هل يسبق نتنياهو الخماسية؟
تستشعر الولايات المتحدة الخطر من المواقف الارتجالية التي يتخذها المسؤولون الاسرائيليون والمؤثرة على الواقع الميداني في المنطقة، وترى ادارة الرئيس جو بايدن ان الاجدى من الذهاب بالمنطقة نحو الخيار العسكري المؤلم والذي يُريح خصوم واشنطن في الساحة العالمية وتحديدا روسيا والصين، تنفيس الساحات واخماد نيرانها عن طريق الدبلوماسية وابرزها في غزة والجنوب اللبناني.
تسعى الولايات المتحدة الى لعب دور بارز في هذا السياق على خطين: الاول، عبر الضغط الكبير الذي يمارسه البيت الابيض على حكومة نتنياهو ومطالبته المسؤولين في تل أبيب وضع اطار زمني للعمليات العسكرية في القطاع والاسراع في ايجاد حل لليوم التالي لهذه الحرب، والثاني التواصل مع الدول العربية المؤثرة في المنطقة للدفع بعملية السلام الى الامام واختراع تسوية لحل الدولتين تُرضي الاسرائيلي والفلسطيني وتعطي نوعا من الحل المستدام للمنطقة.
في الخيار الاول، بات واضحا ان الرئيس جو بايدن يُريد انهاء الوضع العسكري في غزة والدخول في هدنة انسانية لتحرير الاسرى وتسليم السلطة في القطاع للسلطة الفلسطينية على ان تكون مدعومة من قوات متعددة الجنسيات مُطعمة بعناصر عربية من السعودية ومصر، وهو خيار وارد في حال تم التنسيق بين الاطراف لانهاء القصف على القطاع. ومن المحتمل أن تتحرك الجامعة العربية في هذا الاطار سعيا لتطبيق اي اتفاق يتم التوافق عليه بين الدول المعنية وعلى رأسها الولايات المتحدة الاميركية والسعودية وايران للوصول الى حل لهذا الموضوع. وفي اطار الضغط على نتنياهو باشرت الدوائر السياسية في البيت الابيض البحث عن حكومة جديدة لاسرائيل تكون مؤهلة لتوقيع اتفاقية سلام مع العرب بعكس الحكومة الحالية التي تهرب نحو الامام في خياراتها.
اما الخيار الثاني فهو المكمل للأول والقاضي بتهيئة الظروف الداخلية المعنية باتفاق السلام مع اسرائيل وتحضير الارضية المناسبة لهذه الخطوة ولو جاءت بعد خمس سنوات أو أكثر، فالمهم بالنسبة لاستراتيجيات الدول وضع الاطار العام لهذا المسار عبر استبدال الوجوه السياسية القديمة بأُخرى جديدة.
ما يعني لبنان في ظل هذا الصراع الدائر، يأتي ضمن ما يتم التخطيط له في الاروقة الدبلوماسية الغربية وتحديدا على طاولة الخماسية المعنية بالملف اللبناني. فعلى هذه الطاولة ثمة مواصفات محددة للحكم في لبنان تشمل رئاسة الجمهورية والحكومة وشكل الحكم الذي سيأخذ بعين الاعتبار انخراط حزب الله في العمل السياسي والتراجع عن دوره كحارس للحدود او قوة مقاومة، وهذا البند قد يكون تطبيقه طويل الامد ولكنه من ضمن جدول اعمال دولي وُضع للمنطقة وبدأ تنفيذه في السابع من تشرين الاول الماضي.
أما ما يحصل اليوم فيمكن وصفه بسباق الامتار الاخيرة بين مساعي اللجنة الخماسية لاستعجال الحل الدبلوماسي على الحدود الجنوبية وربطه بانتخاب رئيس للجمهورية وتعيين حكومة جديدة تحظى بتأييد غالبية الكتل وتضم وزراء قادرين على محاكاة التغيير المرتقب، وبين جهود نتنياهو الحربية ورغبته بتوسيع رقعة الحرب جنوبا في الاسابيع القليلة المقبلة لتطويق الحراك الاميركي والذهاب نحو توريط واشنطن بحرب قد تُشعل المنطقة وتُكلف آلاف القتلى والجرحى. ويدفع نتنياهو بهذا الخيار للهروب من المحاسبة الداخلية التي تنتظره بعد الحرب وهو يفضل توريط الديمقراطيين في أميركا بلعبته لكسب الوقت واعطاء الجمهوريين فرصة الفوز وتقليب الرأي العام الاميركي على بايدن وادارته.
تحفل الايام المقبلة بالتطورات ذات البعد العسكري، ولبنان في قلب عاصفة لا يمكن التكهن بتداعياتها، فإما ينجو من حرب مدمرة ويذهب نحو حل جزئي لاستحقاقاته الدستورية والدخول في مسار تفاوضي لحدوده البرية، أو التحضير لجولة جديدة من القتال وهذه المرة ستكون أشد ضراوة من العام 2006 بفاتورة بشرية ومادية كبيرة جدا.
ليبانون فايلز - علاء الخوري
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|