الصحافة

اللبنانيون يحلمون بشتاء "لطيف" والمشاكل الاجتماعية تهدّد فترات النزوح الطويلة...

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

أمام كثرة التحديات التي تُحيط بها، ومحدودية عملها، يبدو أنه ليس أمام دولتنا الهمّامة العزيزة سوى أن تلازم توقّعات الأرصاد الجوية، وذلك جنباً الى جنب تمنّيها أن لا يكون موسم شتاء 2024 - 2025 قاسياً.

المناخ...

فما عاد يوجد سوى المناخ لـ "ترقيع" وإخفاء ضعف الدولة اللبنانية وعجزها، الذي بدأ يظهر أمام العالم كلّه بنسخة جديدة، منذ نحو أسبوعَيْن. وبالتالي، إذا كان موسم الشتاء القادم مقبولاً، فإنه سيمنح دولتنا "ترقيعة صورة" قبل الصيف القادم، قد تساهم بتخفيف نقمة الناس عليها. وأما إذا كان موسم البرد قاسياً، أو عنيفاً جداً، فإنه سيجعلها مادة لـ "بهدلة" داخلية مستمرة، ولـ "جرصة" فعلية أمام الخارج.

إغراق كبير

تؤكد أوساط رسمية أن الحكومة أنجزت خطة طوارىء بثغرات رئيسية منذ وضعها. فالجميع يدركون أنها لا تمتلك قدرة تطبيق كل ما ورد فيها، ولا كل القدرات الضرورية لإيواء الناس بالشكل اللازم.

وقد توضّح الفشل الكبير بأن عدد النازحين الهائل أحدث إغراقاً كبيراً وسريعاً للخطة، وأسقطها خلال الأيام القليلة الأولى لاشتداد القصف، إذ شهدت مناطق صغيرة نسبياً حركة نزوح كبيرة فاقت كل التوقّعات.

مشاكل اجتماعية

وفي السياق نفسه، يلاحظ الجميع ضعف الدولة على صعيد مواكبة الناس في أوان النزوح. فالناس ينزحون لوحدهم، ويجوبون كل مكان قبل أن يتمكنوا من الاتصال للتبليغ عن نزوحهم، في محاولة منهم للعثور على مراكز إيواء. وهنا أيضاً ثغرة كبرى، وهي أن تلك المراكز مكوّنة من مدارس في شكل أساسي، فيما لا يمكن المكوث بالمراكز التربوية لفترات طويلة جداً في العادة. وهنا يصبح السؤال، ماذا ستفعل الدولة في ما لو طالت مدة الحرب كثيراً؟

لا بدّ من الإشارة في هذا الإطار الى أنه يتوجب على الدولة اللبنانية أن تبدأ مساعيها لإخلاء المدارس، وذلك بموازاة تأمين أماكن مُناسِبَة بديلة منها لبقاء النازحين فيها.

فالبقاء في مدارس، يُشبه المكوث في منازل أقرباء، وهي أماكن ممكنة لمدّة أسبوع أو عشرة أيام، أو شهر، أو فترة زمنية لا تتجاوز الأسابيع القليلة بحدّ أقصى، وليس لمدى زمني مفتوح، وذلك لاعتبارات عدة، منها أن استضافة النزوح في منازل أقرباء سيحوّل المنازل المُستضيفة الى قنابل موقوتة بالمشاكل الاجتماعية في النهاية. فضلاً عن أن من يستضيف لأسبوع أو لشهر تحت ضغط حرب، قد لا يفعل ذلك لأشهر طويلة، لأنه سيشعر بأنه بات نازحاً هو نفسه بمنزله في النهاية إذا طال الأمر. وأما بالنّسبة الى المدارس، فهناك الكثير من المُستضيفة منها غير مجهّزة للبقاء فيها مدّة 6 أو 7 ساعات يومياً فقط، خصوصاً أن بعضها يفتقر الى الصيانة اللازمة منذ وقت طويل، وقد يتسبّب لها النزوح الحالي بضغط إضافي يساهم بترهّلها أكثر.

متساقطات معتدلة...

وانطلاقاً ممّا سبق، لا مجال لدى الدولة اللبنانية للهرب من خطة سريعة خاصّة بالناس الذين فقدوا منازلهم بالكامل، تساعدهم خلال فترة الشتاء القادم بحدّ أدنى.

ويبقى السؤال هنا، ماذا سيحصل بالناس الذين يمضون أيامهم ولياليهم أو معظم أوقات يومهم في الساحات، أو في بعض الغابات، عندما تتساقط الأمطار؟ ماذا سيحلّ بأولئك الذين هم في مدارس من دون صيانة أصلاً؟ وماذا سيحلّ بالناس جميعهم، الذين يُتعبهم القصف بشكل مباشر أو غير مباشر؟


الوضع ليس سهلاً أبداً، وهو يُنذر بشتاء ساخن، وساخن جدّاً، كلّما زادت برودة حرارته. فالبلد ليس بخير، وشعبه أيضاً، الذي ما عاد لديه سوى الحلم بموسم متساقطات معتدلة.

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 


 

 

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا