بري يستقبل باسيل.. وموسى: المشاورات مستمرة والجلسة ستكون "مفتوحة وبدورات متتالية"
الاحتقان كبير لكن ظروف لبنان لا تتحمل قيام انتفاضة جديدة
ارتفع منسوب الاحتقان السياسي في لبنان إلى مراحل متقدمة، والبلاد أمام مخاض مشابه لما حصل قبل 14 مارس 2004 وقبل 17 أكتوبر 2019، وقد تتولد عن المخاض مشكلات جديدة، او أزمات صعبة وغير متوقعة، وكل المساعي والاتصالات التي تجري على المستوى الداخلي بين الأطراف المعنية، وعلى المستوى الخارجي من خلال المبعوثين الدوليين، لم تؤد حتى الآن إلى أي نتيجة تساعد على تحقيق انفراج جدي، لا في الشأن الداخلي، ولا على الساحة الجنوبية التي تتعرض لعدوان إسرائيلي شرس.
تؤكد المعلومات أن غالبية القضايا الملحة التي تحتاج إلى حلول سريعة، مجمدة، بما في ذلك الملف الرئاسي، بينما يتفاقم الوضع المعيشي من جراء الركود الذي أصاب الاقتصاد بسبب التوتر القائم، وقد تعطلت السياحة وتراجع الإنتاج الزراعي والصناعي، وقطاع الخدمات يعاني من شلل كبير بينما المصارف انهارت أو تكاد، والمواطنون فقدوا قيمة ودائعهم بالليرة اللبنانية، ومنعوا من الوصول إلى مدخراتهم بالعملات الأجنبية لدى البنوك. ويبدو واضح أن مسار الحرب في الجنوب مرتبط عضويا بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة.
الشارع اللبناني يغلي على وقع الشلل الذي يصيب إدارة الدولة، والفوضى تتسلل إلى أماكن جديدة كانت قد نجت نسبيا من الانهيار. وما يتم عرضه يوميا عن أحداث أمنية متفرقة ليس تفصيلا على الإطلاق، وهناك ما يشبه الفلتان في شوارع العاصمة والمدن الأخرى، خصوصا بسبب خروج بعض سائقي الدراجات النارية عن أي قيود، والخدمات الأساسية الضرورية تراجعت إلى الحدود الدنيا، من جراء تلاشي دور البلديات التي فقدت غالبية وارداتها المالية، ولم يعد بمقدورها القيام بواجباتها البديهية، وهناك أكثر من 150 بلدية منحلة ويديرها الموظفون.
أما العمل في معظم الدوائر الحكومية والمؤسسات العامة والمحاكم، فهو في أسوأ حال، والزيادات التي أضيفت على رواتب الموظفين لم تؤثر إيجابا على الإنتاجية (أقله حتى الآن) والقيمون على إدارة الدولة من القوى النافذة والأحزاب المهيمنة، قدمت أسوأ ما عندها في سياق إدارتها للمؤسسات، بينما يتطلب الوضع تضحية وتجارب أنجع لمعالجة المشكلات الكبرى. وهناك جهات متعددة تحمل المسؤولية علنا «لقوى الثنائي الشيعي (أو الوطني)» في هذا السياق، وتتهمهم بالإمساك بمفاصل غالبية الإدارة، وبكونهم يتمتعون بتأثير وازن في مجال الأمن ولهم سيطرة على منافذ حدودية عدة.
القوى السياسية والهيئات الشعبية خصوصا في «الشارع المسيحي» تتهيأ لإطلاق انتفاضة من نوع جديد، بالتكافل والتضامن مع شرائح جديدة من المتقاعدين والموظفين وأصحاب المهن الحرة، ولدى هذه الجهات دوافع واسعة، تبدأ من حالة التعطيل والتهميش والفوضى التي تحصل من جراء عدم وجود رئيس للجمهورية، ولا تنتهي بما يصيب هذه المكونات من أذى بسبب الركود الاقتصادي وتفاقم البطالة وزيادة عدد النازحين. ويعتبر هؤلاء أن الحرب التي فرضت على لبنان، واستقواء بعض الأطراف بالسلاح وبالعوامل الخارجية، هي السبب الرئيس وراء هذه المشكلات.
وغالبية من المرجعيات السياسية والدينية تأخذ على حزب الله استفراده في الحيازة على قرار الحرب والسلم، وبأنه السبب وراء تأخير انتخاب رئيس جديد للجمهورية، بينما الحزب يعيش في ظروف صعبة للغاية من جراء الثمن الغالي الذي يقدمه في مواجهة العدوان في الجنوب.
يحتاج الوضع إلى زيادة منسوب المصارحة، او إلى بعض التنازلات الجدية لوضع «القطار على السكة» ولا يكفي على الإطلاق إصدار بيانات إعلامية لا تقدم ولا تؤخر ولا تغني عن جوع. وزيارة وفد حزب الله للرئيس السابق ميشال عون مؤسس التيار الوطني الحر، لم تصرف في حسبة المقايضات الوطنية، بل أخذت على محمل المجاملة الشخصية ليس إلا.
ظروف لبنان صعبة جدا ولا تتحمل أي مغامرة، ولا تستوعب أي انتفاضات احتجاجية جديدة، ولكن إنقاذ الشراكة الوطنية يتطلب مزيدا من العناء والعناية.
ناصر زيدان - الانباء
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|