مسؤول لبناني: مفوضية اللاجئين ليست متجاوبة... ونحذر من "استكبارها"
انهمك المسؤولون على مستوى مجلسَي الوزراء والنواب والمؤسسات الامنية في الاسابيع الاخيرة بملف النازحين السوريين ورفع الصوت على مسامع اكثر من دولة، فضلا عن المحافل الدولية: ان لبنان لم يعد قادرا على تحمّل اعباء هذا النزوح. وينشط رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي على اكثر من خط في الاتحاد الاوروبي للعمل على إعادة هؤلاء الى بلدهم. وستتبلور معالم كل هذا الحراك اللبناني في "مؤتمر النازحين" في بروكسيل في نهاية أيار المقبل وما اذا كانت الدول الاوروبية التي جرى التواصل معها وفي مقدمها قبرص واليونان، ستضع على أجندة اجتماعاتها ملفا بات يهدد الحياة اليومية للبنانيين ويقلق نيقوسيا واثينا اولا في اوروبا على عكس عواصم شقيقة لهما لا تكترث للصرخات التي تصدر من لبنان ولا تبالي امام كل التحديات وتقول إنها "تسكته" بحفنة من المساعدات المالية.
وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب قام بدور مهم مع اكثر من دولة اوروبية شرط ان يأخذ ما سمعه منها طريقه الى حيز التطبيق. وكان هذا الموضوع محل "تشريح" بين ميقاتي وعدد من المسؤولين الاوروبيين ومناقشته مع اعضاء
لجنة الشؤون الخارجية النيابية برئاسة النائب فادي علامة التي سبق لها ان قدمت الى الحكومة ورقة مفصلة تعالج مندرجات النزوح ولاقت موافقة اعضاء اللجنة من "حزب الله" الى "القوات اللبنانية" وما بينهما، مع ابداء النائب وائل أبو فاعور تحفظات عنها إذ لا يثق الحزب التقدمي الاشتراكي بعودة هؤلاء الى المناطق التي هي تحت نفوذ الرئيس بشار الاسد.
ويقرّ الجميع بان لبنان تأخر كثيرا في مقاربة هذا الملف الشائك حيث يغنّي كل فريق على "ليلاه السياسي"، الامر الذي يؤدي الى مزيد من التخبط وإظهار ان #مفوضية اللاجئين والمنظمات الدولية الاخرى أقوى على الارض من قرارات الجهات الرسمية المحلية. ومن غير المنطق ان تقدِم اطراف سياسية على تحميل مديرية الامن العام مسؤولية التعاطي مع النازحين وتناسي الجهات التي كانت ترحب بقدومهم واستقبالهم. ومن المفارقات ان كل فريق سارع الى تقديم ورقته حيال النازحين بعد مقتل القيادي في حزب "القوات اللبنانية" باسكال سليمان والعاصفة التي اثيرت ضد النازحين والمطالبة بضرورة تنظيم إقاماتهم وأعمالهم.
وتفيد مصادر امنية انه لم تبقَ منهم إلا أعداد قليلة في البلدات المسيحية، خصوصا في جبل لبنان. ويستعد اللواء الياس البيسري الذي تقوم مديريته بجهود كبيرة في هذا الملف للتواصل مع القيادة السورية لوضع خطة لاعادة النازحين.
يعترف السفراء الغربيون بالاثقال الملقاة على اللبنانيين جراء الآثار التي يخلفّها النازحون على اصحاب الارض، لكنهم لا يُجمعون على "تفهّم" معاناة اللبنانيين، مع ملاحظة ان عواصم غربية لا تعير هذا الملف ولا صرخات الآخرين العناية المطلوبة. ويقول سفير دولة اوروبية شرقية في بيروت امام نائب إنه "يجري الاستسهال في تعاطي المجتمع الدولي مع لبنان بحيث لا يتم التوقف عند المعاناة التي يعيشها أهله في استضافتهم لأكثر من مليوني سوري". ولا يخفي ان دولا اوروبية فضلا عن اميركا لم تنخرط طوال السنوات الماضية في العمل على اطلاق مشروع جدي لعودة السوريين الى بلدهم. مع الاشارة الى انه في لبنان أيضا وعلى مدار الحكومات المتعاقبة منذ تدفق النازحين اليه بدءا من عام 2011 لم يُصر الى تنظيم هذا الملف ولو بحدوده الدنيا على غرار ما فعله الاردن نتيجة حال الانقسام بين الافرقاء والتعاطي مع هذا الموضوع من الزاوية الخاصة الى درجة ان جهات ربطت استقبال النازحين باقتراب ازاحة الرئيس الاسد عن سدة الحكم.
ويبقى عدم التوصل الى القرار السياسي الموحد في مقدم الاسباب التي اوصلت لبنان الى هذا "الكابوس".
ويقول عضو لجنة الشؤون الخارجية ونائب "القوات اللبنانية" بيار بو عاصي، ان الورقة التي سبق للجنة ان قدمتها قبل أشهر لرئيس الحكومة تعبّر عن حقيقة ما وصلت اليه الامور جراء هذا الكمّ من النازحين السوريين على الاراضي اللبنانية. وتضمنت الورقة التركيز على قيام البلديات باجراء احصاءات عن النازحين والعمل على وقف تمويلهم. وسبق لبو عاصي ان تابع هذا الملف بتكليف من قيادته وزار #واشنطن وباريس ونيقوسيا اخيرا، الى عواصم اخرى، شارحا للمعنيين فيها حقيقة ما وصلت اليه الامور من ضغوط يتكبدها لبنان جراء ملف النزوح الضاغط. ومن المفارقات التي تزعج نائب "القوات" ان "اكثر الذين يتم تناول هذا الموضوع امامهم في الخارج لا يصغون بعناية لكل ما يقوله اللبنانيون في هذا الشأن، وان معظم المنظمات الدولية التي تعتمد على تمويل الدول المانحة تتحدث معنا باستكبار"، وان العبارة التي يسمعها على ألسنة المتابعين لهذا الملف من منظمات دولية ومسؤولين اوروبيين هي ان "الظروف غير مكتملة بعد لاعادة النازحين الى سوريا. وعندما يُطرح السؤال عليهم يتهربون، وهم في اختصار لا يريدون رجوعهم الى بلدهم"، وان اي خطة في رأي بو عاصي لمعالجة تحدي النزوح تحتاج الى"قرار موحد لبناني سياسي - سيادي".
وفي انتظار التوصل الى القرار المنتظر سيستمر اللبنانيون في خلافاتهم المفتوحة على ملف بهذا الحجم ستهدد ارتداداته ما تبقّى من سيادة وطنية. والدليل على ذلك ان ممثلين لمفوضية اللاجئين ومنظمات دولية لا يكترثون لكلام مسؤول لبناني يسألهم عن "داتا" غير مكتملة للنازحين السوريين وعمن تم تسجيلهم قبل 2015 وتوزعهم في المناطق، ما يثبت "بالجرم المشهود" ان لبنان دولة ناقصة السيادة.
"النهار"- رضوان عقيل
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|