عملية "عالية الدقة"... هكذا نفذت إسرائيل الهجوم على القنصلية الايرانية بدمشق
كان الهجوم الذي ألقت طهران بالمسؤولية عنه على إسرائيل ضربةً عسكرية نادرة الحدوث على مجمع دبلوماسي في أي مكان بالعالم، وربما هذا ما جعل القادة العسكريين الإيرانيين يعتقدون أن مجمع السفارة الإيرانية في دمشق مكان آمن لعقد اجتماع رفيع المستوى، وفي منأى عن الاستهداف الإسرائيلي، رغم وقوع عشرات الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سوريا.
حدث الهجوم على سفارة محمية بموجب الأعراف الدولية لحماية البعثات الدبلوماسية، ولكن السؤال ليس عن سبب استهداف إسرائيل مجمعا دبلوماسيا محميا بالقوانين الدولية، وهي التي لا تقف عند أي خطوط حمراء، وإنما كيف حصل الاستهداف، ومن ساهم في إيصال المعلومات الدقيقة للاستخبارات الإسرائيلية لتفعل ما فعلته؟
اختراقات عالية المستوى
مصادر عسكرية مطلعة على حيثيات ما حدث في حي المزة بدمشق، يوم الاثنين الماضي، في الأول من أبريل الجاري، تشير إلى وجود اختراقات عالية المستوى في آلية العمل التي يتبعها ما أسماه "محور المقاومة" الذي يضم إيران وحلفاءها.
وتقول المصادر المطلعة على آليات التنسيق، في تصريحات خاصة لـ "إرم نيوز"، شرط عدم الكشف عن هويتها، إنه لا بد من الاعتراف بأن الاستخبارات الإسرائيلية تفوقت على الجميع، بمن فيهم ما يسمى "محور المقاومة"، وبالتالي فإن عملية الاختيار الدقيق للهدف والملاحقة والمتابعة، ومن ثم عملية الاستهداف للقادة الإيرانيين، وفي زمن لا يتعدى الدقائق، مؤشر خطير على حصول اختراق كبير وقاتل.
وتشير المصادر إلى أن وقوع الهجوم بعد دقائق قليلة من خروج السفير الإيراني من مقر إقامته يثبت أن لدى الإسرائيليين عيونا وآذانا ومتابعة على مدار الساعة، وربما على مدار اللحظة.
وتقول إن "إسرائيل أثبتت قدرتها على تنفيذ عمليات ملاحقة ومتابعة واستهداف دقيق وفي أزمان قصيرة جدا، بينما مثل هذه الطريقة المعقدة تحتاج، إن كان في اتخاذ القرار أو المتابعة والملاحقة أو ما يسمى عملية الاستهداف والانقضاض على الهدف، إلى ساعة أو ساعات، لنجد أن إسرائيل اختزلت الزمن وقامت بعمليات استهداف دقيقة وحققت نتائج دقيقة؛ ما اعتبرته المصادر "مؤشرا خطيرا جدا".
عيون وآذان
وتشرح المصادر أن لإسرائيل "عيونا وآذانا" ترى وتسمع كل شيء، هم عملاؤها على الأرض، ولا بد أنها تخترق شبكات الاتصالات التي يستخدمها القادة العسكريون والمستشارون في "محور المقاومة".
وتضيف: لا بد أيضا من أن العناصر البشرية التي تستخدمها إسرائيل قادرة على الوصول إلى داخل الاجتماعات، ويمكنها المتابعة والمراقبة وإرسال مواقع الأهداف وتحركاتها، والتنسيق مع الإسرائيليين في كل تفصيل؛ بمعنى أن هناك شبكات تعمل داخل سوريا، أو ربما تعمل داخل الحلقتين الأولى والثانية القريبتين من الحرس الثوري الإيراني وميليشيا حزب الله، إذ يتم من خلالها اتخاذ القرار العاجل والسريع، ومن ثم إقلاع الطائرات واصطياد الهدف أو الأهداف، حيث تبين أن معظم العمليات التي تقوم بها إسرائيل ناجحة.
وتلفت المصادر إلى بعض الأصوات الإيرانية التي حمّلت السلطات السورية مسؤولية هذه الاستهدافات. وتكشف أن ميليشيا حزب الله استشعرت الخطر وسحبت العدد الأكبر من مقاتليها من سوريا، وهذا دليل على أن لدى الميليشيا تحفظات على آلية العمل أو التنقل أو الاتصالات؛ إذ لم يعد من الآمن لقياداتها التواجد في سوريا، وبالتالي قامت بعمليات إخلاء لمعظم القيادات الأمنية والعسكرية هناك.
عامل آخر
ثمّة عوامل أخرى، وفقا للمصادر العسكرية، يمكن دمجها مع ما سبق من عوامل، وهي لا تقل أهمية عن سابقاتها في نجاح الاستهدافات الإسرائيلية ضمن الأراضي السورية، فتقول إنه من المرجح وجود غرفة عمليات مشتركة تضم الإسرائيليين، إلى جانب الاستخبارات الأمريكية والفرنسية، الناشطتين في سوريا، واللتين تمدان إسرائيل بالمعلومات، وكذلك بعض سفارات الدول الغربية في دمشق، التي "تحوّلت إلى أوكار للجواسيس".
وتتابع: "لنكن صريحين، آلية العمل الأمني التي تعتمدها إيران وحلفاؤها لم تعد مجدية، ودائرة الاتصالات لم تعد محمية، والحلقتان الأولى والثانية من المتعاقدين مع الحرس الثوري الإيراني باتتا ضمن دائرة الشك، وأيضا العاملين في السفارات الغربية.
آلية غير مجدية
المصادر العسكرية تعتقد أن آلية العمل الأمني التي تعتمدها إيران أو حلفاؤها لم تعد مجدية، "بما فيها الإجراءات الأمنية وعمليات التنقل والتخفي"
وتقول: "لا بد من إجراء تغيير جذري لكل قواعد العمل الميداني الأمني والعسكري التي يعتمدها ما يسمى "محور المقاومة".
وتختم حديثها بالقول: "لنعترف أن الإجراءات الحالية لم تعد مجدية في وقف هذه الاعتداءات والجرائم المتكررة على الأراضي السورية، أو حتى على أراضي الحلفاء، ويجب الإسراع في تغييرها وتحديث أدواتها."
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|