نصرالله ذهب بنفسه إلى العاصمة السورية وقابل الرئيس الاسد ؟
من المنتظر ان يصل الى دمشق خلال الساعات الـ 48 المقبلة وفد من قيادة حركة "حماس" بعد نحو 10 اعوام على مغادرة احد ابرز قياديي الحركة (آنذاك) خالد مشعل (ابو الوليد) هذه العاصمة شبه مبعد بعدما رفض كل ضغوط النظام السوري عليه لإشهار انحيازه الى جانب النظام وذمّه المعارضة السورية المنتفضة حينذاك وهي ترفع شعار اسقاط هذا النظام تماما.
واذا ما تحقق وصول الوفد القيادي الحمساوي آتيا من مؤتمر الحوار الفلسطيني الموسع الذي ترعاه الجزائر وهو احتمال مؤكد وراجح، فانه يحق إذذاك لـ"حزب الله" "التباهي" بانجاز جديد يضيفه الى رصيده في قيادة المحور، يتقدم من خلاله خطوة اساسية في "تمتين جدران محور الممانعة" ورأب واحد من اكثر تصدّعاته خلال العقد الاخير.
اذ لم يعد خافيا كم من الجهود الاستثنائية بذلتها قيادة الحزب، بغية اقناع دمشق الممتلئة غضبا واستياء مما تسميه "خيانة" الحركة لها و"عض اليد" التي احتضنتها طويلا ورفضت كل الاغراءات التي قدمت لها بغية انهاء وجود الحركة بين ظهرانيها.
وفي هذا الاطار سرت في الاسابيع الماضية في اوساط سياسية في بيروت معلومات فحواها ان السيد حسن نصرالله ذهب بنفسه الى العاصمة السورية وقابل الرئيس بشار الاسد متمنيا عليه ازالة آخر الاعتراضات السورية على فتح ابواب دمشق للحركة "التائبة" والمعيدة النظر بكل ادائها وخياراتها السابقة والمقررة استطرادا تمتين علاقاتها بشكل اوثق مع "محور المقاومة" الى حد الالتصاق به والتماهي مع خياراته وتوجهاته.
فضلاً عن ذلك، فان الحزب بيّن للقيادة السورية المعنية انه يبني الكثير من الوقائع العسكرية مستقبلا بفعل "النقلة النوعية المنتظرة" لـ "حماس" والتي بدأت بوادرها منذ زمن مع ما يعني ذلك من القطع مع المرحلة الماضية والانفتاح بشكل اكثر جرأة على متطلبات المرحلة الجديدة. ولقد قدّم الحزب وفق المعلومات نفسها الى من يعنيهم الامر اكثر من برهان ودليل على حقيقة التزام الحركة الجهادية بمتطلبات هذا الانتقال من فضاء الى آخر ومن بينها "صمودها" في وجه الضغوط التي مورست عليها من جماعات "الاخوان المسلمين" المتمددة مضافا اليها جماعات سلفية ومتشددة اخرى تشكل "الرحم التاريخي" وبيئة الاحتضان لها وذلك بغية ثنيها عن توجهها القاطع باعادة وصل ما انقطع مع النظام في دمشق والتي بلغت حد "تكفيرها وقطع كل أشكال العلاقة معها".
وبحسب معلومات فان الحزب قدم البيان الاخير الذي اصدرته قيادة الحركة المركزية (في غزة) في 15 ايلول الماضي والذي اعلنت فيه بما لا يدع مجالا للشك ان القيادة قد قررت بشكل نهائي اعادة التواصل مع النظام في دمشق مقدمة بطبيعة الحال مبرراتها لهذا التطور، برهانا اضافيا على الانحياز المكشوف من الحركة لمحور المقاومة وتصديها لكل ما يمكن ان يتداعى عن هذا الانتقال.
