الصحافة

عينة من نقاط الخلاف الاميركي -السعودي .." البادي اظلم "...؟

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

 

سيرافق الازمة النفطية القائمة بين الولايات المتحدة الاميركية والمملكة العربية السعودية الكثير من المواقف كما هو ظاهر ، في حين يجزم مواكبون لهذه العلاقة بأنها حصراً بين إدارة الرئيس جو بايدن وفريق عملها لمنحازين الى ايران ، الذي هو امتداد لإدارة الرئيس السابق باراك اوباما، وبين الرياض التي لديها ملاحظات واضحة على سياسة الجمهوريين المتهاونة مع ايران ...

ويكفي تعداد مصادر مواكبة لهذه العلاقة ، لجملة مآخذ خليجية وعربية على بايدن، ليتبين أن هذا الفريق كحليف استراتيجي لدول عربية، لم يحترم العلاقة القائمة بأبعادها بين الجانبين، فكان متخاذلا أمام إيران وامتدادها في المنطقة، على حساب الأمن القومي الخليجي، وعندما كان أمام بايدن اصلاح التقصير في دفاعه عن كل من السعودية والامارات، أمام تعرضهما لصواريخ باليستية ومسيرات، فشل في ذلك بسبب اندفاعه لمراعاة إيران.

فإبان زيارة بايدن إلى كل من السعودية والامارات، لطلب زيادة إنتاج النفط ليستثمر هذا النجاح لو حصل في انتخاباته النصفية، سئل عما إذا كان التجاوب مع طلبه سيدفعه للتشدد في "الاتفاق النووي" وسيلجم إيران وحلفاءها من المضي في تعدياتهم، فكان جوابه ،" ان الأمرين منفصلان، أي انه لم يقدم أية ضمانات أو خطوات عملية تجاه حلفائه في المنطقة.."

قبل ذلك، ظهر تقاعس واضح من القوات الاميركية المنتشرة في الخليج بما خصّ الدفاع عن أمن هذه الدول ومصالحها، ولا سيما لدى تعرض شركة ارامكو للقصف, في ظل وجود قواعد باتريوت وما تحمله من تفوق في اداء دورها في صد الصواريخ المهاجمة .

ثم اين حرص ادارة بايدن على الحريات وحقوق الانسان من الذي تشهده الجمهورية الاسلامية الايرانية من قمع وقتل المتظاهرين وقطع الانترنت عنهم لعزلهم ،بحيث تضحي بهؤلاء المنتفضين لحقوقهم في ايران ،لصالح ارضاء ايران في الوصول الى توقيع ليعتبره بايدن مكسبا له ،وذلك على حساب المبادئ الاميركية ..

وإلى ذلك، يسجل هؤلاء المواكبون " العرب " ، مآخذ تبدأ بعدم استنفار واشنطن لصد التعديات الايرانية والحوثية ، مقارنة باندفاع إدارة بايدن للدفاع عن كرواتيا، بتأمين مظلة لاسقاط الصواريخ وما شابه، فيما يبدأ بايدن عهده بإسقاط صفة الارهاب عن الحوثيين، ويناقش برفع الحرس الثوري عن لائحة الارهاب، ويسهل اعطاء كوريا الجنوبية الى ايران ٧ مليار دولار اميركي، ويغض النظر عن بيع ايران لمنتوجاتها في السوق السوداء مسايرة لها لتحقيق اتفاق الغاز بين لبنان وبين اسرائيل.

إن منطق التحالف وفق المصادر يفرض أن يندفع بايدن للدفاع عن حلفاء أميركا لدى تعرضهم للأخطار، وهو أمر لم يقدم عليه، ولا يستطيع أن يفرض على حلفائه، أسوة بالسعودية، بدعمه نفطيا لتقوية أوراقه الانتخابية وهو الذي كان تلكأ في التزاماته، ولا يزال متحمسا للاتفاق مع إيران وفق شروطها، دون ضبط تمددها في الإقليم وتعكير أمن الدول العربية - الخليجية.

