الصحافة

اليوم التّالي: لملمة الشّارع الشّيعيّ و”كولسة” رئاسيّة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

قد يمرّ وقت طويل قبل أن يستوعب الداخل اللبناني حجم الإعصار الهائل الذي ضَرَبه باستشهاد الأمين العام للحزب السيّد حسن نصرالله. لا يتوقّف الأمر على الضربة القاسية والموجعة التي تلقّتها بيئة الحزب “الحاضنة” للسيّد وخياراته في السياسة والعسكر في الداخل والإقليم، وأيضاً بعض “البيئة اللبنانية” المؤيّدة للمقاومة والمُعجَبة بهالة وكاريزما نصرالله والمُتّكئة على ظهره في كلّ تفصيل داخلي. لهذا الزلزال ارتداداته المرئية وغير المرئية وعلى الأرجح سيؤسّس لمسارٍ، ربّما انقلابي، في المعادلات الداخلية والتوازنات الحسّاسة التي لطالما حَكَمت اللعبة الداخلية تحديداً منذ انتدب الحزب أوّل وزرائه إلى الحكومة عام 2005.

 لا شكّ أنّ نتيجة الميدان الذي اختلّ بقوّة مع استشهاد الأمين العامّ للحزب، وقبله ومعه وبعده قادة كبار مقرّرون وتنفيذيون وآخرهم قائد وحدة الأمن الوقائي في الحزب الشيخ نبيل قاووق، ستكون شريكة أساسية في صناعة الخيارات في الداخل اللبناني على الرغم من عدّة مواقف داخلية تفتي بالعكس، فيما السؤال لا يزال يُطرح حول احتمال تنفيذ العدوّ الإسرائيلي تهديداته باجتياح برّيّ يُكرّس من خلاله المنطقة المنزوعة السلاح والفاصلة عن حدوده الشمالية، وهذه المرّة في ظلّ واقع غير مسبوق في هيكلية عمل الحزب وقيادته التي فرغت تقريباً من نواتها الأساسية.

لكنّ السؤال الأكبر هو حول قدرة الحزب على الانتقام لاغتيال أمينه العام وتحقيق استمراريّته في ظلّ تأكيدات من مؤيّدي المحور بأنّ “الانتقام قادم لا محالة وقد لا يكون متوقّعاً من أكبر الفرق الاستخبارية في واشنطن وإسرائيل”. مع العلم أنّ صحيفة “نيويورك تايمز” نقلت عن مسؤولين أميركيين أمس قولهم إنّ “من الصعب على إسرائيل النجاح في تدمير كامل قدرات الحزب”.

معسكران

 ثمّة معسكران تقليديان سيُبقيان على لغة الصراع بين أجنحتهما: “محور الممانعة” وخصومه، مع فارق جوهري يتجلّى في غياب رأس هذا المحور الذي صَنَع معادلات حديدية، إقليمية وداخلية، طوال العقود الماضية، وفي تضعضع قيادته. ومن قبيل الواقعية السياسية الشديدة يجب الاعتراف بأنّ المحور المضادّ، بتعدّد انتماءاته، تنفّس الصعداء لكنّه يحاذر، أخلاقياً، الإفصاح عن ذلك، وربّما بدأ يرسم السيناريوهات لما “بعد نصرالله” في كلّ شيء تقريباً: في قرار السلم والحرب، في إعادة تكوين السلطة، في المفاوضات حول الحدود البرّيّة، في قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية، في “صناعة” الحكومات وتكوين المجلس النيابي المقبل والتحالفات، في رسم مستقبل “القرار الشيعي”، في التعيينات من أكبر موظّف إلى أصغر موظّف في إدارة رسمية أو عسكرية أو أمنيّة.

فعليّاً، بدأت ملامح اليوم التالي تترجم تباعاً. في عين التينة، وفق مصادر موثوقة، يتبلور اتّجاهان أساسيان: قرار كبير بلملمة الشارع الشيعي وتهدئته وتفادي أيّ حوادث قد تقود إلى الفوضى والفتنة، وفي السياسة إعادة وضع مبادرة آموس هوكستين على الطاولة كمنطلق لأيّ تفاوض. كما تفيد معلومات عن حصول اجتماعات مع قائد الجيش العماد جوزف عون لمعرفة “جوّ الأرض” والوقوف على الإجراءات الأمنيّة في المناطق.

