سيارات إسعاف ستُسعِف أخرى الى أن يخرج المركز من الخدمة... لبنان 2025؟؟؟...
لنتخيّل معاً أن هناك حادثاً وقع في منطقة جبلية وعرة، وأن النيران اشتعلت، وأن مجموعة من الناس اتّصلت طالبةً سيارة إسعاف لانتشال المُصابين.
ولنتخيّل أن مدة انتظار سيارة الإسعاف طالت كثيراً، الى درجة دفعت الى الاتّصال لطلب المساعدة من جديد. ففي تلك الحالة، سيكون الجواب إيجابياً في ما يتعلّق بأن النجدة آتية.
طُرُق مقطوعة...
ولنتخيّل معاً أيضاً، أن الاتّصال الثاني فشل في التوصّل الى نتيجة، ومثله الثالث، والرابع، والخامس... وصولاً الى عشرات الاتّصالات ربما، والى درجة قد تدفع كل المُحيطين بمنطقة الحادث الى أن يقصدوا المكان بأنفسهم ربما، والى محاولة القيام بشيء، والإسراع الى المستشفيات، فيما قد يُسرع بعضهم الآخر الى مركز الإسعاف للتحقُّق من أسباب فشل وصول المساعدة التي طُلِبَت عشرات المرّات.
هنا، اسمحوا لنا أن نستمرّ بالبقاء على مستوى المخيّلة، وأن نتخيّل معاً أن المجموعة التي قصدت مركز الإسعاف، صُدِمَت بواقع أن الطُّرُق المؤدّية إليه مقطوعة.
خرج من الخدمة
وعند السؤال عن السبب، يأتي الجواب بأنه كانت هناك سيارة إسعاف مُسرِعَة الى مكان حادث، بعد اتّصال ورد الى المركز. وبينما كانت مُسرِعَةً لإتمام المهمّة، تعرّضت لحادث كبير، فأسرعت سيارة إسعاف أخرى لإسعاف المُسعفين الذين كانوا بداخلها.
وعندما وصلت السيارة الثانية، تعرّضت بدورها لحادث جديد، فبات من فيها بحاجة الى مساعدة، لتُسرِع سيارة إسعاف ثالثة الى المكان، قبل أن تتعرّض بدورها لحادث ثالث، وهكذا دواليك، الى أن أُصيبَت سيارات المركز كلّه وكل العناصر الناشطة فيه بشكل متفاوت، وهو ما أخرجه (مركز الإسعاف) من الخدمة بشكل كامل، وجعله مُحتاجاً لمن يُسعفه على مختلف المستويات.
"تعتير" جديد
هو واقع مأساوي، أقرب الى تراجيديا حقيقية. ولكن هكذا سيكون وضع لبنان إن لم تتوقّف الحرب بحلول تمكّن من أن تُصبح فيه دولة، ولو بعد عام أو أكثر، أي بشكل تدريجي.
فمن قد يذهبون لطلب المساعدة من الخارج الآن، هم مُصابون بدورهم أيضاً بمرض اسمه "مواطن لبناني من دون دولة"، فيما البلد كلّه "مضروب" بالكامل، ليس عسكرياً فقط، بل معنوياً، ونفسياً، ومعيشياً، وعلى المستويات كافة. ولا مجال للخروج من تلك الحالة، إلا إذا سُمِحَ للدولة في لبنان بأن تُصبح دولة.
فنحن لا نطالب بالمستحيلات، بل بإخراجنا من دائرة الأزمات، ومن حالة التكاذب المحلّي المتبادل بأننا في دولة.
فالبلد "ماشي" ولكنه "مش منيح"، ولن يُصبح سالماً إلا إذا أُمسِكَ بسلطة دولة. وبخلاف ذلك، سيارات إسعاف ستجوب البرّ والبحر والجوّ، من نيويورك الى باريس، مروراً بموسكو وصولاً الى بكين، بينما النتيجة ستكون واحدة، وهي التحضير لزمن "تعتير" جديد قد لا يتأخّر في الوصول إلينا.
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|