ردًّا على اختراقات الممانعة وصواريخها...مكسب نتنياهو تهجير "غزة"
لا يناور رئيس حكومة إسرائيل بنيامين نتانياهو بقوله أن ساعة اجتياح الجيش الإسرائيلي لمدينة رفح قد اقترب، بعد أن أعطى رئيس الأركان هرتسي هاليفي موافقته على الخطة .
لا يناور نتانياهو لأن ردّة فعله بغطاء دولي على عملية طوفان الأقصى، أوصل الى اجتياح الجيش الإسرائيلي للقطاع من دون توقّفه أمام حجم الضحايا والدمار، ومن ثم التداول الإسرائيلي بأكثر من سيناريو لتحييد المدنيين الفلسطينيين المكدّسين في بقعة ضيّقة، لإكمال حربه على حماس لاستئصال قيادتها والقضاء عليها .
لا يناور نتانياهو في حربه الهادفة الى إزالة قطاع غزة وإسقاطه من خريطة دولته إسرائيل، وهو الذي رفض لأكثر من بعد أمني – ديني - عقائدي...، انسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع في العام ٢٠٠٥ ، ولذلك يمضي في حربه بغطاء سياسي - شعبي واسع تنفيذا للأبعاد التي من أجلها رفض تسليم القطاع للفلسطينيين وخضوعه لاحقا لسلطة حماس التي غامرت بمصير مواطنيها، مقدّمة القطاع له على طبق من الدماء، التي استثمرها لدى المجتمع الدولي .
وكان الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري عبّر بشكل صريح عما قد يقدم عليه نتانياهو تجاه رفح، وأعلن بشكل واضح: "أننا يجب أن نبذل قصارى جهدنا من أجل وقف أي اعتداء على رفح الفلسطينية، متابعاً: "نتحدث عن حوالي 1.3 مليون في رفح وعلى الحدود بين غزة ورفح، وأي اعتداء على هؤلاء سيمّثل كارثة بكل معنى الكلمة...".
وأضاف مدبولي خلال كلمته في جلسة حوارية بشأن الوضع في قطاع غزة على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض: "هذا الأمر سوف يؤدي إلى نزوح ثان لهؤلاء الأشخاص الذين يسعون إلى الانتقال لمكان آخر وقد يضغطون على مصر ونحن كدولة مصرية من الناحية الإنسانية جاهزون لتزويدهم بأي دعم، ولكن من الناحية السياسية سيساهم هذا في تصفية القضية الفلسطينية وإنهائها بشكل كامل مع عمليات النزوح ."
وتابع مدبولي: "اتّفقنا على إقامة دولة فلسطينية فكيف نقيم دولة فلسطينية بدون شعب فلسطيني...؟!".
إذًا القلق الذي أبدته مصر مرارًا مؤشر خطير لما ستكون عليه نتيجة اجتياح القطاع، بالتوازي مع تحذيرات أميركية - أوروبية - عربية لن تؤدي لردع إسرائيل عن تنفيذ هذه الخطة التهجيرية.
تكمن العوامل التي يستفيد منها نتانياهو، في أنّه يعلم بأن دولة إسرائيل مدعومة في معركتها الوجودية بعدما أجادت تل أبيب واللوبي الصهيوني تصوير عملية حماس في السابع من تشرين الأول الماضي، بأنها تهديد لها بأبعاد دينية من قبل مجموعات تحمل ثقافة الإرهاب، لكل من القاعدة وداعش والإخوان المسلمين.. بما يتطلب القضاء على تلامذة هذه المدرسة أي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، كما تم القضاء على غير منظمات إرهابية .
فالمعركة اذًا أبعد من بقاء نتانياهو وهروبه من المحاكمات، فهي معركة طمأنة الشعب اليهودي وبقاء إسرائيل ولذلك تبقى المساعدات الأميركية تتدفق على أكثر من صعيد، رغم انتقادات الرئيس الأميركي جو بايدن وغير مسوولين دوليين على المجازر التي تحصل، وعزّزت مؤخّرا بتحركات طلابية مؤيّدة ورافضة لما يصيب الفلسطينيين من قبل الجيش الإسرائيلي .
