الصحافة

هوكشتاين بنصائحه وتحذيراته"المطمئن والمخيف" قدم للبنان مغريات اقتصادية؟!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

ثوب جديد ارتداه المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين، في زيارته الأخيرة إلى لبنان. يحرص الرجل أن يظهر دوماً بإطار أوسع من حصر مهامه بملف الطاقة والتنقيب عن النفط والغاز. ولذلك، هو أعطى ثلاثة أبعاد لزيارته. البعد الأول، والذي يشكل أولوية، هو تهدئة الوضع في الجنوب، والوصول إلى تفاهم يتجنب من خلاله لبنان الحرب. البعد الثاني، هو إبقاء اهتمامه بملف الطاقة والغاز والنفط. وهو ما انعكس في لقائه مع وزير الطاقة والمياه. أما البعد الثالث، فيمزج ما بين الأوضاع العسكرية والمسألة الحدودية والاستحقاقات السياسية. صحيح أن هوكشتاين أطلق على رئيس مجلس النواب نبيه بري لقب الـ"The Boss"، لكنه فعلياً يريد لهذا اللقب أن ينطبق عليه هو.

يزور الرجل لبنان متسلحاً بإنجاز شخصي عمل على تحقيقه سابقاً في الترسيم البحري. وهو يريد تكرار التجربة برّياً.

المفوض السامي؟
تحدث المبعوث الأميركي بمضمون واحد. فتارة استخدم لغة واحدة، وطوراً نوّع في اختيار عباراته، بين الحرص على التهدئة وتكريس الهدوء، وبين التحذير وإبداء التخوف، أو الحديث عن ضرورة الوصول إلى حل شامل أو وقف دائم لإطلاق النار أو إرساء السلام والاستقرار. كل هذه العبارات حضرت في لقاءاته، إلى جانب تحفيز اللبنانيين على لغة واحدة تكون ضاغطة على حزب الله، حول ضرورة وقف الحرب وعدم تبنيها، والضغط في سبيل نشر الجيش على الحدود، وأن يكون وحده الجهة المعنية في حمايتها.
كل ذلك يدفع اللبنانيين لقراءة شخصية الرجل ومهامه بمنظور مختلف عن الآخر. فالبعض اعتبره مفوضاً سامياً، والبعض الآخر وجد فيه أنه يسعى إلى تطويق كل المساعي الأخرى من فرنسية وبريطانية وغيرها، وحصرها بشخصه وببلاده، وإن كانت تمتد من إرساء التهدئة إلى رئاسة الجمهورية، التي جرى المرور عليها بشكل عابر، ولكن بما يحتمل مؤشرات عديدة.

لعبة الانقسامات
جاءت زيارة هوكشتاين على وقع ارتفاع منسوب الانقسامات الإسرائيلية، خصوصاً في ضوء زيارة عضو الحكومة الإسرائيلية بني غانتس إلى الولايات المتحدة الأميركية، رغماً عن إرادة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي حاول التشويش على الزيارة. هذا أيضاً يمثل توتراً كبيراً في العلاقة بين نتنياهو والإدارة الأميركية. وكأن هناك من يريد إظهار انقسام سياسي لبناني عمودي في المقابل، من خلال التركيز على إظهار مواقف قوى سياسية معارضة لحزب الله ولكل توجهاته.

طبعاً هذا الأمر مفهوم، ويندرج في إطار التوجهات السياسية المتضاربة. لكن ما هو أبعد من ذلك، أن يذهب البعض إلى تشبيه زيارة هوكشتاين إلى بيروت، بزيارة كوندوليزا رايس في العام 2006، والتي اعتبرت حينها بأنها محاولة لتشكيل قوى سياسية اعتراضية على خيار حزب الله في الحرب واستمرارها.

تحذير واضح
من الواضح ان هوكشتاين لم يطرح مسألة تطبيق القرار 1701 كاملاً، بشكل فوري وسريع، وهو يعلم أن تطبيقه يحتاج إلى مراحل، وكل مرحلة تحتاج إلى وقت. لكن الأساس بالنسبة إليه الوصول إلى وقف لإطلاق النار وإعادة السكان المهجرين على جانبي الحدود. وبعدها يمكن الانتقال للبحث في تطبيق كامل مقررات القرار الدولي.

قرأ اللبنانيون مضامين مواقفه بتناقضات واضحة. فبعضهم أبدى ارتياحاً للمسار الأميركي، وأن التفاوض لا يزال موضوعاً على السكة لتجنب التصعيد. في المقابل، هناك من يبدي تخوفاً جدياً من احتمال تدهور الأوضاع، خصوصاً عندما قال هوكشتاين إن هدنة غزة ليس بالضرورة أن تنسحب على لبنان. وهذا يجب أن يكون مرتبطاً بتغيير الواقع العسكري والأمني في الجنوب وعلى الخطّ الأزرق. وهو يقصد بشكل أو بآخر مسألة انسحاب حزب الله أو سحب أسلحته. لكن ما يجمع عليه اللبنانيون أن رسالة هوكشتاين تتضمن تحذيراً واضحاً، قد يرقى إلى مستوى التهديد ولكن بلغة ناصحة.

