مذكرة "ربط النزاع": الدولة اقترضت الودائع وصرفتها
"اخبار اليوم"
في مذكرة حملت صفة "ربط النزاع"، طلب 11 مصرفا الدولة اللبنانية سداد الدين المستحق لمصرف لبنان بقيمة 16 ملياراً و523 مليون دولار.
وتقدم المحاميان أكرم عازوري وإيلي إميل شمعون بوكالتهما عن المصارف بمذكرة الى وزارة المال، سنداً إلى نص المادة 276 من قانون الموجبات والعقود التي تعطي الحق للدائنين (أي المصارف) أن يستعملوا باسم مديونهم (مصرف لبنان) جميع الدعاوى المختصة به.
ما هي هذه المذكرة، وكيف يمكن ان تحفظ حقوق المودعين؟
فقد اعتبر الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة، في حديث الى وكالة "أخبار اليوم" ان هذه المذكرة هي نوع من انواع التأطير القانوني لكل ما ورد في التقارير التي تحمّل الدولة المسؤولية وآخرها تقرير هارفرد الذي دعا الدولة الى تحمل مسؤولياتها في قضية الودائع.
ولفت الى ان المذكرة هي مقدمة لرفع دعوى ضد الدولة اللبنانية كي تحفظ المصارف حقوقها، مشيرا الى ان الدولة اقترضت الودائع وصرفتها، في حين ان القضاء يحدد مسؤولية المصارف التي اخطأت حين اقرضت الدولة.
وردا على سؤال، اشار عجاقة الى ان هناك ثلاث وجهات نظر بشأن "تبخر" اموال المودعين:
- وجهة نظر الحكومة التي تقول ان المصارف تحتاج الى اصلاح وتُحمّلها المسؤولية من خلال مشروع قانون اعادة هيكلة القطاع الذي اصبح اسمه مشروع اصلاح المصارف.
- رأي يعتبر ان الدولة هي التي صرفت الاموال وعليها ان تتحمل المسؤولية في اعادتها.
- الرأي الاكثر موضوعية، هو ان المسؤولية تقع على الدولة وهناك جزء من المسؤولية على المصارف، ولكن الاشكالية الاساسية تكمن في كيفية توزيع الخسائر.
وتعليقا على ما جاء في تقرير هارفارد الذي اعتبر ان الخسائر الموجودة في مصرف لبنان والمقدّرة بـ76 مليار دولار، يجب أن تتحوّل فوراً إلى ديون على الدولة، لفت عجاقة الى ان هذا الطرح ليس مثاليا لكنه "ليس عاطلا"، مشددا على ان المطلوب راهنا هو تنشيط الاقتصاد الامر الذي لا يمكن ان يتم دون تفعيل القطاع المصرفي، وان يأخذ المودعون اموالهم.
وشرح عجاقة في هذا الاطار، انه لا مجال لتأمين المبالغ كافة لتسديد كل الودائع دفعة واحدة، لذا من المفترض اعطاء كل مودع حاجاته، وهذا لا يتم الا باعادة ترميم الثقة بالمصارف بما يحرك القطاع ويدفع قدما بالعجلة الاقتصادية. ولفت ايضا الى ان هذا المسار لا يلغي باي شكل من الاشكال المسار القانوني لتحديد المسؤوليات: من صرف وكيف، ومن اقرض ولماذا؟...
وهل هناك اي دور لصندوق النقد الدولي في عملية "شطب الديون"؟ اجاب عجاقة: صندوق النقد لا دخل له بالشق القانوني، علما انه وصل الى نتيجة مفادها "لا يوجد اي نائب في الدولة اللبنانية سيصوت على شطب الديون بما يعني شطب الودائع"، وبالتالي مشروع اعادة الاصلاح -الذي كان اسمه سابقا اعادة هيكلة القطاع المصرفي- يدخل في خانة الاجتهاد اللبناني اكثر مما هو بطلب من صندوق النقد.
وفي هذا السياق نقل عجاقة عن احد النواب قوله: قد يكون هدف الحكومة من تقديم مشروع اعادة الهيكلة اشغال الرأي العام والمجلس النيابي ولجانه به من اجل تمرير مشروع الموازنة العامة بمرسوم تشريعي يصدر عنها.
