دخان أبيض رئاسي و3 مرشحين بعد قائد الجيش وسفير سابق لدى الفاتيكان
تهميش المسيحيين "من إيدهم" أم من الشركاء؟
لا يسع القوى المسيحية إلا التشكّي من حالة الإقصاء أو التهميش التي يتعرض لها المسيحيون، على خلفية التعطيل الممنهج لانتخاب رئيس للجمهورية، في إنكار تام للمساهمة الكبيرة لهذه القوى في ما تعتبره استهدافاً للطائفة ولوجودها وحصتها في المعادلة السياسية في البلد.
آخر الشكاوى من التهميش عبّر عنها رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل الذي اثار اشكالية خطيرة جداً في سياق سياسة اعادة التموضع التي ينتهجها اخيراً منذ قرر أن يخرج من عباءة "حزب الله"، والإعداد للتنصل من "تفاهم مار مخايل".
هو تحدث بالأمس عن "أمر اساسي يهدد وحدة البلد، لسببين، اولهما انقسام اللبنانيين حيال الحرب، وثانيهما، انقسام البلد على الملف الداخلي إلى درجة الخطر على الوحدة"، معتبراً ان هذا الخطر يتمثل بعملية إقصاء المسيحيين بالتدرج عن الحكم، وعن الدولة ادارةً واقتصاداً، بدءاً من اختيار رئيس نيابة عنهم، وصولاً إلى انتهاك الدستور والميثاق وضرب الشراكة بالحكومة والمجلس النيابي. وفي اعنف هجوم له ربما على رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وجّه باسيل حملته ضد الحكومة ورئيسها اللذين يتصرفان وكأن الرئيس موجود فتُعقد الجلسات عادية وببنود عادية ومراسيم عادية، ذلك ان القيّمين على الحكومة يحكمون من دون المكوّن المسيحي.
ليست المرة الاولى التي يهاجم فيها باسيل ميقاتي، كما انها ليست الاولى التي يواجه فيها باسيل الحكومة عبر وزرائه فيها، ويعطل او يؤخر قرارات او مراسيم تتخذها، لكنها المرة الاولى ربما التي يربط فيها رئيس تيار مسيحي هو الوحيد الممثل في السلطة التنفيذية خطر الحرب بالوجود المسيحي، عندما قال انه "عوض ان نكون اليوم في حديث واحد هو حماية البلد من خطر المخطط الاسرائيلي وسبل المواجهة الوطنية الشاملة له، اصبح ضرورياً ان نحمي انفسنا ووجودنا من خطر الممارسات السياسية لشركائنا في الوطن، والتي باتت تهدد وجود الدولة ووحدة الوطن".
والسؤال: هل لدى باسيل الجواب على هواجسه، على نحو يقرن أقواله بالأفعال، أم ان اثارة مسألة الإقصاء تندرج ضمن التعبئة الشعبوية التي درج على انتهاجها "التيار البرتقالي"؟ ذلك انه الفريق المسيحي الوحيد ربما القادر على اعطاء الاجوبة حول هواجس الإقصاء والتهميش التي يتحدث عنها، وهو الفريق الوحيد غير المعرّض اساساً لا للتهميش ولا للإقصاء ، بل على العكس، هو يسهم بقصد او غير قصد بتكريس هذا الإقصاء، ولا سيما في العمل الحكومي.
ولعل هذا ما دفع اوساطا حكومية إلى الرد على باسيل، بقولها ان الإقصاء يمارسه المسيحيون في حق انفسهم عبر مقاطعتهم الاستنسابيّة للجلسات الحكومية، اذ يعتمد وزراء التيار الاستنسابيّة في الحضور او المشاركة او تقديم المشاريع وفق ما ترتئيه مصلحتهم، فيما يغيبون او يعارضون ويشكون من التهميش عندما يرون ان ذلك يصب في مصلحتهم، فيعمدون إلى استغلال مسألة حقوق المسيحيين شمّاعة لمصالح خاصة. وتأكيداً لذلك، تقول الأوساط، ما شهدناه اخيراً وليس آخراً عندما قدم وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار مشروع الحماية الاجتماعية من السرايا وبرعاية رئيس الحكومة!
وعليه، تدعو الأوساط باسيل إلى التوقف عن الازدواجية في المعايير والأخذ بقرارات اعلى المراجع الدستورية في البلاد التي ردت طعون تياره بأعمال الحكومة، وألزمتها العمل رغم صفة تصريف الأعمال لأن لا اجتهادات دستورية تفسر مفهوم تصريف الأعمال إذا امتد لأكثر من عامين كما هي الحال اليوم. ولا تغفل الأوساط إشارتها إلى ان بعض وزراء التيار يشكون من قرار رئيسهم منعهم من المشاركة في جلسات الحكومة.
في قراءة لمصادر مسيحية مستقلة، ان على باسيل، ومن اجل إقران قوله بالفعل، ان يبادر فوراً إلى إجراءين من شأنهما أن يغيرا المشهد الداخلي، ان على صعيد اداء الحكومة او على صعيد الاستحقاق الرئاسي. الإجراء الاول في رأيها يتمثل في الانسحاب كلياً من حكومة تصريف الأعمال وفي شكل نهائي، وليس على القطعة، او بالمفرق، كما حصل على مدى العامين الماضيين، الامر الذي ابرز نقطة الضعف والخاصرة الرخوة التي يمكن ان يُضرب فيها التيار، ومن ورائه المسيحيون، باعتبار انهم القوة الأكبر الممثلة في الحكومة، نظراً إلى عدم وجود القوة التي تفوقه حجماً وتمثيلاً، اي حزب "القوات اللبنانية" في الحكومة. اما النقطة الثانية فتكمن في ملاقاة القوى المسيحية بما فيها "القوات"، على توحيد الصف المسيحي وتشكيل جبهة متراصة في وجه حملات الإقصاء.
وهذا يترجم في رأي هذه المصادر عبر مضاعفة الضغط والحراك من اجل انجاز الإستحقاق الرئاسي، وقطع الطريق امام محاولات التمييع والمماطلة الجارية ممن سمّاهم باسيل الشركاء في الوطن، وهم للمفارقة في خندق واحد معه.
وتقيم هذه المصادر على قناعة بأن رص الصف المسيحي، اقله لإنجاز انتخاب رئيس، من شأنه ان يضع القوى الاخرى وفي مقدمها رئيس المجلس امام مسؤولية الدعوة إلى جلسات الانتخاب، ذلك ان اعلان تكتل "لبنان القوي" الذي يرأسه باسيل تجاوبه مع دعوة بري إلى الحوار تؤشر إلى ان التيار قرر فتح الخطوط "على حسابه"، رغم ادراكه ان الحوار الذي يشجعه الثنائي الشيعي ينطلق من مسلّمة ان ثمة مرشحا واحدا معترفا به هو مرشح الثنائي، وان مرشح تقاطع المعارضة ليس جدياً او لا يمكن التحاور حوله. وهذا في حد ذاته يقطع الطريق بالنسبة إلى المصادر المسيحية، على اي حوار بنّاء ينطلق بشروط مسبقة، ويحدد نتيجته سلفاً.
"النهار"- سابين عويس
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|