الحرب على لبنان: هل يتجنّبها الحزب… بشراكة مع الداخل؟
تتزاحم الرسائل التي تهدّد بشنّ الحرب على لبنان. آخرها ما نقلته CNN عن مسؤولين أميركيين أعلنوا أنّ العدوان البرّي الإسرائيلي يقترب. أي أنّ الحرب على لبنان باتت شبه حتمية. لكنّ مصادر مطّلعة على جوّ الرسائل الدولية المتبادلة بين لبنان وإسرائيل، تقول لـ”أساس” إنّ الحرب لن تنهي الصراع، أيّاً كانت نتيجتها. وأن لا حلّ إلا من خلال السياسة والتفاوض غير المباشر، وتحت سقف القرار 1701. فهل ينزل الحزب عن شجرة المعارك؟ وهل يلحق بـ”حماس” التي تتوجّه نحو منظمة التحرير لتشارك في حكم غزّة؟
حديث الحرب على لبنان يتزايد. وبعد الرسائل الدبلوماسية والسياسية، بدأت الرسائل في الإعلام وفي الميدان. وعلى الرغم من كثرة الطروحات والوساطات، إلا أنّ التهويل ترتفع وتيرته وحدّته.
للتذكير، استقبل مطار بيروت في الأشهر الأخيرة وفوداً أجنبية ودبلوماسية وسياسية أكثر ممّا فعل في الأعوام الطويلة الماضية. حملوا أفكاراً وطروحاتٍ وضعوها على الطاولة ثمّ سقطت لعدم وجود ضمانات تدفع القوى الأساسية إلى تنفيذها.
آخر الطروحات تلك التي تحدّثت عن تشييد أبراج حدودية جنوب لبنان شبيهة بتلك التي على حدوده مع سوريا.
الحلّ موجود.. في القرار 1701
لكنّ أهمّ الرسائل التي تصل لتفادي الحرب على لبنان، وإلى الحزب تحديداً، هي ضرورة العودة إلى نصّ القرار 1701. وهو يتألّف من 5 صفحات تتضمّن كلّ التفاصيل لحلّ النزاع بين لبنان وإسرائيل.
مصادر مطّلعة على خطّ الرسائل المتبادلة، ذكّرت في حديث لـ”أساس” بأنّ القرار له شقّ أمنيّ وشقّ سياسي:
– الشقّ الأمنيّ يتمثّل بوقف فوري لإطلاق النار.
– والشقّ السياسي هدفه استكمال البحث في تطبيق البنود الأخرى. ليس فقط المتعلّقة بالسلاح، بل أيضاً المتعلّقة بالحدود اللبنانية مع إسرائيل بدءاً من نقطة b1 إلى نقطة m9 . وهي النقطة الأخيرة التي تفصل الحدود اللبنانية الإسرائيلية عن الحدود اللبنانية السورية المفترضة.
القرار الأممي هذا ينطلق من ثلاثة عناوين متداخلة لا يمكن فصل أيّ منها عن الآخر:
– الأرض.
– الأمن.
– والسيادة.
ولتحقيق مصلحة البلدين في هذه العناوين، تشدّد الرسائل الدولية على أنّ وقف إطلاق النار يجب أن يليه مسار سياسي، كان يجب أن يبدأ منذ عام 2006. لكنّه، بحسب مراجع دولية، لم يدخل حيّز التنفيذ. ولو بدأ العمل به لكانت النقاط الثلاث قد تحقّقت.
نصر الله يعترض… الرسالة وصلت
هنا لا بدّ من التذكير بكلام الأمين العامّ للحزب الأخير حين اعترض بقوله: “المطلوب من لبنان أن يوقف الحرب ويطبّق القرار 1701، وأمّا انسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلّة فهو أمر متروك للمفاوضات”.
