ الأولية التي برزت من واشنطن حيال «أسابيع قليلة» أمام تل ابيب قبل نفاد الوقت «لمواصلة العملية البرية في شكلها الحالي والاحتفاظ بدعم دولي ذي معنى» مع تشديدٍ على عدم جواز «تكرار التكتيكات المدمّرة التي استخدمتها في شمال غزة»، بمثابة إيذان بأن الأيام الفاصلة عن السنة الجديدة ستكون الأشدّ خطورة على جبهة غزة كما جنوب لبنان الذي بات واقعياً مترابطاً مع الأولى بالنار كما بأي مساراتِ حلول أو ترتيباتٍ وَضعت لها اسرائيل عنوانين متلازمين: الأول ضمان عدم قدرة «حماس» على تكرار «طوفان الأقصى» أبداً، والثاني عدم إمكان عودة الواقع على الحدود مع لبنان إلى ما كان عليه قبل 8 أكتوبر.
وفي حين كان يتكشّف أن تل أبيب وضعت واشنطن في أجواء «رسم تشبيهي» لسيناريو ولا في «أفلام الخيال» بعنوان «طوفان الأنفاق» أي غمْرها وإغراقها بمياه المتوسط، من دون أن يُعرف إذا كانت ستفتح المضخّات الكبيرة التي قامت بتركيبها قبل إطلاق جميع الأسرى تفادياً لأن تقع حكومة نتانياهو في «الحفرة التي حفرتْها» لحماس أم لا، أعربت أوساط في بيروت عن ارتيابٍ مما يمكن أن تحمله الأسابيع الطالعة قبل الوصول إلى ما قد يكون ولو «مهلة حثّ» أعطتْها واشنطن ضمناً لاسرائيل لإنجاز ما أمكن من أهدافها في غزة وإن مع تأكيد أن عليها «بذل المزيد من الجهد للحد من الخسائر في صفوف المدنيين».
واستوقف هذه الأوساط أنه في موازاة ما أوردتْه «سي ان ان» عن أن مسؤولين أميركيين أملوا أن تنتقل إسرائيل إلى استراتيجية أكثر تركيزاً بحلول يناير، فإنها نقلت عن مصدر مطلع على المعلومات الاستخبارية إن التقييمات الأميركية الحالية «تظهر أن إسرائيل لا تستطيع ببساطة الحفاظ على مستوى عملياتها عالية الكثافة إلى أجل غير مسمى، وكذلك تحتاج إلى الردّ على الهجمات شبه اليومية التي يشنها «حزب الله» اللبناني على حدودِها الشمالية - وهو سبب آخَر يجعل القوات الإسرائيلية على الأرجح بحاجة إلى الانتقال إلى المزيد من الغارات المستهدفة بمجرد القضاء على أكبر عدد من مقاتلي (حماس) المتمرْكزين في غزة».
ومن هنا ترى الأوساط نفسها أن التَحسُب يبقى قائماً بقوةٍ للدينامية العسكرية التي ستحكم الجبهة اللبنانية، والتي ترتبط في جانبٍ منها بما إذا كانت حرب غزة ستطول، ولو بأشكال أخرى، باعتبار أن الفصلَ بين الجبهتيْن أمرٌ يَصعب تَصَوُّرَه مهما كانت الهندساتُ التي تَعمل عليها واشنطن وباريس لنزْع «الألغام» من أمام تثبيت الحدود البرية بين لبنان واسرائيل والسعي لإرساء منطقة خالية من «حزب الله» أو أقله قوة النخبة فيه جنوب الليطاني.
وبحسب هذه الأوساط، فإنه في حال ارتسم أفقٌ سياسي للخروج من حرب غزة، فإن مسألةَ تثبيت الحدود البرية وربما إيجاد مخرج انتقالي لمزارع شبعا المحتلة (كأن توضع في عهدة الأمم المتحدة ريثما يتم توثيق لبنانيتها) ستشكّل الإطار الناظمَ لأي تطبيعٍ للوضع في جنوب لبنان، بما يُعتبر مكسباً لبيروت، على أن يكون إبعاد «حزب الله» إلى شمال الليطاني مطلباً تريده اسرائيل كـ «مكافأة»، هي التي تحتاج ولو إلى «انتصار معنوي» يهدئ من روع سكان مستوطناتها الشمالية، من دون أن يكون ممكناً بطبيعة الحال الجزم بما إذا كان الحزب سيكون معنياً بأي خطوات من هذا النوع. مع العلم أن «الرضوان» هي أشبه بـ «قوة أشباح» ليس متاحاً «توثيق» انسحابها، وهو الأمر نفسه الذي قد يفتح البابَ أمام ترتيباتٍ «صُوَرية» يمكن أن تستخدمها اسرائيل لتبرير تنازلاتها على جبهتها الشمالية.
وفي موازاة هذا السيناريو الذي يفترض أن تبقى الحدود اللبنانية – الاسرائيلية محكومة بالمستوى الحالي من التوهّج والسخونة، بما هو أكثر من مناوشات وأقل من فتْحٍ للجبهة، فإن المخاوف مستمرّة من أن تسعى تل أبيب لجعْل الأسابيع الثلاثة المقبلة فرصةً لمحاولةِ فرضٍ بالقوة لهدفِ قيام منطقة عازلة جنوب الليطاني وتنفيذ القرار 1701 بحرفيته، عبر إعطاء «قوة نارية» للمسار الشائك الذي تشقّه بالديبلوماسية المكوكية كل من واشنطن وباريس.
ولم يكن عابراً أمس وغداة استهدافه مركزاً للجيش اللبناني في الجنوب وسقوط أحد العسكريين، أن يعلن الجيش الإسرائيلي أنه «يتأسف على هذا الحادث ويقوم بالتحقيق في ملابساته».
وفي حين ندّدت الخارجية الفرنسية بالقصف الإسرائيلي الذي أودى بجندي لبناني معربة عن «قلق بالغ إزاء استمرار الاشتباكات على الحدود بين لبنان وإسرائيل»، وداعية «جميع الأطراف» إلى «أقصى درجات ضبْط النفس»، بالتوازي مع زيارةٍ قامت بها السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا لقائد الجيش العماد جوزف عون ولم يكن ممكن فصلها عن هذا التطور، أوعز وزير الخارجية عبدالله بو حبيب إلى بعثة لبنان لدى الامم المتحدة تقديم شكوى جديدة الى مجلس الامن الدولي «رداً على استهداف الجيش اللبناني في منطقة العديسة وسقوط شهيد وجرحى عسكريين، كما على رسائل المندوب الإسرائيلي في الأمم المتحدة لمجلس الأمن».
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|