"حالة من الإستنفار"... مطعم يتعرّض لإعتداء مسلح للمرة الثانية!
الجامعة اللبنانية ليست للتوظيف السياسي والطائفي
كان يُفترض أن يشكل ملف التفرغ فرصة لتصويب أوضاع الجامعة اللبنانية والسير في إصلاح أوضاعها. كان يمكن التأسيس من خلال الملف المعلق بسبب الفيتوات السياسية لمقاربة مختلفة لمهمة الجامعة ودورها ووظيفتها، أي تغيير التعامل معها بنظرة مغايرة عن اعتبارها جامعة للتوظيف السياسي وليس للفعل الأكاديمي والبحثي. وللعلم أن التعليم الجامعي اليوم لم يعد تقليدياً، فقد دخلت عليه عناصر جديدة مع التطور التكنولوجي واقتحام الذكاء الاصطناعي لكل مكوناته، فإذا لم تواكب الجامعة المسارات الجديدة والآليات المختلفة للتعليم، ستكون خارج التصنيفات والمنافسة، وحتى إمكان التقدم في المناهج ومواكبتها للتحديث.
المؤسف أنه بدلاً من اتخاذ ملف التفرغ المنجز الذي أعد وفق آلية مختلفة عن السابق على قاعدة "الحاجات والتوازن والأقدمية" وبما يتناسب مع إمكانات الجامعة التي عانت كثيراً خلال السنوات الماضية، ليس في موازنتها فحسب، بل من التدخل السياسي في شؤونها، بدلاً من التعامل معه لنصرة الجامعة وتأمين مصالحها وانصاف أهلها من خلفيات أكاديمية بحتة، جرى تعطيل التفرغ من قوى سياسية لا تزال تنظر إلى الجامعة كمكان للتوظيف والتنفيعات والمصلحة السياسية والطائفية، اي أنها تنظر اليها ليس كمؤسسة تعليم عال أكاديمية، انما كمؤسسة ينبغي الوصاية عليها والهيمنة على قراراتها وإدارة شؤونها لمصالح ضيقة وكأنها مدرسة ابتدائية أو مؤسسة مناطقية.
وضعت قوى سياسية معروفة فيتوات سياسية على التفرغ ومنعت رفعه إلى مجلس الوزراء تحت ذرائع أنه ملف غير عادل، ليتبين أن اي محاولة إصلاحية وان كانت محدودة، لا يمكن أن تمر من خارج التوظيف الذي تريده المكاتب الحزبية التربوية واستطراداً المهيمنين على السلطة السياسية. وعلى الرغم مما طرح من صيغ توفيقية أو تعديلات محدودة تأخذ بالاعتبار واقع التوازنات في الجامعة وترفع عدد المدرجين في ملف التفرغ إلى نحو 1280 من 1750، إلا أن هذه الصيغ اصطدمت برفض "الثنائي الشيعي" الذي يبدو أنه يصر على ادخال كل المتعاقدين إلى الجامعة ولو على دفعات من دون الاعتبار لحاجات الجامعة وامكاناتها وقدرتها على الاستيعاب بما يتناسب مع دورها ووظيفتها.
النظرة السياسية إلى الجامعة تعمق أزماتها، وهي الجامعة الرسمية الوحيدة في لبنان وتضم اليوم أكثر من 64 الف طالب وطالبة في كلياتها ومعاهدها للدكتوراه، وبفعل ما يحدث من تعليق لملفاتها تعاني من أزمة خانقة تهدد استمراريتها لا بل وجودها كمؤسسة أكاديمية للتعليم والبحث العلمي. وتعليق ملف التفرغ على مصلحة سياسية وطائفية يعني أن الجامعة تسلك مساراً انحدارياً لا توقفه كل محاولات رئيسها ووزير الوصاية لإنقاذها أو أقله وقف انهيارها وتعزيز صمودها وتحصينها من آثار التدخل السياسي في شؤونها.
الأخطر أن المسار الذي تسلكه الجامعة اذا استمر لناحية التعاطي السياسي معها سيمعن في تفكيك بناها ومكوناتها ويحدث قطيعة بين هيئاتها التعليمية، أي المتفرغين والملاك والمتعاقدين، وهو ما نشهد بوادره من خلال ممارسات تؤثر على التعليم فيها، والمؤسف أن تصبح قضايا الجامعة في مرتبة متأخرة فيما تتقدم المطالب التوظيفية وتحسين الوضع المالي، وهو أمر لم يكن من الأولويات في عصرها الذهبي. والمؤسف أيضاً أن كل القوى السياسية والطائفية، وأولئك الذين يزايدون على الجامعة، لم تتغير نظرتهم إلى هذه المؤسسة كمكان للتنفيعات والتوظيف السياسي، فيعملون على إسقاطها بالتضامن والتكافل غير مكترثين لوجودها كمؤسسة أكاديمية، إلا إذا كانت ملفاتها تضمن التوزيع السياسي والطائفي والتحاصص على الاسماء والكليات والعمادات وحتى الفروع، ومن له كلمة الفصل في الهيمنة على بنيانها. وهنا مكمن الخطر على مستقبل الجامعة الوطنية.
"النهار"- ابراهيم حيدر
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|