وصلت رسالة نصرالله إلى من يعنيهم الأمر. فكان الجواب الدولي أنّ أيّ انسحاب إسرائيلي من الأراضي اللبنانية المحتلّة لا يمكن أن يحصل إلا وفق مسار تفاوضي. كما أنّ إمكانية التوصّل إلى تثبيت الحدود اللبنانية الجنوبية في النقاط الـ13، بما فيها تلك العالقة، لا يمكن أن يحصل إلا بمفاوضات ترعاها الأمم المتحدة. وذلك وفق مسار يرتكز على التزام دولي من قبل الأطراف المعنيّة بالمفاوضات باستكمال المفاوضات حتى معالجة كلّ الإشكاليات العالقة .وذلك تفادياً للوصول إلى الحرب على لبنان.
ربّما إحدى الإشكاليّات الأساسية في القرار 1701 هي ما يشترطه من عدم وجود سلاح ومجموعات مسلّحة خارج إطار الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل في جنوب لبنان. وتعهُّد الدول بعدم إدخال السلاح إلى لبنان إلا بموافقة الحكومة اللبنانية.
هذا البند يرتكز عليه المعنيون بالدعوة إلى التفاوض للقول إنّ النظرة إلى أهل الجنوب اللبناني على أنّهم من بيئة الحزب هي نظرة واقعية ولا تطلب اقتلاع العائلات من أرضها. لا بل تضيف المصادر المعنيّة بالقول إنّ سلاح الحزب هو شأن داخلي لا دوليّ. وهذا ما ثبت في رسالة كتبها الأمين العامّ للأمم المتحدة عام 2007 يقول فيها إنّ حلّ إشكالية السلاح هو ملفّ داخلي لبناني. من هذا المنطلق كانت ورشات طاولة الحوار لمناقشة وتطبيق القرار 1701. ومن هذا المنطلق ولدت فكرة الاستراتيجية الدفاعية لمعالجة ملفّ السلاح.
في الخلاصة، هي دعوة دولية للطرفين إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة بعد وقف إطلاق النار قبل انزلاق المواجهة إلى الأسوأ. لأنّ نهاية الطريق في هذا النزاع هي في السياسة وليس في الحرب على لبنان.
هل يحذو الحزب حذو حماس؟
بينما لا يزال التساؤل حاضراً حول إمكانية اجتياح القوات الإسرائيلية رفح، هناك كلام جدّي جدّاً عن حوار فلسطيني فلسطيني سيحصل في موسكو خلال أيام. وصدرت أصوات من حماس تؤكّد أنّها لا تريد أن تحكم القطاع وحيدة ولا تريد أن ترأس أيّ سلطة.
لا بل إنّ أبرز عناوين المرحلة المقبلة، في الحوارات الممتدّة من موسكو إلى القاهرة والرياض وعمّان وأنقرة وواشنطن، هو انخراط “ما بقي من حماس” في السلطة الفلسطينية. وتحديداً في منظمة التحرير. وأنّ الحركة لن تحكم قطاع غزّة كما حصل في السنوات الماضية. وذلك لمصلحة تسوية دولية مقبلة تعبّد الطريق لإعلان دولة فلسطين.
إن نجح هذا المسعى أو لم ينجح، فإنّ ما تقوم به حماس في غزة مطروح اليوم على الحزب في لبنان على الرغم من الفوارق الكبيرة في القدرة والقوّة والحضور بين الفريقين. وقد يكون أحد أبواب تفادي الحرب على لبنان.
هل يحذو الحزب حذو حماس في الحوار الداخلي؟ وفي مشاركة الحكم مع الآخرين؟ وهل يتخلّى عن محاولته فرض مرشّحه على قصر بعبدا؟ وهل يقتنع الحزب بأنّ مصلحته هي بانصهاره مع القوى الأخرى في حكم لا يتحمّل وحده مسؤوليّته بل في حكم مدعوم دولياً وعربياً ليوفّر حدّاً أدنى من النموّ بعد الانهيار اللبناني الكبير؟
هو سؤال جدّي على الحزب الإجابة عليه اليوم قبل الغد. خصوصاً مع المعلومات التي تحدّثت عن أنّ مبادرة “كتلة الاعتدال الوطني” التي عُوّل عليها ستتعثّر قريباً بمطبّات “الثنائي الشيعي” لأنّه لم يقتنع بعد أنّ موعد الرئاسة أتى وحان قطافه.
جوزفين ديب - اساس ميديا
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|