القلق اليومي من فقدان الوقود.. يحاصر اللبنانيين مجدداً
لا يخشى اللبنانيون حربا إسرائيلية تدميرية على البلاد، بقدر توجسهم من انقطاع المواد الأساسية الكفيلة بتأمين مقومات الحياة في البلاد عز الحرب.
لا يهزهم نبأ قصف إسرائيلي لبلدة حدودية جنوبية، أو توسع الاعتداءات لتطول مناطق مدرجة خارج خطوط التماس المعهودة، بقدر ما يشعرون بالقلق جراء انقطاع المواد الأولية وفي طليعتها المحروقات، الامر الكفيل بشل دورة الحياة وانهيار الصمود في مختلف المواجهات التي اعتادوها، سواء تلك المتعلقة بالحروب، أو أحوال الطقس والعواصف التي تنال من حرية تحركهم جراء غياب الصيانة عن البنى التحتية في البلاد.
وفي اليقين، تبدو البلاد واقعة في أيدي تجمع شركات مستوردي النفط. بيان سلبي منهم بالامتناع عن توزيع مادة المحروقات من بنزين وديزل وغاز كفيل بتعليق دورة الحياة، وإرخاء الشلل على القطاعات كافة.
فقدان المحروقات يصيب كل شيء. المستشفيات والأفران والصيدليات والمدارس ومحال توزيع المواد الغذائية الكبرى «السوبر ماركت» إلى مولدات الأحياء التي تتولى تزويد المنازل بالتيار الكهربائي.
مرافق تستهلك المادة في شكل كبير، ولا تكفي ما تخزنه لتجاوز أيام قليلة من تلك المدرجة في «أوقات الشدة».
أزمات مفتعلة في استمرار، وتنتهي على الدوام بحلول يقع كاهلها على «جيبة المواطن»، فيدفع ثمن تسويات بين الدولة وتجمع شركات النفط، وغيرها الرافضة زيادات ضريبية او اقتطاع من حصص أرباحها.
فجأة ومن دون مقدمات، يجد اللبنانيون أنفسهم منتظمين في طوابير انتظار، أطلق البعض عليها اسم «طوابير الذل»، سعي لتعبئة خزان السيارة بالوقود للانتقال إلى العمل، وتأمين الاولاد إلى المدارس، وتخزين ما يكفي لحالات الضرورة، كالانتقال إلى مستشفى او إسعاف قريب من الأهل والاصدقاء في منطقة بعيدة او جبلية.
والشيء عينه ينتقل مباشرة إلى الأفران التي تقنن في انتاجها كون غالبيتها تحتاج إلى مادة المازوت، وغير قادرة تاليا على الوقوع في نقص تأمين المادة من الشركات عبر صهاريج كبرى خاصة بالتوزيع.
طوابير تذكر بـ «أيام الحرب»، والفوضى العشوائية التي كانت تتسبب بسقوط ضحايا، جراء خلاف على «أفضليات المرور» و«تجاوز الدور» بقوة «الامر الواقع».
ذكريات بشعة تعود سريعا إلى الأذهان، ومسارعة من المواطنين إلى تأمين ما يكفي في ساعات الأزمة الأولى، تفاديا لعواقب باتت معروفة وتصل إلى الانقطاع التام، وإغلاق المحطات أبوابها ورفع خراطيمها.
وتشتد الأزمة أكثر في فصل الشتاء مع استهلاك الغاز والمازوت بشكل أكبر لتأمين التدفئة، وينشط «تجار الأزمات» لتأمين المتطلبات بأسعار تحدد سوقا سوداء غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
الأزمة ستنفرج، لكن ساعات التوتر تلقائية، وتكرر نفسها بمشاهد غير سارة. ولا ينفع هنا دعوة المواطنين إلى عدم القلق، طالما ان أسباب القلق وموجباتها تحضر بقوة، وتعيد عقارب الساعة، في كل مرة، في المشهد اللبناني إلى الوراء!
الأنباء الكويتية - ناجي شربل
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|