الصحافة

المواد المخزّنة في معمل الزوق: إجراءات روتينية تجعل المواطن على "فوهة بركان"!

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

لم يعد أحد يعلم ماذا حلّ بالمواد التي وجدت في معمل الزوق الحراري، قبل نحو عامين، وقيل يومها إنها خطرة.

حتى النواب الذين سارعوا إلى توجيه سؤال إلى الحكومة في هذا الملف، لم يحصلوا على أجوبة، فكيف بالمواطن العادي؟

كالعادة، هكذا يتم التعامل مع القضايا الحساسة والخطرة في البلد: تبدأ بضجة، ثم تمر بتضارب معلومات وكمّ هائل من الأخبار الممزوجة بين الحقيقة والفبركة، لتنتهي بلا شيء.
" لا شيء. لم نحصل على أي رد".

بهذه العبارات يبادر النائب إبرهيم منيمنة "النهار"، وهو الذي قدّم سؤالا نيابيا إلى الحكومة، مع النواب #ملحم خلف ونجاة عون وبولا يعقوبيان وياسين ياسين وفراس حمدان، في قضيّة المواد الخطرة المخزّنة في معمل الزوق الحراري، "لما لهذه القضية من أهميّة بالغة وضرورة قصوى للمعالجة الفورية".

حتى الساعة، لا جواب من الحكومة والوزارات المعنية، لنواب ستة وجهوا إليها سؤالا في ملف اكثر من حساس!
فأين الحقيقة في القضية؟ وإلى أين وصلت؟

معلومات متناقضة
بالطبع، لم تصل القضية إلى خواتيمها. هي بدأت قبل نحو عامين، حين سرت معلومات عن وجود "#مواد خطرة غير مؤمّنة أو محفوظة في شكل صحيح"، في معمل الزوق، ووصفت بأنها على شكل "خزانات الهيدروجين والوقود وبعض المواد الخطرة المنتهية الصلاحية".

يومها، عادت سريعا إلى الأذهان صورة انفجار مرفأ بيروت، وسط هواجس من تكرار السيناريو الأسود نفسه في معمل الزوق، وفي منطقة سكانية بامتياز. فكانت النتيجة أن تحرّك وزير الداخلية بسام مولوي، وقدّم أمام مجلس الوزراء تقريرا مفصلا، مطالبا بالتحرك الفوري لإزالة كل ما يمكن أن يتسبب بأي خطر.

فعاد مجلس الوزراء وكلّف قيادة الجيش تأمين نقطة حراسة والكشف على المواد الموجودة في المعمل، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع أي ضرر قد ينتج منها، والعمل على نقلها أو إزالتها فورا.
فما الذي نتج من هذا التحرك الرسمي؟
لا شيء أيضا! إذ لم يعقد مجلس الوزراء أي جلسة للبحث في الملف.

إنما اللافت كان المعلومات المتضاربة التي وضعت في التداول، منذ أن سلّط الضوء على المواد المخزنة. ففيما نفت النائبة ندى البستاني وجود مواد خطرة في معمل الزوق، واضعة ما يجري في سياق "الحسابات السياسية"، اتصل المدير العام لمؤسسة كهرباء #لبنان كمال الحايك برئيس هيئة الشراء العام جان العلية ليبلغه تسلمه إشعاراً من النيابة العامة التمييزية بشحن "المواد الكيميائية القابلة للانفجار في معمل الزوق إلى الخارج"، وهو ما يؤكد بما لا لبس فيه أن "ثمة مواد كيميائية قابلة للانفجار"، حرفيا كما ورد في إشعار النيابة العامة. فمن الذي يلعب على "الوتر السياسي" ويضيّع الرأي العام؟!

50 طنا؟
سريعا، جاء رد العلية على اتصال الحايك، بأن لا داعي لإجراء مناقصة إذا كانت هناك مواد خطرة، و"لا بد من سحب المواد فورا ومباشرة"، مستنداً إلى المادة 46 (الفقرة 2) من قانون الشراء العام.

اليوم، يعلّق العلية لـ"النهار": "منذ ذلك الاتصال لم يطرأ جديد. في الأساس، المسألة ليست عندي، ولست أنا الجهة المخولة تحديد مدى خطورة المواد، لكني كنت واضحا أنه في حال الكشف عليها وتأكيد خطورتها، لا بد من سحبها فورا، لأن المناقصة تحتاج أقله إلى ستة أشهر. أما إذا تبين أن الملف يحتاج إلى مناقصة، فبالتأكيد المسار أكثر من واضح وفق قانون الشراء العام".

ومذذاك، لم يتصل أحد بالعلية لمعرفة ما إذا كان الملف يتطلب إجراء مناقصة لتحديد الشركة أو الجهة التي سيرسو عليها تنفيذ هذه المهمة.
وفق المعلومات التي استقتها "النهار" أنه "ضبط نحو 50 طناً من مواد مخزنة بطريقة عشوائية داخل معمل الزوق".

عادة، تستخدم هذه المواد لتشغيل المعمل، وعلمت "النهار" أنها لم ترحّل بسبب الحاجة إلى بعض الإجراءات الضرورية والمرتبطة بوزارات عدة، في مقدمها وزارتا الداخلية والبيئة، فضلا عن إدارة الجمارك في مرفأ بيروت التي عليها أن تعطي الإذن بإرسالها الى السفينة كي ترحّل.

كل هذا العمل تأخر بسبب عدم إتمام المعاملات القانونية والإدارية الروتينية، وبالتالي اكتمال الملف.
وللدلالة على ضرورة الترحيل، كان وزير البيئة ناصر ياسين قد أعلن، في أواخر شهر أيار الماضي، أنه "ينبغي ترحيل المواد الكيميائية من معمل الزوق بأسرع وقت إلى دول تعالجها بالطرق المناسبة"، متحدثا عن أن "المواد في الزوق حارقة وليست متفجّرة".

وفي موازاة هذا الشق الوزاري، كانت بلدية زوق مكايل قد وجهت أيضا كتابا إلى مؤسسة كهرباء لبنان، للدلالة على ضرورة التحرك ورفع أي خطر مرتقب على المنطقة، واضعة ما يجري في إطار مسؤولياتها.

ويكشف مصدر أمني لـ"النهار" أنه "بغض النظر عن تصنيف المواد المخزنة، فإن تخزينها بطريقة عشوائية أو خاطئة يعرّضها للخطر، وخصوصا إذا تفاعلت مع مواد أخرى، أو إذا باتت البيئة الحاضنة لها ملائمة للاشتعال أو للانفجار".

كل ذلك يؤكد مرة أخرى ضرورة التعجيل في بت الأمر، وإطلاع الرأي العام على الحقيقة، أو أقله الرد على السؤال النيابي للنواب الستة بجواب واضح لا لبس فيه.

في الخلاصة، لا مناقصة أجريت أو هي "قيد الإجراء"، وفق تأكيد رئيس هيئة الشراء العام لـ"النهار".
ولا جواب تنفيذيا – وزاريا رسميا حصل عليه النواب الستة الذين قدموا سؤالا إلى الحكومة، وذلك بتأكيد منيمنة لـ"النهار".

والإجراءات الإدارية والقانونية معلّقة، ومجلس الوزراء لم يبحث في أي جلسة في هذا الملف، تمهيدا لأي ترحيل أو لقطع الشك باليقين.
المواد لم ترّحل... والأهم من كل ذلك أن الرأي العام لا يعلم. هذا "الرأي العام" الذي بات ينام يوميا على "قنابل موقوتة" قد تكون بالقرب منه، وبلا علمه، بدءا من مستودعات ذخيرة، مرورا بشاحنات أسلحة، انتهاء بمواد خطرة لا يعلم "أصلها وفصلها"... بالفعل، بتنا ننام على "فوهة بركان"!

"النهار"- منال شعيا

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا

فيديو إعلاني