الطعام والطبابة ومنع الضرب والاغتصاب... قبل الحديث عن "الذكاء الاصطناعي"...
مشاكل كثيرة تُحيط بمستقبل الحقّ والعدالة على مستوى عالمي.
فالغوص الزائد عن اللزوم في كل ما يتعلّق بعصرنة القضاء والعدالة، وبزيادة الاعتماد على الوسائل التقنية و"الذكية" في معاقبة المحكومين، وبمُضاعَفَة تفهّم الارتكابات على ضوء أبحاث علم النّفس، وغيرها من الأمور، تساهم بإضعاف العدالة بأشكال عدة وبشكل عام.
من دون قواعد
ولكن الجريمة هي جريمة، والسرقة هي سرقة... وصحيح أن فهم الدافع النّفسي لارتكاب كذا وكذا قد يسهّل الكثير من النّقاط، و(صحيح) أن اعتماد بعض أساليب العقوبات "الذكية" خارج نطاق السجون قد يشكل رادعاً غير مُفرِط لبعض الأشخاص، وفي بعض الارتكابات والحالات، إلا أن عالماً تائهاً بهذه الأساليب قد يفقد طعم العدالة في النهاية، ويُصبح من دون قواعد ومعايير، وهو ما سيسمح لكل شخص بفعل ما يريده بأيّ كان وبأي شيء، بما أن النتيجة واحدة، وهي اضمحلال عذابات الاحتجاز، وتفهُّم دوافع الانتهاك أو الارتكاب... تبعاً لما تظهره اختبارات علم النفس.
ومع تقدّم الوسائل "الذكية" والعلمية في كل المجالات، ومساعي إصلاح وعصرنة كل القطاعات، في كل البلدان، هل نقترب من عالم خالٍ من العدالة؟ وماذا عن مستقبل لبنان على هذا الصعيد؟
دولة... أولاً...
أكد الرئيس السابق لمجلس شورى الدولة القاضي شكري صادر أن "بَدْء استعمال الأساليب الحديثة في المجال القضائي، كالحرية المُراقَبَة، ومنح السجين حرية النوم في منزله مثلاً، تحتاج الى وجود دولة أولاً، قابلة وطامحة للتحديث. وأما في حالة لبنان، فلا يمكن تطبيق تلك الأساليب، إذ بإمكان أي سارق أو مرتكب فيه أن يقوم بفعلته قبل أن يُسرع للتلطّي خلف زعيم سياسي أو مناطقي، أو ضمن منطقة لا يمكن للدولة أن تصل إليها أصلاً. وبالتالي، يجب بسط سيادة الدولة على كامل أراضيها أولاً، قبل أن نتحدث عن أي تحديث".
وشدّد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" على أن "السجون في لبنان تحتاج الى تحديث كبير. ففي الماضي، كانت الأوضاع في سجن روميه مثلاً أفضل ممّا هي عليه الآن بكثير، إذ كان يمكن للسجناء أن يتعلّموا حرفة معيّنة، وأن يبيعوا منتجاتهم. وأما اليوم، فلا عيشة كريمة فيه حيث الاكتظاظ الكبير وغير المعقول".
الطعام والنظافة
وأشار صادر الى أنه "يتوجّب على الدولة اللبنانية أن تنظر الى تلك الأساسيات قبل أي حديث عن إمكانية اعتماد أو عدم اعتماد الأساليب الحديثة أو الذكاء الاصطناعي مثلاً، في المجال القضائي وعلى مستوى السجون. فقبل كل شيء، يتوجب توفير الطعام والشراب والشّبَع والنظافة والاستحمام اليومي والطبابة والاحترام للمساجين، بموازاة ضمان عدم تعرّضهم للضرب أو الاغتصاب داخل السجون".
وختم:"في دول الخارج، تُلزَّم إدارة السجون لشركات خاصة، تهتمّ هي بالأمن وبتأمين الطعام وكل الحاجات للمساجين والموجودين داخله. فالسجن من حيث المبدأ، هو إعادة تأهيل للسجين تمكّنه من أن يكون عضواً صالحاً في المجتمع مستقبلاً. وبالتالي، لديه شقّ عقابي ردعي، وآخر متعلّق بإعادة التأهيل. وأما في حالة لبنان، فلا بدّ أولاً من وجود دولة تبسط سيطرتها على كامل أراضيها، أي قادرة على أن تلاحق السجين، وعلى أن توفّر له كرامته وحاجاته الضرورية في السجن، وذلك قبل أي بحث آخر".
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|