كواليس لقاءات عين التينة... هل غمزت الخماسية إلى العماد عون؟
"القوات" و"الاشتراكي"... اختلاف تحت السقف
لم يصمد كثيراً الحلف الانتخابي الذي عُقد بين القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي، والذي حقق انتصاراً لافتاً في دائرتي الشوف وعاليه وبعبدا، فعادت الخلافات العلنية إلى الظهور بعدما راهن الجمهور الذي لا تزال لديه نوستالجيا 14 آذار على هذا الحلف بالاستمرار وإعادة لمّ شمل جميع القوى التي انضوت تحته في المرحلة السابقة.
ففي مرحلة سجّلت فيها القوى السيادية تقدّماً واضحاً باتجاه إعادة ترتيب علاقاتها في الفترة التي تلت الانتخابات النيابية، وهذا ما يجري بالفعل بين القوات والكتائب والشخصيات المسيحيّة والسُنيّة المستقلّة، أتى الخلاف مع الحزب التقدمي الاشتراكي ليشكّل عائقاً أمام حلف صلب كان يُمكن أن يكون له تأثيره الكبير في الاستحقاقات المقبلة، خصوصاً رئاسة الجمهورية.
يعترف الحزبان بوجود تباينات بين الفريقين في الوقت الحاضر، لكنّهما يردّانها إلى الاختلافات الطبيعية بين حزبين وفريقين سياسيين، وهي تباينات موجودة بين الأحزاب والمكوّنات السياسيّة اللبنانيّة. ففي عزّ الاصطفافات بين قوى 14 آذار و8 آذار لم يكن هناك تطابق بين مكوّنات الجبهتين، وكانت هناك تباينات واختلافات بل تناقض في قلب الفريق الواحد، وهذا ما ظهر بالفعل أثناء مطالبة أطراف في 14 آذار بإسقاط الرئيس إميل لحود في الوقت الذي رفضت فيه قوى أخرى، منها القوات، هذا الأمر.
يتّفق الحزبان أيضاً على أن تشكيل جبهة تُشبه ما كان يعرف بـ14 آذار غير مطروح، ولا يسعى إليه أحدٌ، إنّما ما يجري هو التقاء على ملفّات وقضايا محدّدة تجمع بين الطرفين، ويلتقيان عبرها مع أطراف أخرى في مقابل إمكانية الاختلاف على ملفات أخرى، وهذا ما جرى في الملف الرئاسيّ حيث ظهر تباين بين طرح القوات لـ"رئيس تحدٍّ" وبين طرح يسعى إلى "رئيس توافقيّ" يمكن أن يجمع الكلّ في هذه المرحلة المصيريّة.
ومن المسلّم لدى الفريقين أن لا مقاطعة تامّة بين الحزبين، والاتصالات واللقاءات مستمرّة على أكثر من صعيد، وأيّ منهما لم يُقفل الباب أمام الآخر، والنقاشات قائمة بين مسؤولي الحزبين في الملفّات كافة، ومنها ملف الرئاسة موضوع الخلاف. فبالنسبة إلى الاشتراكي أن باب الحوار مفتوح مع الخصم والبعيد، أي "حزب الله"، ولن يقفله أمام الحليف والقريب؛ ووليد جنبلاط لم يذهب إلى حزب الله ليصطف في فريقه إنّما ليحاوره على طرح واضح من أساسه أنه لا رئيس من 8 آذار، وهذا ما تطالب به القوات أيضاً. لكن يبقى الخلاف بين مَن يريده أن يكون رئيس تحدٍّ لفريق آخر وبين مَن يعمل على أن يحظى برضى الأغلبيّة الممكنة؛ وهذا ما يمثل الواقعيّة السياسية. فلغة التحدّي والمواجهة لن تؤدّي إلى نتيجة بل ستجعل كلّ طرف يتمسّك بمطالبه، وسندخل في مرحلة فراغ قاتلة وسط الانهيار الحاصل.
