خلافة خامنئي بين الشروط والمصاديق
من الطبيعي أن ينشغل المرشد بنفسه في ترتيب عملية انتقال السلطة، وأن يعمل من أجل وصول شخصية تكون قادرة على متابعة السياسة والنهج الذي عمل لأكثر من ثلاثة عقود على إرسائه
في أول لقاء له مع الأعضاء المنتخبين لعضوية مجلس خبراء القيادة الجدد، تحدث المرشد الأعلى للنظام الإيراني عن الشروط التي يجب أن تتوافر في المرشد الجديد، والتي يجب على هذا المجلس أن يضعها في الاعتبار عند البحث عن الشخصية المناسبة لتولي الموقع الأول والأعلى في هرمية السلطة والنظام.
وقد لا يكون حديث المرشد عن هذه الشروط أو التطرق إلى المعايير التي يجب توافرها في الشخصية المرشحة لتولي هذا الموقع، الأولى من نوعها، إذ من الطبيعي أن يتطرق أو يشير إليها في أول لقاء يحصل بينه وبين أعضاء هذا المجلس بعد كل عملية انتخاب جديدة لأعضائه البالغ عددهم 88 عضواً من الفقهاء الذين يمثلون المؤسسة الدينية الرسمية.
إلا أن الحديث عن الخلافة والشروط المطلوبة تختلف هذه المرة عن سابقاتها، لاعتبارات ومؤشرات عدة جرى الحديث عنها بشكل صريح ومباشر، إن كان من طرف المرشد نفسه، أو حدث تداولها داخل منظومة السلطة، أو بين أعضاء مجلس الخبراء نفسه، مما يدفع إلى الاعتقاد بأن المرشد والنظام ومؤسسات الدولة العميقة دخلت في مرحلة البحث الجدي حول شكل وطبيعة المرحلة التالية لغياب المرشد عن المشهد السياسي والسلطوي على رأس النظام، وما يعنيه ذلك من جدية البحث في الشخصية التي ستحل مكانه وتكون خليفته في هذا الموقع الحساس.
ومن الطبيعي أن ينشغل المرشد بنفسه في ترتيب عملية انتقال السلطة، وأن يعمل من أجل وصول شخصية تكون قادرة على متابعة السياسة والنهج الذي عمل لأكثر من ثلاثة عقود على إرسائه ورتب آليات السلطة على أساسه بعد توليه القيادة خليفة لولي الفقيه والقائد المؤسس، وكان آخرها هندسة مجلس خبراء القيادة الجديد من خلال إبعاد الأشخاص الذين يخاف منهم أن يتحولوا إلى مصدر قلق وإزعاج، وقد يعرقلون انسيابية عملية انتقال القيادة إلى خليفته ضمن الخطوط والخطط التي رسمها، وعمل مع الدولة العميقة على ترتيبها، فانتخابات مجلس خبراء القيادة الحالية جرت في ظل أجواء تنظر إلى هذا المجلس الجديد بأنه سيكون أو سيلعب الدور ويقوم بالمهمة التي أنشئ من أجلها، ولم يمارسها سوى مرة واحدة بعد رحيل المؤسس في الثالث من يونيو (حزيران) عام 1989، عندما اختار خامنئي ليكون ولياً للفقيه بعد المؤسس، وبالتالي فإن الأعضاء الجدد الذين انتقوا بشكل مدروس وكثير من العناية، ليكونوا على انسجام مع توجهات المرشد ومنظومة السلطة، سيكون عليهم القيام بالمهمة الأصعب والأدق، وسيواجهون استحقاقاً طالما كان مؤجلاً خلال الأعوام الماضية مع المجالس السابقة، بخاصة أن المرشد الحالي دأب على الحديث خلال الأعوام الماضية عن الرحيل عن هذه الدنيا نتيجة تقدمه في السن، انطلاقاً من أن الموت حق لا يمكن الفرار منه.
ولا شك في أن الدولة العميقة أو منظومة السلطة عملت على إبعاد كل الشخصيات التي تمتلك تجربة إدارية أو سياسية أو كانت شريكة في القرار السياسي والإستراتيجي للنظام والدولة، وأن الشخصيات التي وصلت إلى عضوية هذا المجلس تفتقر إلى مثل هذه التجربة بعد استبعاد كل من الرئيس السابق للجمهورية حسن روحاني ورئيس السلطة القضائية الأسبق ورئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام صادق لاريجاني، ومعهما الشخصيات الدينية التي تولت مناصب وزارية في الحكومات السابقة مثل وزير استخبارات روحاني محمود علوي، ووزير داخلية الرئيس محمود أحمدي نجاد ووزير العدل في حكومة روحاني مصطفى بور محمدي، ولم يستثن من هذه القاعدة سوى رئيس الجمهورية الحالي إبراهيم رئيسي الذي تنقل ما بين إدارة أكبر مؤسسة اقتصادية ومالية خلال توليه لإدارة العتبة الرضوية في مدينة مشهد شرق إيران، وانتقل منها لتولي رئاسة السلطة القضائية التي تعتبر الضلع الثالث في هرمية مؤسسات الدولة إلى جانب السلطتين التشريعية والتنفيذية التي تولى رئاستها بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة عام 2021.
* نقلا عن "إندبندنت عربية"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|