على اي حال وبالعودة الى الودائع ومصيرها، رأى عجاقة ان الدولة لا يمكنها ان تؤمن الاموال، من دون اصلاحات وهي لغاية اليوم لم تنجز اي اصلاح، مضيفا: لقد كان رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان محقا حين طالب الحكومة بارسال كافة القوانين المالية من اجل ان تتكون نظرة شاملة ولا تتضارب مع بعضها البعض، فعلى سبيل المثال، لا يمكن اقرار اعادة اصلاح القطاع المصرفي قبل اقرار الانتظام المالي، فكيف يمكن تقييم المصارف و90% من اموالها موجودة لدى الدولة .
وختم عجاقة مكررا: مذكرة جمعية المصارف تأطير قانوني لمسؤولية الدولة في موضوع الودائع ولا تعني اطلاقا وقف الملاحقات القانونية بحق المرتكبين اكان في القطاع المصرفي او في الدولة.
مذكرة المصارف
وكانت أعلنت جمعية المصارف، في بيان، أنّ "أحد عشر مصرفًا لبنانيًا رفعت اليوم إلى وزارة المال، مذكرة ربط نزاع، بواسطة المحاميين ايلي اميل شمعون وأكرم عازوري، طالبت الدولة اللبنانية بتسديد ديونها والتزاماتها الى مصرف لبنان لكي يتمكّن الاخير من تسديد التزاماته الى المصارف اللبنانية، لتتمكّن بدورها من اعادة اموال المودعين".
ولفتت إلى أن "المذكرة ارتكزت في حيثياتها على ميزانيات مصرف لبنان، وعلى نتائج التدقيق الجنائي الذي أصدرته الفاريز اند مارسال (Alvarez &Marsal)، وعلى التدقيق المحاسبي الذي اصدرته اوليفر وايمن Oliver Wyman، بناء على طلب من الدولة اللبنانية. وبعد سرد مفصّل للطريقة التي أدّت الى تجميع الخسائر في مصرف لبنان، من خلال استخدام الدولة للاموال، وهي اموال المودعين التي اودعتها المصارف في مصرف لبنان بارادتها، او بقوة التعاميم والقرارات التي كان يصدرها المركزي وهي مُلزمة للمصارف، لخّصت المصارف المُدّعية مطالبها بمطالبة الدولة بتسديد دينها الى مصرف لبنان والبالغ حوالي 16 مليارا و617 مليون دولار، ومطالبة الدولة بتسديد حوالي 51 مليارا و302 مليون دولار، لتغطية خسائر مصرف لبنان الظاهرة في ميزانيته لسنة 2020 تطبيقا لقانون النقد والتسليف، سيما المادة 113 منه، وتغطية زيادة العجز في مصرف لبنان عن السنتين 2021 و2022، من خلال اتباع طريقة الاحتساب التي اتبعتها الفاريز اند مارسال في تحديد الخسائر حتى العام 2020".
وألمحت المذكرة، بحسب البيان، باللجوء الى "مراجعة القضاء الاداري لإلزام الدولة اللبنانية تنفيذ موجباتها القانونية تجاه مصرف لبنان، في حال عدم تجاوبها مع هذه المطالب".
تقرير هارفارد
من جهته، افاد مركز التنمية الدولية التابع لجامعة هارفارد- في دراسة تحت عنوان "نحو تعاف مستدام للاقتصاد اللبناني"حول كيفية ايجاد حل للأزمة الاقتصادية وتضييق الفجوة ما بين الاداء الاقتصادي الحالي والنمو المحتمل- الى اأن الدولة عليها أن تتحمل مسؤولياتها بالنسبة إلى ودائع اللبنانيين، وخاصة أنه تم إثبات أن القسم الأكبر من هذه الودائع قد إستعملتها الحكومات المتعاقبة، وكذلك الأمر أن يتحمل المصرف المركزي والمصارف أيضاً تلك المسؤولية حول كيفية صرف هذه الأموال.
وبحسب تقرير صادر عن جامعة هارفارد، فإن الخسائر الموجودة في مصرف لبنان والمقدّرة بـ76 مليار دولار، يجب أن تتحوّل فوراً إلى ديون على الدولة.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|