ما الذي طرأ ليوافق "لبنان القوي" على طروحات بري الحوارية؟
من المرّات النادرة التي يعلن فيها "تكتل لبنان القوي" تجاوبه المبدئي مع مساعي رئيس مجلس النواب نبيه بري وطروحاته الحوارية المفضية في خاتمة المطاف الى صيغة توافقية يتم الذهاب بها الى عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. والواضح ان هذا الاعلان من جانب التكتل النيابي لـ"التيار الوطني الحر" قد شكّل مفاجأة من ناحيتين:
الاولى، أن ثمة أجواء ومناخات ايجابية ومرنة بدأت تُلقي بظلالها على العلاقة التي كانت في معظم الاحيان مشحونة بالتوتر والعدائية بين "التيار البرتقالي" والرئيس بري، وهو واقع حال معلوم عبّر عن نفسه في عشرات المحطات، وخصوصا في الفترة التي تلت خروج الرئيس العماد ميشال عون من قصر بعبدا في نهاية ولايته.
الثانية، ان ثمة عنصرا ايجابيا قد طرأ على خط مساعي رئيس المجلس الهادفة الى ادارة حوار وطني يتمخض عن تفاهم حول رئيس جديد للبلاد ينهي أزمة الشغور الرئاسي القاتلة، وأعطى لهذه المساعي بُعداً اكثر جدية، خصوصا انه يقترن مع حديث شاع اخيرا عن تحرك جديد لسفراء "الخماسية" في بيروت استئنافاً لما بدأوه في اجتماعهم في خيمة السفير السعودي في الحازمية وترجموه في لقاء يتيم مع الرئيس بري تخلله كلام نوعي مختلف.
وفي هذا الاطار، أكد عضو تكتل "لبنان القوي" النائب غسان عطاالله صحة الأمرين معاً، وقال لـ"النهار": "صحيحة تلك المعلومات التي راجت اليوم وتحدثت عن موافقة مبدئية أعطيناها على مساعي الرئيس بري لإنضاج حوار وطني، وقد وعدناه صراحة بالتجاوب والمشاركة في رحلة الحوار ولكن وفق شروط".
وأضاف: "انا شخصيا تابعت هذا الملف مع الرئيس بري وعقدنا اجتماعات متعددة في عين التينة لهذه الغاية. وقد اوضحت لدولته من اول لقاء انعقد معه اننا لم نكن نقصد إبداء السلبية ولم نكن نرغب في العرقلة ووضع العصي في الدواليب عندما عارضنا في السابق الدعوات الى الحوار التي اطلقها الرئيس بري اكثر من مرة سابقا، إذ ان موقفنا السلبي حينها كان من منطلق اننا كنا نريد حوارا مختلفا ومنتجا من حيث الشكل والمضمون والتوقيت، وهذا من منطلق الرغبة في ايصال الحوار الى خواتيم مثمرة ومنتجة وليس الى اخفاقات جديدة تضاف الى ما سبقها".
ورداً على سؤال قال عطاالله: "من منطلق هذه الرغبة العارمة عندنا استوضحت الرئيس بري في لقاءاتنا الاخيرة كل ما يتصل برحلة الحوار الجديدة عنده. سألناه عن الحضور وكيفية توجيه الدعوات الى القوى التي ستشارك، كما سألناه عن استشرافاته للنتائج المتوخاة فضلاً عن توقيت الحوار.
وفي هذا السياق ابدينا على سبيل المثال اعتراضنا المسبق على الشكل الاوّلي لطاولة الحوار اي الطاولة المستديرة. وقلنا للرئيس بري ان كل ما نطرحه من مطالب وتصورات انما يصب في خانة الرغبة في حوار مثمر ومنتج وليس حوارا للحوار. وعندما سمعنا من دولته تجاوبا وتطمينا وضمانات اعطيناه موافقتنا وتجاوبنا. اما رفضنا لشكل "الطاولة المبرومة" فهو يأتي من قناعتنا بانه مع طبيعة المجلس الحالي وتوازناته يصير مثل هذه الطاولة عاجزة عن انتاجات مثمرة، بل تصير وصفة لتفجير الحوار المرتجى ونسف الآمال المعقودة عليه".
كذلك اضاف عطاالله: "لم نعارض ايضا فكرة الحوارات واللقاءات الثنائية والثلاثية والرباعية اذا كان المراد منها في خاتمة المطاف الوصول الى طاولة الحوار التي ننشد. وبناء على كل هذه المعطيات ابدينا ايجابية مقرونة بالالتزام بكل ما يتم التوافق عليه من خطوات ونتائج متوخاة".
وعن علاقة هذا التطور والايجابية من جانب التكتل مع رحلة بري الحوارية وما يحكى عن تحرك سفراء "الخماسية" في بيروت؟
أجاب عطاالله: "لقد بتنا اخيرا على يقين بان تحرك الخماسية عموما بات في الآونة الاخيرة اكثر مرونة وواقعية ووعيا من حراكها السابق، خصوصا في الاشهر الاولى لتشكّلها وانطلاقها في رحلة حراكها. ففي المرحلة الماضية كان ثمة تحرك غير واقعي لهذه الخماسية تجسد في تسميتها لرئيس جديد ورئيس حكومة واعضاء لهذه الحكومة وهو ما سُمي مجازا "السلة المتكاملة ". ولقد ابلغنا حينها المعنيين ان هذا الطرح لن يمر. اما الآن فان حراك الخماسية بدا بالنسبة الينا اكثر موضوعية ومرونة لان رؤيتهم الاخيرة تتركز على مبدأ اننا مستعدون لدعم ومباركة ما يتفاهم عليه الافرقاء اللبنانيون، وبعده يتوجب فتح القاعة العامة للمجلس النيابي أمام جلسات الانتخاب وصندوق الاقتراع".
وأضاف ردا على سؤال حول ما اذا كان متفائلا هذه المرة بمسار ايجابي يقود الى انهاء الشغور الرئاسي الحاصل: "نعتقد ان الاجواء اكثر ايجابية من السابق لان كل الافرقاء ما خلا فريق حزب القوات اللبنانية تبدو في وارد التجاوب والمضي قدماً في المساعي. وما يزيد منسوب التفاؤل عندنا ما تناهى الى سمعنا من ان نواب كتلة التنمية والتحرير تحدثوا اخيرا عن اعتزام الرئيس بري توجيه دعوة الى الحوار قبل حلول شهر رمضان. ونحن نعتبر ان توجيه مثل هذه الدعوة يلبي الكثير مما نطرحه وندعو اليه. وتعززت ثقتنا بأننا نجحنا اخيرا في تعزيز جسور التلاقي والايجابية بيننا وبين الرئيس بري وهو برأينا تطور مهم. ونحن نكرر مجددا عزمنا على المضي في الايجابية التي ابديناها ما لم نُفاجأ يوما بالعودة الى طاولة الحوار التقليدية، وهو ما يعني لنا ان ثمة تملّصاً من الالتزام بما تفاهمنا عليه. وفي النهاية اجواؤنا انفتاحية وايجابية لاننا نتلمس انفتاحاً وايجابية من الآخرين".
"النهار"- ابراهيم بيرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|