سيجتاح نتانياهو رفح، في مرحلة انشغال أميركي بالإنتخابات الرّئاسية، وهي في الوقت ذاته "قبة باط " مدوزنة له، لأنه بات أمام ثلاثة تحديات وهي :
- الأول يتمثّل في خرق حركة حماس للأمن القومي الإسرائيلي إثر عملية طوفان الأقصى النّوعية، بنتائجها الكارثية على أهالي القطاع وما لذلك من انعكاس على هيبة جيش الدفاع الإسرائيلي.
- الثاني يتمثّل بالصّواريخ التي يطلقها حزب الله وأحيانا فصائل ممانعة تدور في فلكه على شمال إسرائيل بشكل يومي وهجرة نحو مئة ألف مواطن من المستوطنات، رغم طاقة الرد المرتفعة لإسرائيل وتكبيد حزب الله خسارة قيادات محورية، إضافة الى مقتل مدنيين و تهجير عدد كبير من الأهالي وتدمير واسع للبلدات والقرى الجنوبية.
- الثالث يتمثّل، بأن الصّواريخ الإيرانية اخترقت الأجواء الإسرائيلية، رغم دوزنة واشنطن لعملية الرد على قصف قنصلية إيران في سوريا، لكن القيادة العسكرية - الأمنية في تل أبيب توقّعت على ما أعلن عدد من الضّباط المتقاعدين على صلة بالقيادة أن توقّعاتهم كانت أن حجم الرّد الإيراني سيكون شبيه بالذي اعتمدته لدى قصفها قاعدة عين الاسد، بما يمكّن الدّفاعات الجوية من صده ومنع اختراق الأجواء وسقوط الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية.
لكن رغم نوعية الرد الإسرائيلي عل إيران بعد قصف طهران وأذرعها عليها، فإن القيادات الإسرائيلية وجدته انتقاما "ضعيفا " كما وصفه وزير الأمن القومي بن غافير وعدد من القيادات، وأن كل من القوّات الأميركية، الفرنسية، الانكليزية والأردنية إضافة الى الإسرائيلية، تكاملت للرد على هذا القصف ورغم ذلك نفد عدد من الصواريخ الى داخل إسرائيل ، فكيف لو وصل في المستقبل ومنظومة دفاع الحلفاء غائبة عن المنطقة؟.
ولذلك فإنه بالتوازي مع تأييد إسرائيلي شعبي - سياسي واسع لنتانياهو في معاركه، إلا أنّه بات متهما بتهاونه مع تهجير حزب الله للمستوطنين من شمال إسرائيل، وضعيف أمام إيران التي لم يكن الرد عليها قاسيًا وموجعًا، لعدم تكرارها وأذرعها قصف إسرائيل يوما ما، بعدد أكبر من الصواريخ والمسيّرات، في ظل غياب قوى المساندة ،وباتت هذه القوى تعتبر أن نتانياهو لا يحمي سيادة إسرائيل.
في ظل الإختراقات التي ترخي بواقعها العسكري والمعنوي على إسرائيل، فإن نتانياهو بات يهدف أيضا لتحقيق خرق في مكان ما، وفي حاجة لانتصار باجتياحه لرفح، بما يدفع الفلسطينيين للهرب والإندفاع نحو اختراق الحدود الفاصلة بين القطاع وبين مصر للدخول إليها عنوة هربًا من القتل والجوع، بحيث يهدي الإسرائيليين كما يتداول المحيطون به هذا الإنتصار انتقاما من حماس، فيما مصير محور المواجهة مع حزب الله غامض وغير معروف إذا ما كانت سترتفع وتيرة المواجهة مع إسرائيل أم يتقدّم عليها التفاوض المفخّخ....
سيمون أبو فاضل-الكلمة أونلاين
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|