وثمة برهان آخر قديم - جديد ذكّر الحزب القيادة السورية به من باب تعزيز منطقه وخطابه، ويتجلى في خطوة الحركة الجريئة تغيير قيادتها المتهمة بإحداث القطيعة مع دمشق والخروج منها كملاذ آمن (مشعل) والاتيان بقيادة جديدة شكلت عنصراطمئنان اكبر لدمشق ولمحور الممانعة عموما. وفي مقابل جهود الحركة نفسها لتطويع قاعدتها وجمهورها وتمهيد طرق العودة الى العاصمة السورية، فان زوار دمشق يتحدثون باسهاب عن الجهود التي بذلتها القيادة السورية نفسها بغية خفض منسوب الاعتراض في قواعد النظام السوري على قرار بحجم عودة "حماس" الى دمشق وهي المحاصرة بتهمة "الولوغ بالدم السوري" وقيادة كوادرها العسكرية لمعارك مخيم اليرموك الواقع في خاصرة دمشق، وهي المعارك التي اتعبت الجيش السوري لا بل انهكته على مدى نحو خمسة اعوام.
واستناداً الى المعطيات المتوافرة فان النظام في دمشق ترك للمنصات الاعلامية التابعة له مهمة "تطويع" الرأي العام السوري المعترض على تقبّل فكرة المصالحة مع "حماس"، فحفلت تلك المنصات بسجالات حادة كانت في معظمها اعتراضا على هذا الامر وذمّاً بالحركة وتاريخها وبرحم "الاخوان" الذي وُلدت منه. وفي سياق حملة "التطويع" تلك برز دخول الرئيس السوري بشار الاسد بنفسه على خط التهدئة من خلال توجيهه التحية الشهيرة "وبالاسم" للذراع العسكرية للحركة بقيادة محمد ضيف بعدما خاض المواجهة الشرسة الاخيرة مع القوات الاسرائيلية.
ومع ذلك، فان جهات اعلامية لبنانية وثيقة الصلة بالقيادة السورية نقلت اخيرا عن مراكزالقرار في العاصمة السورية ان عودة "حماس" الى دمشق محاطة بسلة شروط وضعتها القيادة السورية في يد الجهة الوسيطة وهي "حزب الله" بغية ابلاغها الى الحركة لتكون بمثابة فترة انتقالية تمهد لاتمام فصول المصالحة واعادة الامور الى نصابها السابق.
وهي شروط تتمحور على اربع ركائز:
- ان تكون قيادة الحركة في غزة حصرا هي صلة الربط والوصل بين دمشق وقيادة الحركة المركزية، اي من دون المرور باي قناة تواصل اخرى (الدوحة وانقرة).
- ان يكون القيادي البارز في الحركة الدكتور خليل الحيّة هو المسؤول المباشر عن ملف هذه العلاقة والمرجعية المؤهلة والموثوق بها بالرعاية والاشراف.
وتدليلا على هذا التوجه فان من المؤكد ان الحية هو الذي سيرأس الوفد الحمساوي الاول الذي يتوقع ان يصل خلال وقت قصير الى دمشق (بعد انتهاء اعمال مؤتمر الحوار والمصالحة الفلسطيني الذي ترعاه الحكومة الجزائرية في العاصمة الجزائرية، والذي بدأت اعماله امس ومن المفترض ان يستغرق مبدئيا ثلاثة ايام).
- ان يكون "حزب الله" بمثابة "الضامن" في شأن مستقبل العلاقة بين الجانبين.
- ان تكون الاشهر الستة الاولى المقبلة كحد ادنى بمثابة فترة اختبار وتجريب مرحلة انتقالية لسبر اغوار مستقبل هذه العلاقة.
ومن بين الشروط الضمنية لهذه العلاقة ان يكون وجود الحركة في دمشق ابتداء وجودا شكليا ومضبوطا لتتعود قواعد النظام على تقبل التطبيع ونسيان سنيّ "الجمر والرماد" التي كانت عليها طبيعة العلاقة في الماضي غير البعيد.
ابراهيم بيرم - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|