ثم إن تخفيض "أوبك بلاس" للانتاج تحول نحو مواجهة بايدن للسعودية، في حين أن هذا التجمع يضم دولا عدة، وان الانقضاض على السعودية يظهر عداء بايدن للمملكة التي تشدد على المصالح المشتركة بين الشعبين.

ثم لماذا الحملة العنيفة على السعودية ،طالما معظم اعضاء منظمة اوبيك بلاس اتخذوا القرار ، لاعتبارات لها صلة بضبط السوق و حجم الانتاج المرتبط بقدرة الصيانة ،وليس للامر دعما لبوتين بتغذية موارده المالية من ارتفاع سعر النفط ،ولا تقدم واشنطن على مهاجمة اي دولة اخرى ،واذا كانت ردة فعلها ناتجة عن حاجتها لهذه الكمية ،فسبق ان استعملت الادارة الاميركية ابان ازمة كورونا ،نحو ٣٥٠ مليون طن من اصل احتياطها الذي يقارب ٩٠٠ مليون طن لرفد الحاجة الاميركية يومها ،ثم اعادت هذه الكمية الى الاحتياط ،وهي حاليا لن تكون امام ازمة ،سوى ان بايدن يريد ان ينجح على مساب اخطاء ارتكبها ولا يريد ان يتكبد ثمنها مع ادارته ..

واللافت في ردة فعل بايدن، يرى المواكبون، هو أن السعودية لا تصدر في اتجاه اوروبا التي هي في حاجة للنفط والغاز ، بل في اتجاه آسيا، سيما أن أوروبا طورت نوعية الطاقة التي تريدها على مراحل ولا حاجة لها لمنتوجات من السعودية، و أنه على بايدن أن يستعيض عن النقص بالتحول نحو النروج والدانمارك وغير دول اوروبية حليفة له ..

والأسلوب الحاقد الذي استحدثته إدارة بايدن مع السعودية منذ قضية الصحافي جمال خاشقجي، رداً على العلاقة الناجحة التي أرسيت بين الرئيس السابق دونالد ترامب وبين القيادة السعودية، جعل بايدن يتصرف وكأن بلاده لا تدير معتقل "غوانتانامو" ولا تغض النظر عن ارتكابات إيران وحلفائها في المنطقة وخارجها..

إن القيادات الخليجية الجديدة، في قناعة المتابعين، هم حالة جديدة في المعادلات الدولية - الاقليمية، لا يمكن تطويعم ولا يصح ترهيبهم وفق أي أسلوب فوقي، إذ بات لهذه القيادات هامش واسع في القرارات والمبادرات وبات لديها قناعاتها في تعاطيها الدولي، على غرار خطوات ومواقف ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الذي فرض موقعاً جديداً للسعودية في النادي الدولي من خلال منطق النديّة الذي حتم اعتماده في التعاطي مع بلاده، ومنذ عدة ايام في ظل الصراع الاميركي الروسي التقى امير دولة الإمارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اكتفى لأسباب لها علاقة بجوهر الزيارة باعرابه عن تقديره للاخير بأدوراه السلمية ولا سيما الانسانية، فيما أمير قطر التقى بوتين خلال قمة "سيكا" في كازاخستان، وكان اللقاء بين بوتين ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي اندفع "فاتحا يديه" نحو الرئيس الروسي لضمه بحرارة..

إن عينة من هذه اللقاءات والزيارات والمواقف لقيادات خليجية وعربية مع بوتين، وانطلاقا من محوريتها ومواقعها - بعيدا عن محمود عباس واعتباراته - ، دلالة في حد ذاتها انها ليست في فلك بايدن كما هو يريد ، ولن تكون بعد اليوم في محاور على حساب مصلحة بلادها وشعوبها، ولن تدفع المواقف الاميركية الانفعالية وغير المدروسة لإدارة بايدن نحو أي قرار غير مقتنعة به، فالعلاقة الاستراتيجية مع أميركا واقع يجب ألا يتناقض مع المصلحة العليا للدول الحليفة معها، ومن يخل بهذا الامر ينسحب عليه ما معناه "البادي اظلم ."

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا