أول تواصل بعد سقوط النظام.. ماذا قصد الشرع بتزكية ترشيح قائد الجيش؟
النزوح السوري خطر وجودي... بلا عنصرية
ليست المشكلة اللبنانية مع الفرد السوري في ذاته، بل هي سياسية، مزمنة، وتزداد تفاقماً. هي مشكلة البلد الصغير غير القادر على استيعاب ابنائه، فكيف بالوافدين من جنسيات مختلفة ولا تهمهم العودة من حيث أتوا. وهذه المشكلة تتفجر مع السوري على الدوام، لانه الاقرب، والاكثر عدداً، والهارب من جحيم بلاده، جحيم السياسة اولا، وجحيم الحرب ثانيا، وقبلهما جحيم الفقر، اذ يفد الى لبنان الفقراء باعداد كبيرة، والميسورون باعداد قليلة نسبيا. وكثير من الفقراء يدخلون بطريقة غير شرعية، ويقيمون من دون اجراءات قانونية واوراق ثبوتية.
تناول ملف النازحين السوريين يجب الا يتحول الى العنصرية والعدائية وخطاب الكراهية، لكن التغاضي عنه ايضا جريمة بحق لبنان واللبنانيين، لان خطرهم على البلد صار وجودياً.
واذا كانت حملات عدة انطلقت من اجل عودتهم الى بلادهم، لا يخلو بعضها من العنصرية والتحريض، فقد لخصت الوزيرة السابقة ليلى الصلح حمادة الوضع بكلمات تعبر عن الواقع الاليم، اذ قالت: كفر الشعب وسكت عن الحدود المشرّعة غير مدرك ان الخطر الحقيقي هو الوجود السوري، قاسمونا المغانم في زمن الرخاء والاحتلال، واليوم في زمن الشدّة يقاسموننا الارزاق... لا احد يطالب بحق عودتهم بل أصرّوا على ايوائهم... هل طمعا بمساعداتهم الأمميّة، ام تواطؤا مع أسيادهم ام استقواء بطائفتهم؟".
وتختصر العبارات السابقة كل المشكلة، فالحدود المشرعة هي الاصل، اذ لو تم احصاء الداخلين والخارجين، وضبط حركتهم، وتسجيلهم في قيود، لما بلغ الوضع ما هو عليه اليوم، في ظل تفلت وعدم قدرة على المراقبة، واساسا عدم القدرة على احصائهم، اذ تتضارب الارقام بشأنهم ما بين الاجهزة الامنية ومفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ويفتح الوضع القائم على واقع تقاسم المغانم والارزاق. فمعظم السياسيين في لبنان، في زمن الوصاية السورية، قدموا هداياهم الى الوالي في عنجر، واصطفوا لنيل رضاه، واستقووا به لضمان مصالحهم التي تقاسموها مع ضباط على مختلف المستويات. واليوم يقاسمنا السوري الرغيف المدعوم، والمشتقات النفطية وغيرها من تلك المواد التي تفقد لبنان مخزونه من الدولارات. صحيح ان دولارات وفيرة تحط على اجنحة المؤسسات والمنظمات العاملة مع النازحين، الا ان خيرها موقت، ولا يحسب حساب البنى التحتية والخسائر غير المباشرة.
وقد وضعت الصلح يدها على جرح عدم الرغبة الجدية من اعادتهم الى بلادهم، لاسباب طائفية او مصلحية. فالبعض يرى فيهم، كما رأى في الفلسطيني من قبل، حشدا مذهبيا يمكن ان يعزز دوره في مواجهة الاخرين في بلد الشعوب المتعددة والمتباعدة غالبا. اما المنظمات غير الحكومية فحدث ولا حرج، اذ تسفيد تلك الجمعيات من اموال النازحين في كل مشاريعها، وستصيب اكثرها اعراض البطالة عند مغادرة هؤلاء الى مسقطهم. ومن اجل المحافظة على تلك المكاسب، ترفع الشعارات المختلفة، المغلفة بالانسانية والحقوقية والسياسية، رفضا لدفع النازحين الى قراهم ومدنهم في الداخل السوري.
اما التواطؤ مع اسيادهم، اي مع النظام السوري الذي لا يرغب باستعادتهم، ويريدهم ورقة ضغط متزايدة، ففصوله قديمة ومتجددة، وتثبت احد اشكال العمالة، لانها تقدّم مصلحة كل وصيّ ومحتل على المصلحة الوطنية اللبنانية.
تجتاح شوارع لبنان لوحات إعلانية لحملة تحمل شعار "UNDO The Damage Before It's Too Late"، "تراجعوا عن الضرر قبل فوات الأوان"، تستهدف اللاجئين السوريين، وتطالب اللبنانيين بالاتحاد والتحرك بمسؤولية لتصحيح الوضع بشكل عاجل، بعدما تخطت نسبتهم كما أوردت الـ 40 في المئة من السكان.
"النهار"- غسان حجار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|