من باب العدالة... نزوح عكسي وطوعي من لبنان الى سوريا ولو بعد 100 سنة؟؟؟
من باب العدالة، ومن زاوية التوازن، والمنطق، والإنصاف... تبرز حاجة ماسّة لتمكين لبنان من الحصول على "جائزة" من جراء تحمّله النتائج الكبرى للنزوح السوري في المنطقة، إذ إنه يتحمّل الفاتورة الأكبر على هذا الصعيد نسبةً لصغر مساحته الجغرافية، وإمكاناته الشحيحة، وأزماته الاقتصادية والمالية.
"دود الخلّ"
المسألة تلك متروكة للمستقبل في أي حال، ولمن يتوجّب عليهم أن يطالبوا بذلك. ولكن قد يكون ممكناً اعتماد المثل الشائع والقائل "دود الخلّ منّو وفيه"، بطريقة مختلفة عن المعنى الحقيقي المقصود به، لتحقيق بعض العدالة في هذا الإطار. فالمقصود بـ "الخلّ ودوده" هنا، هو أن نسبة لا بأس بها من اللبنانيين أنفسهم، ومن كل المذاهب والطوائف، كانت ولا تزال تتمنى لو كانت تعيش في سوريا، وذلك منذ زمن طويل.
وهذه شريحة من اللبنانيين تتغنّى منذ عقود بقدرة الحكم السوري على تسيير "الذئاب" و"الأغنام" في بلاده، جنباً الى جنب، بعيداً من الطائفية والمذهبية، ومن المحسوبيات السياسية والحزبية، وبقدرته على توفير الكهرباء، والمياه، والخدمات الاستشفائية والصحية... لشعبه، حتى في أصعب الأيام، فيما يفتخر بعض اللبنانيين (من كل الطوائف) بأنهم أجروا عمليات جراحية كبيرة في سوريا حتى في أخطر حقباتها، وخلال اشتعال أشرس المعارك فيها.
"كوتا"
فماذا لو مُنِحَت تلك الشريحة اللبنانية حقّ النزوح الطوعي العكسي مستقبلاً، أي من لبنان الى سوريا، مع حقّ التمتّع بالحقوق نفسها التي يتمتّع بها المواطن السوري هناك، وذلك من باب العدالة، وبعد سنوات من نزوح سوري الى لبنان، ومن دعم دولي كبير للسوريين في بلدنا أكثر من اللبنانيين، وعلى حسابهم؟
وماذا لو تمّ ذلك بموجب "كوتا" يُتَّفَق عليها في المستقبل، خصوصاً إذا رفضت نسبة 5 أو 10 أو 20... في المئة من السوريين العودة الى سوريا مستقبلاً، لا سيّما أولئك الذين لم يَكُن لديهم منازل فعلية هناك منذ ما قبل الحرب السورية، ولا فرص عمل ثابتة، ولا ظروف حياة مقبولة أصلاً هناك (هذه الفئات موجودة بالفعل، وهي مُهمَلَة من جانب الدولة السورية منذ ما قبل الحرب السورية).
مصير شعبه
تشير مصادر مُتابِعَة لوكالة "أخبار اليوم" الى أن "العدالة ليست مطلباً لبنانياً نابعاً من أعباء النزوح السوري فقط. فمقتل آلاف لا بل ملايين اللبنانيين والسوريين من جراء حروب النظام السوري في لبنان وسوريا على حدّ سواء، وتهجير الملايين، وإخفاء الملايين، ليست قضية عادية أبداً".
وتشدّد على أن "لا عدالة ممكنة في أي مسألة الآن. فالمسؤول السوري الذي لا يسأل عن مصير شعبه الذي تهجّر من أي منطقة سورية، لن يسأل عن العدالة للبنان، ولا عن لبنانيين يرغبون بالعيش في سوريا طوعيّاً، ولا بمنحهم حقوقاً تتناسب مع ذلك".
"همروجة"
في أي حال، نتمنى لو يعترف المسؤولون في لبنان بحاجة اللبنانيين الى عدالة بعد انتهاء "همروجة" نتائج أزمات النزوح السوري مستقبلاً، إذا انتهت طبعاً، وبمعزل عن المدّة الزمنية الفاصِلَة عن ذلك الوقت.
كما نتمنى لو تتوفّر لدينا سلطة في يوم من الأيام، تتحدث مع السلطات في سوريا عن واجباتها تجاه لبنان، وعن ضرورة قولها "شكراً" له بعدالة، بألف أسلوب وطريقة، بعد سنوات من أعباء احتلال، وتهريب، ونزوح...
في هذا الإطار، تؤكد المصادر أيضاً أن "لا مجال لانتظار سلطة لبنانية تطالب بعدالة لشعبها من أحد، طالما أنها هي نفسها فاقدة للعدالة تجاهه".
وتُضيف:"أين هي العدالة للّبناني الذي عمل في أفريقيا أو أميركا أو أوروبا، والذي تعب لسنوات، والذي فقد ودائعه في لبنان؟ وماذا عن ذاك الذي لم تتبخّر ودائعه في الداخل، بل استعملها في تأسيس مشروع أو بناء منزل، قبل أن يفشل ويفقد كل شيء، بسبب الوضع العام السائد في البلد؟ فهذا أيضاً ضاع مستقبله وتعبه".
وتختم:"هذا هو مبدأ العدالة المفقودة في لبنان".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|