"الزمن تغيّر"
في بعض اللقاءات جرى التطرق إلى التفاصيل المقترحة لصيغة الحل، ومن ضمنها وقف الأنشطة العسكرية لحزب الله في جنوب نهر الليطاني، وتفكيك الأسلحة الثقيلة وسحبها إلى الخارج. وعندما سئل عن كيفية التأكد من ذلك، أجاب أن الإسرائيليين يعلمون وقادرون على المعرفة. لكن هذا الكلام في مضمونه يتناقض مع المطلب الأساسي لدى حزب الله حول تطبيق اسرائيل للقرار 1701 ووقف الخروقات للأجواء اللبنانية ووقف تسيير الطائرات المسيرة أو الحربية في سماء لبنان.

سياسياً، كان هناك حرص لدى قوى المعارضة لتمرير موقف رافض لأي محاولة مقايضة بين تسوية الوضع في الجنوب وبين التسوية السياسية في الداخل. ولذلك شدد نواب المعارضة على مسألة رفض أي هدايا أو أن يدفع لبنان ثمناً سياسياً لحزب الله لقاء أي ترتيب للوضع الجنوبي. هنا تقول المصادر إن المعارضين سمعوا من هوكشتاين أن الزمن قد تغير وتجاوز مثل هذه المراحل. 

"المدن" 

من ناحية أخرى، ساعات معدودات أمضاها كبير مستشاري الطاقة في البيت الأبيض والمبعوث الاميركي اموس هوكشتاين فيبيروت، أجرى خلالها رقما قياسيا من اللقاءات التي توزعت بين المقرات وصولا إلى صالونات مطار رفيق الحريري في رحلتي الإياب والذهاب.

وأوضح مصدر لبناني لـ «الأنباء»، ان «هوكشتاين أعاد تركيز المرجعية الاميركية للبتّ في الملفات التي تعنى بلبنان، وان زيارته لها علاقة بالمعطى الجدّيّ عن قرب التهدئة في غزة، واللقاء الأساسي الذي شهد طرحا لكل العناوين كان مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي يمتلك تفويضا مطلقا من حزب الله للتفاوض باسمه والوصول إلى النتائج التي يراها مناسبة، مما يعني ان محادثات هوكشتاين مع بري تعني مفاوضات مع توأم لحزب الله اي مع الحزب نفسه».

وقال المصدر ان هوكشتاين «قدم مغريات اقتصادية لها علاقة بضمانات اميركية لاستجرار الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، اي استثناء لبنان من عقوبات قانون قيصر المفروض على حكومة سورية، والتسريع بعمليات التنقيب في البحر اللبناني، وهو الوعد الذي قطعه هوكشتاين للتشجيع على ترسيم الحدود البحرية، وعند حصول الترسيم لم ينفذ اي من الوعود، فكان السؤال اللبناني هل ما انطبق من وعود على البحر سينطبق على البر؟».

وأقر المصدر بحنكة هوكشتاين الديبلوماسية وقدرته على الوصول إلى حلول واشار إلى ان «النقاط التي يرتكز اليها المبعوث الأميركي من اجل التوصل إلى تسوية على الحدود بين لبنان واسرائيل، تستند بمعظمها إلى معادلات ثنائية، متقابلة ومحكمة، بحيث لا يمكن لأي طرف التنصل منها، او تجزئتها، أو خرقها، وهو قاربها في خلال زيارته السريعة من الزوايا التالية:


اولا: العمل على اقناع الطرفين (اسرائيل وحزب الله) بحجم وقوة التهديد الذي يشكله كل منهما للآخر.


ثانيا: افهام ذات للطرفين ان مصلحتهما المشتركة هي في عدم توسيع الحرب لان توسعها سيعني حربا اقليمية مدمرة.


ثالثا: ابلاغ الطرفين المعنيين انه لا عودة للسكان الذين نزحوا من منازلهم، من دون وقف القتال والالتزام به».

ولفت المصدر إلى ان «هوكشتاين الذي يتمتع بخبرة في المفاوضات، اكتسبها بعد الاتفاق على الترسيم البحري. استنسخ ذات طريقة التفاوض والمعادلات التي اعتمدها في تجربته في إدارة التفاوض البحري ويسعى إلى اسقاطها على التثبيت البري، لجهة انه في الترسيم البحري كانت نقطة الارتكاز والضعف لدى الطرفين هي آبار الغاز في البحر، أما حاليا في الاتفاق البري المرتقب، فإن نقطة الارتكاز والضعف هي السكان على طرفي الحدود، اي لا عودة للسكان من دون امن واستقرار مستدام، وهذا يشكل ضغطا كبيرا على اسرائيل ولبنان معا».

وأكد ان «هوكشتاين لن يتأخر في العودة إلى المنطقة بمجرد الاعلان عن هدنة شهر رمضان في غزة، لاقتناص الفرصة والبدء في جولات التفاوض في الناقورة بحضور اميركي، وأيضا عبر الجولات المكوكية بين تل ابيب وبيروت».

داود رمال - الانباء

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا