حرب غزة... "استثمار رابح" لدول إقليمية فهل يساهم ذلك بتوسّعها؟
لا شكّ في أن حرب غزة واحدة من أكبر أحداث المنطقة خلال السنوات الأخيرة.
فالى جانب الحاجة الماسّة للعمل على وقف العمليات العسكرية، يبدو أن تلك الحرب باتت استثماراً لعدد من دول المنطقة، بشكل يسمح لها بجني أرباح معيّنة، وذلك بموازاة الخسائر الاقتصادية التي تُصيب الجميع.
النفط و"السّمسرة"
فعلى سبيل المثال، ورغم أن إيران تدعم الفصائل المسلّحة التي تُشعِل الشرق الأوسط بالهجمات والرّدود على الهجمات، إلا أن حصص النّفط الإيراني لا تزال كبيرة في السوق السوداء، وهي توفّر أموالاً مهمّة للخزينة الإيرانية، أي لخزينة تصدير الثورة، والمساعدة على شنّ هجمات بمسيّرات وصواريخ على أكثر من جبهة، من دون أي ضغط أميركي يمنع ذلك، ومقابل التزام طهران بالخطوط الحمراء المتعلّقة بعَدَم انفلاش الصراع العسكري إقليمياً بشكل كبير.
أما مصر التي هي إحدى أهم الدول العاملة على إنهاء الصراع من خلال المحادثات التي تستضيفها، فهي الى جانب تضرّرها من هجمات البحر الأحمر التي تنعكس على أنشطة قناة السويس، تجني أرباحاً بطُرُق أخرى.
فبحسب بعض الأوساط المطّلِعَة، من الممكن إيجاد نسبة لا بأس بها من السّلع الغذائية التي تتدفّق الى غزة على سبيل مساعدات إنسانية، والتي يتعذّر دخولها الى القطاع لأسباب مختلفة، (من الممكن إيجادها) في السوق المصرية، حيث تُباع هناك بما يحقّق أرباحاً لبعض التجار.
هذا فضلاً عن أن دخول وخروج بعض الأجانب من غزة عبر الحدود المصرية، منذ تشرين الأول الفائت وحتى اليوم، يتمّ بموجب "سمسرات" مصرية معيّنة، توفّر أرباحاً لجهات سياسية وأمنية مصرية، وبعلم الدولة المصرية.
حرب طويلة؟
أما الدول المُحاذِيَة للبحر الأحمر، والتي تتأثّر سياحياً واقتصادياً من جراء كل ما يحصل، فهي تجد فرصة لها أيضاً في كل ما يجري بحسب بعض الخبراء، نظراً لارتفاع أسعار النفط بين الحين والآخر، وهو ما يسمح لها بتحقيق بعض الأرباح، وبتعويض نسبة مهمّة من الخسائر الاقتصادية المرتبطة بالتوتّر.
تبقى تركيا، البلد الذي كان صاحب الصوت الأعلى في بداية حرب غزة، والذي راح صوته ينخفض شيئاً فشيئاً مع مرور الوقت، الى أن أنهى كل ما لديه في إطار منع السويد من الانضمام الى حلف "الناتو"، وهو ما شرّع لأنقرة أبواب الحصول على طائرات "إف - 16" من الولايات المتحدة الأميركية، في عزّ معارك غزة.
فهل باتت حرب غزة استثماراً رابحاً لأكثر من طرف إقليمي؟ وهل يعني ذلك أن الحرب ستكون طويلة جدّاً بالفعل؟
مسألة استراتيجيّة
اعتبر مصدر مُواكِب لملفات دولية أن "ربط الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" بالشقّ المالي حصراً، وبالأرباح المادية التي تجنيها بعض الدول على هامشها، هو مسألة فيها مبالغة بعض الشيء. فالحرب مسألة استراتيجيّة أكبر من مصالح التجار، وهي أبْعَد من أن تقتصر على لعبة "مافيات" فقط".
وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "القرار السياسي والعسكري هو الذي يحرّك الحروب في العادة، فيما تأتي استفادة بعض "المافيات" والمجموعات كنتيجة لما يحصل، وبحسب ما تتيحه الظروف التي تستغلّها بعض الجهات في كل مكان".
وأوضح المصدر أن "الولايات المتحدة الأميركية لم تحرم إيران من مواردها النفطية في السوق السوداء رغم دور طهران في تأجيج الحرب لسبب أساسي، وهو الشعور المُتنامي لدى الحزب "الديموقراطي" في أميركا بأهمية طهران لسياسته في الشرق الأوسط. ففي النهاية، كل الأطراف تبحث عن مصالحها، وعلى القوى المحلية داخل دول منطقتنا أن تُبعِد الحروب والأزمات والمشاكل عن شعوبها".
ورأى أن "كل الاحتمالات واردة على صعيد طول مدّة الحرب في غزة. ولكن بات من المستحيل لإيران في مكان ما، أن تخرج من تلك المواجهة مُنتصِرَة. فلا نيّة دولية بإنهاء إسرائيل، وهو ما يجعل تعريض أمن الدولة العبرية للخطر بشكل وجودي ودائم، مسألة تستوجب دفع أثمان إيرانية على الصعيد الدولي في المستقبل".
وختم:"الدور الروسي واضح في كل ما يجري على مستوى الشرق الأوسط منذ أشهر، وذلك رغم أن كثيرين يغفلون عنه. ولكن روسيا بأسوأ حالاتها الاقتصادية الآن، نتيجة حربها في أوكرانيا والسياسة التوسُّعية التي تعتمدها، وهو ما يجعل قدرتها على التأثير الفعلي ضعيفة إجمالاً. فادّعاء النّصر الروسي بوجه الغرب يفتقر الى أدلّة ملموسة، وهو ما يُبقي أدوار موسكو ضمن إطار المحاولات لا أكثر".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|