أما "القوات" فلا تستسيغ الكلام عن تسوية أو توافق، وتُبدي تخوّفاً من استغلال حزب الله وفريق الممانعة هذا الطرح للنفاذ مجدّداً إلى الرئاسة والإتيان برئيس ليس من صلب 8 آذار إنما تحت سلطتها وتتحكّم به؛ وهذا ما بدأ يسعى إليه هذا الفريق.
بحسب القوات، مِن المهمّ أن لا يصل رئيسٌ من فريق الـ8 من آذار، لكن يبقى الأهمّ أن يصل رئيسٌ لا يقبل ولا ينفّذ أجندة أحدٍ، بل يحافظ على السيادة، ويحمي اتفاق الطائف، ويسعى لبناء سياسة خارجيّة واضحة تحترم المصالح اللبنانية وبُعدَه العربي، يرفض الدويلات، يحارب الفساد، ويسعى الى إقرار قوانين إصلاحية وقضاء مستقلّ؛ فأيّ رئيس لا يتبنّى هذه النقاط يكون فعل تمديد للأزمة لسنوات طويلة جديدة.
يرفض الحزبان بشدّة تقزيم دور السعودية في لبنان عبر حشرها في خلافات ضيّقة، وإدخالها في التفاصيل كالعلاقة بين طرفين سياسيين لبنانيين، أو تلقّي النصائح والوشايات من فريق لآخر؛ فالسعودية دولة إقليمية، وقوة فاعلة على مستوى العالم ومؤثرة جداً على مستوى العالم العربي، وهي أكبر من التفاصيل اللبنانية، ولم تتعاطَ يوماً بلغة الزواريب، وهي مهتمّة بإنقاذ لبنان، ولم تتخلَّ عن دورها الإنقاذي فيه، بشرط أن نعلم كيفيّة التعاطي وعدم الجنوح بوضع نفسنا كدولة معادية لها.
للحزبان علاقتهما المباشرة بالسعودية، فلا الاشتراكي ينتظر القوات لتقرّبه إلى السعودية أو لتبعده عنها؛ فالعلاقة تاريخية منذ أيام كمال جنبلاط، وحافظ عليها وليد جنبلاط، ولم تنقطع يوماً. وهذا الأمر طبيعيّ بالنسبة إلى القوات التي لها علاقاتها مع المملكة، فلا القوات تدخل المملكة في سياستها الداخليّة وعلاقاتها السياسية، ولا السعودية تقبل بهذا الدور. أمّا الحديث عن وشايات وغيرها فتضعها القوات في سياق الأخبار السخيفة. فدولة كالسعودية، لديها سفارتها، وحركيّتها الداخليّة، ومطّلعة على تفاصيل الوضع لا تنتظر القوات أو سمير جعجع ليقدّم وشاية بهذا أو ذاك؛ وكلّ طرف يتحمّل مسؤوليّة خياراته السياسية. هناك مَن حاول اللعب بهذا الأمر في السابق مع الرئيس سعد الحريري، واستطاعوا إعلامياً إقناع البعض من اللبنانيين بأن القوات وشت بسعد الحريري، وهو أمر لا يقبله عقل، خصوصاً مع ابن السعودية الحريري، وهم يحاولون اليوم اللعب في نفس الإطار، في محاولة لضرب القوات عبر خلق خلافات غير موجودة، مرّة مع الطرف السنّي، ومرّة مع الدروز.
يضع الحزبان بعض تفاصيل العلاقة ضمن إطار اللعبة السياسيّة العادية التي تحصل بين الأطراف اللبنانيين، وهي تبقى مضبوطة، ومنها قضية مقاطعة قدّاس معراب. وفيما حاول الطرفان التهرّب من الإجابة عن هذا الأمر، علمت "النهار" أنّ المقاطعة أتت ردّاً على البيان عالي اللهجة الذي صدر عن النائبة ستريدا جعجع، والذي تضمّن هجوماً على وليد جنبلاط، من دون أن يحمل أبعاداً استراتيجية أخرى.
"النهار"- اسكندر خشاشو
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|