باسيل: إنّها لحظة التّوافق

النائب جبران باسيل، حليف الحزب مع وقف التنفيذ، الذي وَصَف السيّد نصرالله بـ “المُقاوِم الشريف وجبل الصبر”، كان أوّل من كَسَر حرمة اللحظة باستشهاد نصرالله وقبل إتمام مراسم التشييع، بدعوته “إلى ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني لأنّ لبنان لا يستطيع مواجهة العدوان والتفاوض بلا رئيس، والمقاومة لا يمكنها الانتصار من دون الدولة”، معتبراً أنّها “ليست لحظة انتصار أحد على أحد بل لحظة للتوافق على الرئيس، ولا نرضى بفرض رئيس على أحد وعزل أيّ مكوّن أو قهره”.

مع ذلك، لاقت دعوة باسيل بعض الصدى، وكان من ضمن الداعين إلى انتخاب رئيس فوراً عضو اللجنة الخماسية سفير مصر في لبنان علاء موسى في حديث تلفزيوني عبر “تأكيده أهمّية الانتخاب”، جازماً بأنّ “الكرة ليست بملعب الخماسية بل القوى السياسية”. وأكّد أنّ “للجيش دوراً مهمّاً بفرض الأمن، وهو يقوم بدوره، لكنّ اسم الرئيس المقبل مرتبط بتوافق القوى”.

وفق المعلومات، بدأ باسيل سلسلة اتصالات سياسية بما فيها التواصل الهاتفي مع مرشّح الثنائي الشيعي للرئاسة سليمان فرنجية، كما تلقّى اتصالاً من النائب تيمور جنبلاط قال قريبون من باسيل إنّ الأخير “أثنى من خلاله على كلام باسيل الوطني والجامع ودعاه إلى تكثيف لغة التشاور”. كما أنّ من أوّل “تغييرات المرحلة” بعد استشهاد السيّد إعطاء باسيل الضوء الأخضر لفريقه الوزاري للمشاركة في جلسات الحكومة مع شرط “عدم اتّخاذ خطوات غير ميثاقية”، قاصداً إصدار مراسيم بغياب رئيس الجمهورية.

جنبلاط: شراكة الحزب ثابتة

كان لافتاً أمس قول النائب وائل أبو فاعور إنّه “لا يمكن تصفية الحزب وسيبقى شريكاً في المعادلة الوطنية ولا أحد يبني توازناته على ما يحصل بالحرب”، وهو ما يعكس توجّهاً لدى النائب السابق وليد جنبلاط بطمأنة الشارع الشيعي حول عدم الانسياق نحو لعبة غالب ومغلوب ومحاولة استثمارها في الداخل.

ميقاتي: اعتذار ودعوة

على مقلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي امتلك جرأة الاعتذار “عن التقصير الذي حصل بالنظر إلى محدودية الإمكانات وضخامة الحاجات وبعدما فاق النزوح كلّ التوقّعات”، دعا إلى “العمل سريعاً لانتخاب رئيس للجمهورية وتطبيق القرار 1701، والجيش حاضر لهذا الموضوع ويجب أن نوفّر له المستلزمات اللازمة”.

 الجيش يرفع جهوزيّته

أمنيّاً، الجيش الذي يوزّع مهامّه على أكثر من مستوى ويستنفد طاقاته في كلّ المناطق ويضبط الأرض على وقع توتّرات متنقّلة، أصدر بياناً متأخّراً أمس طلب فيه “الحفاظ على الوحدة الوطنية وعدم الانجرار وراء أفعال قد تمسّ بالسلم الأهلي”. وهو البيان الأوّل الذي أصدرته قيادة الجيش منذ وقوع مجزرة البيجر والأجهزة اللاسلكية وبدء الهجوم الصاروخي الجوّي من قبل العدوّ الإسرائيلي وحصول أكبر عملية نزوح جنوباً وبقاعاً ومن الضاحية الجنوبية، وَصَفها الرئيس ميقاتي بأنّها الأكبر في تاريخ لبنان والمنطقة، وبعد نحو 20 ساعة من إعلان الحزب رسمياً استشهاد نصرالله.

بالمحصّلة، يشهد الداخل سلسلة تحرّكات محدودة لا يمكن توقّع نتيجتها بعدما انقلب المشهد السياسي رأساً على عقب وفَقَد المايسترو الشيعي أحد جناحيه، فيما يظلّل هذه التحرّكات الخوف من اجتياح إسرائيلي برّي مع استمرار العدوّ الإسرائيلي في ضرباته الهمجية في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية التي أوقعت أمس عدداً كبيراً من الشهداء وفي ملاحقة قادة المقاومة بهدف اغتيالهم.

ملاك عقيل-اساس

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا