هل تكون بيروت مقصد قيادة "حماس" إذا أخرجت من الدوحة؟
سرى في أوساط سياسية وإعلامية في بيروت وسواها سيل من المعلومات والتكهنات أوحى بأن قيادة حركة "حماس" المقيمة في الدوحة منذ أكثر من عشرين عاماً وتؤدي دور قيادة الخارج بدأت جدّياً رحلة البحث عن عاصمة أخرى عربية أو غير عربية يمكن أن تستقبلها وتؤمّن لها الرعاية والحماية، لأن السطات القطرية لم يعد بإمكانها جبه حملة الضغوط الغربية عليها، التي تلح عليها لطرد قيادة "حماس" وفي مقدمها رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية وسلفه خالد مشعل إضافة الى خليل الحيّة وعزت الرشق وسواهم من الصف القيادي القديم والجديد.
والحجة التي يتسلح بها ممارسو الضغوط المكثفة هي أن هذه القيادة تتعامل بسلبية مع كل العروض التي تقدَّم إليها بغية القبول بالهدنة وتهدئة الموقف في غزة على أن يكون مفتاحها إطلاق السجناء الذين اختطفتهم الحركة يوم عملية "طوفان الأقصى" والمقدّر عديدهم بـ130 معتقلاً وأسيراً، وتصر بالمقابل على التمسّك بمواقفها وشروطها.
ومما لا شك فيه أن هذا التكهن قد تعزز بعد التصريح الذي أدلى به رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري والذي كشف فيه أن بلاده في طور إعادة تقييم موقفها من موضوع المفاوضات الجارية والتي تؤدّي فيها الدوحة دوراً أساسياً لكونها الملاذ لقيادة الحركة. وبناءً على ذلك راج الكثير من الكلام عن العاصمة الرابعة التي يمكن أن تتجرّأ وتفتح أبوابها لاستقبال "حماس" التي سبق لها أن طُردت من عمان وخرجت هي من دمشق وأُبعدت من اسطنبول لتجد في بيروت ملجأ لشريحة واسعة من جهازها القيادي الذي كان في مقدّمه صالح العاروري الذي نفّذ الطيران الإسرائيلي عملية اغتياله مع سبعة من مرافقيه في شقة كان يشغلها في الضاحية الجنوبية في مطلع السنة الحالية.
وبناءً على ذلك توجّهت الأنظار بشكل رئيسي الى ثلاث عواصم عربية وهي بيروت ودمشق وبغداد لاعتبارات عدّة. وفيما سرت معلومات تفيد أن بغداد بضغط من الدوحة وطهران قد قبلت بتوفير مساحة من الأرض في محيطها تصلح لأن تكون مجمّعاً يؤوي قيادة الحركة، لكن الأمر لم يتخطّ حدود التكهّن، فيما سرى أن دمشق أبلغت من يعنيهم الأمر وفي مقدمهم "حزب الله" أنها غير مستعدّة إطلاقاً لأن تعود لتحتضن قيادة "حماس" كالسابق، لأنها تكتفي بالمصالحة التي جرت بينهما أخيراً وأنها رغم ذلك ليست راغبة في إعادة التجربة السابقة. أما مسالة الانتقال الكلّي لقيادة الحركة الى بيروت فأمر دونه عقبات وصعوبات أمنية وسياسية خصوصاً في ظلّ الاعتراض الذي بان إثر الظهور العسكري المحدود لمقاتلين من الحركة في الميدان الجنوبي ما عزّز مظاهر الانقسام بما يعيد إحياء تجربة الوجود الفلسطيني الذي كان قبل عام 1982.
وفي السياق الأبعد أورد الباحث اللبناني المقيم في مركز "أبعاد" للدراسات الاستراتيجية في لندن صهيب جوهر في دراسة نشرها في بيروت أخيراً أن وفوداً من "حماس" زارت كلاً من سلطنة عمان وجنوب أفريقيا في معرض السؤال عن إمكان أن تستقبل كلتا العاصمتين أو إحداهما قيادة الحركة إذا ما غادرت الدوحة، مضيفاً أن الحركة تعتزم إرسال موفدين الى كل من الجزائر وبغداد لطرح السؤال عينه.
لا تنفي حركة "حماس" وجود ضغوط تمارس على الدوحة في إطار الضغط على الحركة نفسها لمعاقبتها على ثباتها على مواقفها، لكنها تنفي نفياً قاطعاً أن تكون السلطات القطرية فاتحت قيادة الحركة في أمر مغادرة الدوحة والبحث عن ملاذ آخر. وقال القيادي في قيادة الحركة في لبنان وليد كيلاني لـ"النهار" إن الحركة تضع كلّ ما يقال بخصوص عزم قيادتها الموجودة في الدوحة على الانتقال منها الى عاصمة أخرى "في إطار الشائعات، والهدف ممارسة الضغوط على الحركة بعد ثباتها على مواقفها ورفضها التنازل أو التراجع عن مطالبها وشروطها المعروفة لتهدئة الوضع في غزة وفي مقدمها وقف العدوان بشكل دائم وانسحاب قوات العدو وإعادة النازحين من شمال غزة قبل البحث في ملف الأسرى".
وأضاف: "الأكيد أن هذا الموقف الراسخ لم يعجب العدو الصهيوني ولا الإدارة الأميركية، لذا شرعا في رحلة الضغط السياسي والإعلامي على قيادة الحركة وإظهارها بمظهر المعزول. ونحن نؤكد أن هذا الضغط المستجد لن يجدي كما لم تنجح الحملات الضارية علينا في الميدان".
ورداً على سؤال قال كيلاني: "إن الإدارة الأميركية شريكة في عملية الضغوط علينا لدفعنا الى التخلي عن مواقفنا المبدئية والقبول بعرضها الذي هو عرض إسرائيلي ولكن بورقة أميركية، وهي بعد ذلك انتقلت الى ممارسة الضغوط على القيادة القطرية لكي تبادر الى ممارسة الضغوط علينا. لذا نؤكد أن الأنباء التي ضُخّت أخيراً عن قرب خروج قيادتنا من الدوحة والبحث عن مكان آخر يستقبلنا هي أنباء غير صحيحة، ونؤكد أن قيادة الحركة ليست في وارد البحث عن عاصمة أخرى تنتقل إليها لأن الدوحة لحدّ الآن لم توح لنا أننا بتنا غير مرغوب فينا عندها، وكلّ ما سرى هو من باب الضغوط ليس إلا. أما إن كان هناك من يستند الى موقف رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الذي تحدث فيه عن أن بلاده بصدد إعادة تقييم موقفها من ملف الوساطة والتفاوض الذي تؤدّي فيه دوراً رئيسياً فهذا لا يعني إطلاقاً أن القيادة القطرية تعتزم إبعاد قيادة حماس". واعتبر "أن كل ما يُسرّب هو أخبار كاذبة نسجها العقل الإعلامي الصهيوني والأميركي خدمةً للكيان المغتصب".
وقال "ثمة من التبس عليه الأمر فأدرج زيارة وزير الخارجية التركي للدوحة ولقاءه مع الأخ إسماعيل هنيّة في خانة البحث عن مكان آخر تنتقل إليه قيادة حماس، والصحيح أن الزيارة كانت لمساندة قطر في مواقفها إضافة الى دعم الحركة وموقفها خصوصاً أن الرئيس التركي رفض اعتبار الحركة تنظيماً إرهابياً".
"النهار"- ابراهيم بيرم
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|