الصحافة

الخماسية: الرئاسة ليست جائزة ترضية لأحد

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

تحت وقع شدّة القصف وتبادل النار على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلّة، تتهافت التحذيرات الدولية من تصعيد مقبل. يتعامل معه الدبلوماسيون على أنّه مقبل حتماً، لا سيما مع الكلام الذي سمعه الموفد الأميركي آموس هوكستين في إسرائيل، وفيه أنّ فرصة التهدئة باتت ضئيلة.

بالتزامن مع كلّ ما يصل إلى لبنان من معلومات عن تصعيد أمنيّ مرتقب، قرّر الأمين العام للحزب أن يتحدّث متوجّهاً إلى العواصم المعنيّة بلبنان، وتحديداً الولايات المتحدة الأميركية، فاتحاً باب التفاوض على تطبيق القرار الأممي 1701. لكنّه في الوقت نفسه اشترى وقتاً بأن وضع معادلة "لا تفاوض قبل وقف العدوان على غزة".

هل ينطبق كلام السيّد على ربط الساحات أو فصلها، خصوصاً أنّه هو من تحدّث أوّلاً عن أولوية لبنان، وكأنّه منذ بداية الحرب أعلن عدم القدرة على "توحيد الساحات" من أجل "تحرير فلسطين"؟

في الواقع، فإنّ من يقرأ مواقف الرئيس نبيه برّي منذ أسبوعين حتى اليوم، ومن يقرأ بإمعان خطابات نصرالله، يستطيع أن يستقرىء المسار الذي يتوجّه إليه لبنان، ويدرك تماماً أن لا "وحدة ساحات"، بل إنّ ساحة لبنان منفصلة تماماً في الأمن والسياسة.

منذ بدء حرب 7 أكتوبر (تشرين الأول 2023) كان السؤال الأكبر: ماذا سيفعل الحزب؟

قبل أن يجيب الحزب على هذا السؤال، كان عليه أن يجيب على إشكالية عانى منها في البدء. فبعد القضاء على حماس سيحين دور قتال الحزب في لبنان. ومن هذا المنطلق ذهب الحزب عميقاً في التفكير كيف يمكنه أن يمدّ حماس بالدعم أو يساندها: أولاً لمنع القضاء عليها وثانياً لعدم انتقال المعركة إليه. لهذا قرر فتح الجبهة الجنوبية بالحد الأدنى ثم بدأت الرسائل الأميركية الإيرانية تتوالى تباعا لترسم مسار المواجهة وتمنع توسّع الحرب.

ومع مرور الوقت جاء جواب الحزب وإيران واضحاً في خطابات نصرالله من جهة، وفي الميدان من جهة أخرى. في الموقف الذي لم يتبنَّ العملية الأمنيّة التي قامت بها حماس في 7 أكتوبر، فصلت إيران ومعها الحزب "الساحات". وتُرجم ذلك في الرسائل المبطّنة التي تبادلتها إيران مع الأميركيين بأنّ أحداً في المنطقة لا يريد توسيع الحرب.

هكذا حصل. سقطت "وحدة الساحات لتحرير فلسطين"، وبقيت المواجهات الموضعية في جنوب لبنان، وفي باب المندب وفي العراق. وهي مواجهات لم يرَ فيها أحد ربطاً مباشراً بمصير معركة الميدان في غزة، إنّما هي مواجهات ستوضع في ميزان المفاوضات المقبلة على المنطقة وإعادة تقسيم النفوذ بعدما قرّرت إيران صرف نفوذها العسكري في العراق وسوريا ولبنان واليمن، بنفوذ سياسي في مرحلة مقبلة آتية لا محالة.

في خطاب نصرالله الأخير، "كلمة مفتاح" وصلت فوراً إلى من يعنيه الأمر في العواصم المعنيّة بالشأن اللبناني. وليس كلام نصرالله عن وحدة الساحتين اللبنانية والفلسطينية في قوله "لا تفاوض إلا بعد انتهاء العدوان على غزة"، إلا استكمالاً لفتحه باب المفاوضات حول تطبيق القرار 1701 في قوله إنّ لبنان أمام "فرصة تاريخية للتحرير الكامل لكلّ شبر من أراضيه ووقف الخروقات".

