التعليم الرسمي: صناديق خاوية وتمويل مشروط
مع العودة إلى التعليم الحضوري، تتشارك معظم المدارس الرسمية عدداً من الهواجس المتصلة بصناديقها الخاوية مقابل ازدياد الكلفة التشغيلية، فيما تتراكم عليها ديون مستحقة نتيجة إخلال الجهات الدولية المانحة بدفع أموال الصناديق للعام الدراسي السابق ولأعوام سابقة أخرى. وكانت منظمة اليونيسف قد اشترطت لتحويل المستحقات تكليف شركة للتدقيق في حسابات المدارس. وبحسب مديرين، أجري التدقيق من دون أن تصل الأموال إلى المدارس حتى الآن.
وربطاً بتمويل الجهات المانحة، نشأت هذا العام أزمة نحو 3000 أستاذ ومعلم مستعان بهم في دوام قبل الظهر، بعدما امتنعت اليونيسف عن تغطية التعاقد معهم بحجة عدم الحاجة إلى خدماتهم المرتبطة بالنزوح وأعداد اللاجئين السوريين المسجلين في المدارس، وقد أبلغتهم المناطق التربوية، عبر مديري المدارس والثانويات، الاستغناء عنهم، إلا أنهم عادوا يداومون في المدارس بإيعاز من المدير العام للتربية عماد الأشقر الذي قال إن الوزارة ليست في وارد «تطفيش» أيّ معلم في ظل الظروف الحالية. غير أن الضبابية بقيت تلفّ مصيرهم، ومن أين سيقبضون مستحقاتهم.
وزير التربية عباس الحلبي وعد المعلمين المستعان بهم بعرض ملفاتهم على مجلس الوزراء لتوقيع عقود معهم، إلا أن ذلك لم يحصل في الجلسة السابقة، فهل يتم ذلك في الجلسة المقبلة أم أن هذا الوعد سيبقى في إطار التخدير؟ فيما يبدي مديرون خشيتهم من أن تزداد الضبابية مع التراجع المتوقّع لأعداد التلامذة السوريين وعودتهم إلى بلادهم، علماً أن الحاجة إلى المعلمين المستعان بهم في الدوام الصباحي لم تنشأ، كما يقولون، بسبب النزوح السوري فحسب، بل جرت الاستعانة بهم في أيام وزير التربية السابق الياس بو صعب بسبب زيادة أعداد المتقاعدين وتناقص أعداد المتعاقدين في ذلك الوقت. المعلمون المستعان بهم في الدوام المسائي يترقبون أيضاً ماذا سيحلّ بأعداد التلامذة السوريين، وما إذا كانت المدارس ستفتح في دوام بعد الظهر، علماً أن أعداد المسجلين لا تزال ضئيلة حتى الساعة لكون الوزارة اشترطت للتسجيل أن يحمل التلميذ إقامة صالحة ووثائق ثبوتية من مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة. ومع أن وزير التربية قال، خلال لقاء عقده أمس، مع لجنة الطوارئ بحضور ممثلين عن المكتب الإقليمي لليونسكو ومنظمة اليونيسف، إنه أعطى التوجيهات للبدء بالتعليم في دوام بعد الظهر ، إلا أنه لم يصدر حتى الآن أي مذكرة يحدد فيها مواعيد الانطلاقة.» وأكثر، يلفت المديرون إلى أن تراجع أعداد التلامذة السوريين قد يؤثر أيضاً على تمويل الجهات المانحة لمجمل المشاريع التربوية لوزارة التربية.
إلا أن المشكلة الكبرى التي تواجه المديرين والتي باتت تتجدّد مع بداية كل عام دراسي هي منع التعاقد مع معلمين على نفقة صندوق المدرسة ومنع التشعيب، فيترك المديرون لـ«يدبروا راسهم»، ولا سيما وسط ازدياد أعداد التلامذة المسجلين في المدارس الرسمية لهذا العام، وخصوصاً في مناطق الجنوب. وعلمت «الأخبار» أن هناك مدارس خاصة أقفلت أبوابها هذا العام نتيجة نزوح تلامذتها إلى المدارس الرسمية. وقال أحد المديرين إن لديه أكثر من 150 ساعة تعليمية غير مغطاة حتى الآن، بالنظر إلى أن الوزارة تطلب من المديرين استقبال كل التلامذة اللبنانيين والتلامذة من أمّهات لبنانيات.
في هذه الأثناء، بقيت الحوافز بالدولار الأميركي أو ما يسمّى «بدل الإنتاجية» لغزاً، إذ لم تفصح وزارة التربية حتى الآن، في اجتماعاتها مع روابط الأساتذة والمعلمين، عن قيمة هذا البدل، وخصوصاً أن الحلبي لم ينل في الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء سوى سلفة مالية بقيمة 3 آلاف مليار ليرة، بعدما كان قد طالب بـ 5 آلاف مليار، علماً أن هذا المبلغ يجب أن يغطي الحوافز المالية لأفراد الهيئة التعليمية في التعليم الرسمي والمهني والجامعة اللبنانية، ما يعني، أنه، بحسب أساتذة، لن يزيد كثيراً عن 300 دولار شهرياً. كذلك لم يبتّ بعد بأجر الساعة للمتعاقدين، فوزير التربية وقّع قراراً برفع أجر الساعة من 150 ألف ليرة إلى 360 ألفاً للمعلمين المتعاقدين في التعليم الأساسي، ومن 330 ألفاً إلى 660 ألفاً للأساتذة المتعاقدين في التعليم الثانوي، علماً أن ساعات المتعاقدين قُلّصت إلى النصف مع اعتماد 3 أيام تدريس و21 ساعة تعليمية، ومنهم من خسر ساعاته كلياً.
إلى ذلك، تستمر، كما قال المديرون، مشكلة أن بعض المتعاقدين هم فائض في بعض المدارس وحاجة في مدارس أخرى، مشيرين إلى أن ابتداع الحلول المالية الترقيعية لم يعد جائزاً، والمطلوب إنهاء بدعة التعاقد وإعادة ضخ دم جديد وسنّ قوانين المحاسبة والمتابعة.
«شفافية» الترميم والبناء؟
خلال اجتماع لجنة الطوارىء لإدارة القطاع التربوي في الأزمات وأوقات الطوارئ أمس، طالبت الإدارة التربوية في وزارة التربية الجهات الدولية المانحة بضرورة الحصول على تمويل طارئ لمعالجة الأضرار الناتجة عن العدوان الإسرائيلي، وكلف وزير التربية عباس الحلبي الإدارة بإعداد تصور مبدئي مستند إلى المسح الميداني للأبنية المدرسية، ومتابعة التنسيق مع اليونسكو واليونيسف لإعداد لائحة تتعلق بالتكاليف قال إنها «ستكون بمنتهى الشفافية، والتعاون مع اليونسكو لتعديل الخطة السابقة، والإنطلاق من المرونة التي تتمتع بها هذه الخطة لتتلاءم مع الوضع الراهن وتوفير التعليم».
وبعد مسح الأضرار، تبين أن هناك مدارس تحتاج إلى تدعيم وترميم، وأخرى تحتاج إلى إعادة بناء كاملة بسبب الدمار الشامل (8 مدارس). وأشار المجتمعون إلى أن هناك 1119 مدرسة رسمية يمكنها ان تبدأ التدريس، فيما لا تزال نحو 15 مدرسة رسمية تعتمد كمراكز إيواء.
فاتن الحاج - الاخبار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|