"بزنس" مربح من سوريا إلى لبنان
على عكس حركة الملاحة البحرية التي انخفضت بشكلٍ كبير منذ 7 تشرين الاول تزامنًا مع إطلاق حركة حماس عملية "طوفان الأقصى"، فان الأمر كان مختلفًا تمامًا في لبنان، خاصةً في الشمال، إذ إن بورصة الهجرة غير الشرعية كانت تتم على قدمٍ وساق، ليستغل المهربون الوضع الأمني المتوتر وانشغال الإعلام بالحرب، ليعملوا في الخفاء على تسيير رحلات الموت، التي إما تنتهي قبل أن تبدأ، أو تنتهي في منتصف البحر ليتم ترك المهاجرين لمصيرهم.
بالأرقام، فان الوضع خطير، إذ إن عدد الرحلات التي تم التحضير لها في الفترة الأخيرة يُنبئ بالخطر سواء أكانت الرحلات قد تمّ تسييرها أو أُحبطت قبل أن تنطلق. وبالرغم من عدم وجود أرقامٍ رسميّة توثّق عدد الرحلات، إلا أن مصادر أمنية تؤكّد لـ"لبنان 24" أن أعداد المهاجرين الذين حاولوا الهجرة عبر البحر فقط خلال الأشهر الثلاثة الماضية فاق 5000 شخص، موزعين على مئات الرحلات، حيث أن ما يزيد عن 260 شخصًا لقوا حتفهم، وفقد أكثر من 200 شخص. وتؤكّد المصادر أن هذه الأرقام هي شبه تقريبية، إذ إنّها مرجحةٌ للإرتفاع بشكل كبير، خاصةً وأنّ هناك عمليات هجرة غير شرعية تسلك طريق النجاح، ما يجعل أمر التحقق منها صعبا نسبيًا، إذ إن الذين يصلون إلى الشواطئ الأوروبية، الوجهة الأحب للمهاجرين، غالبًا ما يكونون من السوريين أو الفلسطينيين، وبالتالي فان أمر التحقق منهم ومن هويتهم من قبل السلطات اللبنانية هو أمر صعب نسبيًا، علمًا أن النسبة الأكبر منهم موجودة على الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية.
عصابات امتهنت التهريب
من المنية وصولاً إلى العبدة، وحديثًا من على شاطئ البترون، يتوزّع المهربون الذين يعملون تحت جنح الليل، وبأوقاتٍ مفاجئة وذلك للحفاظ على السرية، إذ إن أمر الإنطلاق غالبًا ما يأتي بعد ساعات وساعات من الإنتظار، والتي قد تصلُ إلى 5 أو 6 ساعات، تأمينًا لخلو البحر من أي حركة مشبوهة قد تعطّل صفو التهريب.
أحمد، وهو سوري الجنسية، يسرد خلال اتصال لـ "لبنان 24" معه رحلة الهجرة التي فشلت قبل انطلاقها بثوانٍ معدودة. يقول أحمد بأن نقطة التجمع غالبًا ما تكون في أحياء شبه مهجورة قريبة من الشاطئ، تبدأ بتجمع المهاجرين الذين يحمل غالبًا كلّ منهم أموال المهرّب التي لا تقل عن 7000$ في حال لم تكن الرحلة مضمونة. وفي حال أراد المهاجر أن يأخذ خيار الرحلة المضمونة فإن السعر يبدأ من 11 ألف دولار، وغالبًا من يأخذ هذا الخيار يكون إما من الأشخاص الذين قرّروا بيع كل شيء لهم في لبنان واتخذوا قرار الذهاب إلى أوروبا، أو من السوريين الذين يأتون عن طريق التهريب من سوريا إلى الشمال ومنه إلى أوروبا.
لا يخفي أحمد حرب العصابات الضروسة التي من شأنها أن تفشل مخطط أي رحلة، إذ يقول بأن العصابات التي غالبًا ما تشترك بتسيير الرحلات تظهر رؤوس مدبريها قبل الانطلاق بثوان ليتقاضوا الأموال. وفي حال لم يفِ أي من الرؤوس هذه والتي تتنوع ألقابهم بين "عميد المهربين" أو "كابتن التهريب" بالالتزامات تجاه الآخر غالبًا ما تشتعل "حرب شوارع" بينهم، ليخسر المهاجر أمواله، وهذا تمامًا ما حصل مع أحمد، حيث أنّه وبعد أن سلّم كل مهاجر حفنة من الدولار، لم تتفق الرؤوس التي تدير العملية ما أشعل بينهم حربًا على الأرض أفضت إلى معاودة المهاجرين أدراجهم إلى بيوتهم، واتجاه السوريين إلى الأراضي اللبنانية بعد دخولهم بطريقة غير شرعية.
تجارة مربحة
على مقلب آخر لا تخفي الجمعيات المحلية أو الدولية حجم الكوارث التي تحلّ بالمهاجرين، علمًا أن نسبة نجاح أي عملية لا يتعدى 25% حسب المصادر الأمنية، إلا أن اللهفة للربح تدفع بالعديد من المهربين إلى زرع الفكرة برؤوس من يأس من حال البلاد، علمًا أن العمل لم يقتصر محليًا، بل تعداه لشبكة من التواصل تجمع مهربي لبنان مع العصابات السورية التي تنقل المهاجرين مقابل 100 دولار فقط نحو نقاطٍ حدودية شمالية.
من هنا تفسّر المصادر الأمنية لـ"لبنان 24" سبب اختلاف أنواع القوارب التي يتم استعمالها اليوم عن تلك التي كان يتم استعمالها قبل 3 سنوات، إذ إنّ معظم القوارب باتت تتسع اليوم لحوالى 250 مهاجرًا دفعة واحدة، ما يعني حصول المهرب على ما يزيد عن المليون دولار من الرحلة..
وهذا ما يفسّر توازيًا انتشار شبكة العصابات التي تعمل القوى الأمنية على قدمٍ وساق على تفكيكها والتي غالبًا ما تنجح من خلال عمليات المداهمة الاستباقية التي تحصل.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|