في معلومات "أساس" أنّ السفارات الأجنبية العاملة على الملفّ الأمني في لبنان، تحديداً الأميركية والفرنسية، قد تلقّفت الرسالة جيداً وأرسلتها بالبريد السريع إلى عواصمها على اعتبارها تطوّراً بارزاً في مسار المفاوضات المقبلة على البلاد وتداعياتها واحتمالات نتائجها.

لقد أعلن نصرالله علناً موقفه من القرار الأممي، واصفاً مندرجاته بـ"الفرصة التاريخية"، على أن يتحوّل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلّة اللبنانية إلى "انتصار ميداني" للحزب وانتصار له في المواجهة التي بدأها على الحدود الجنوبية.

فيما الحزب هو المعنيّ الأوّل بتفاصيل المفاوضات الأمنيّة حول أيّ حلّ مقبل، فإنّ رئيس مجلس النواب هو المعنيّ مباشرة بالملفّ السياسي. وهو اليوم واجهة لبنان أمام العالم وسط زحمة الموفدين الدوليين إلى عين التينة أوّلاً.

في قراءة متأنّية لمواقفه، لا بدّ من الإشارة إلى أنّ بري سبق نصرالله في تأكيد استعداد لبنان لتطبيق القرار 1701 أمام الموفدين الدوليين. في حديث سابق له، ومفصّل، إلى صحيفة "الشرق الأوسط" تحديداً، قال برّي "كلمة مفتاحاً" أيضاً. إذ نقلت الجريدة العربية يومها أنّه أسهب أمام كوادر من حركة أمل في الترحيب والثناء على أهمية وجود قوات اليونيفيل في لبنان والتأكيد على استمرار التعاون معهم ودعوة الجنوبيين وأنصار حركة أمل إلى التعاون المطلق مع جنود قوات اليونيفيل في الجنوب.
هذا الكلام لم يكن تفصيلاً بل إشارة ورسالة. في طبيعة الحال فإنّ "الثنائي الشيعي" يجمع على أن "لا حلّ أمنيّاً من دون وقف العدوان على غزة". وهو موقف مبدئي وسياسي في آن معاً. يدرك بري في اتصالاته الدولية أنّ الحلّ السياسي في غزة يحتاج إلى أشهر طويلة، وهو ما لا يتحمّله لبنان بحسب بري نفسه. لكنّ صدور قرار وقف إطلاق النار كافٍ للثنائي كي يفتح باب الحلّ.

ماذا عن الرئاسة؟

أمّا رئاسة الجمهورية فهي تُختصر بجملة واحدة قالها بري بعد لقائه مسؤول الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل حول "أهمية إنجاز الاستحقاق الرئاسي بمعزل عن الحرب العدوانية التي تشنّها إسرائيل".

وهي أيضاً "جملة مفتاح" أراد بري أن يؤكّد من خلالها استعداد لبنان للذهاب إلى انتخاب رئيس للجمهورية قريباً، قبل انتهاء حرب غزّة. وهذا يتقاطع مع المسعى الدولي الذي بدأ والذي سيُستكمل في الأيام المقبلة، لفصل المسار السياسي عن المسار الأمني في لبنان على أن يرأس المفاوضات الأمنيّة المقبلة رئيس الجمهورية.

في نهاية هذا الشهر يصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان بعد أن يزور الرياض والدوحة. سيحمل معه مواصفات الرئيس المقبل التي تتطابق مع "بيان نيويورك الثلاثي"، الأميركي الفرنسي السعودي. وسيحمل معه دفعاً جدّياً يشبه دفع "اللجنة الخماسية" للتمديد لقائد الجيش. لكن هذه المرّة لانتخاب رئيس يكون في مقدَّم الاستحقاقات المطروحة وليس آخرها، لأنّه لن يخضع لأيّ مقايضة ولن تكون الرئاسة جائزة ترضية. وهذا ما أصبح واضحاً ومعلوماً لدى المعنيين في الملفّ اللبناني، وتحديداً ثنائي الحزب - برّي.

جوزفين ديب "اساس ميديا"

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا