سكان في جنوب لبنان باقون رغم القصف: "لن نغادر"!
يجد سكان بلدة رميش الحدودية في جنوب لبنان أنفسهم محاصرين بين نيران القصف المتبادل بين حزب الله وإسرائيل، لكنهم يرفضون ترك بيوتهم والاستسلام لحرب "فُرضت عليهم"، كما يقولون.
بعد عام من بدء الاشتباكات بين حزب الله وإسرائيل، تحوّلت المواجهات عبر الحدود اللبنانية اعتبارا من 23 أيلول، إلى حرب مفتوحة ازداد وقعها على سكان رميش المسيحية التي تبعد نحو كيلومترين عن الحدود مع إسرائيل.
يتحدث جوزيف جرجور، 68 عاما، في اتصال مع وكالة فرانس برس خلال فسحة قصيرة توافرت فيها شبكة الإنترنت الضعيفة في القرية، تفاصيل حياتهم الحالية، ويقول: "نحن مسالمون، ليس لدينا سلاح، ولا نحبّ الحرب منذ الأمس وحتى الآن. نريد البقاء في بيوتنا ولا نريد أن نكون طرفا".
ولا تتوقف أصوات القصف في القرية الحدودية التي تفترش هضابها بيوت بأسطح حمراء تصدّعت من عصف الانفجارات المتكررة.
مع ذلك، يقول الرجل الذي يعيش مع زوجته في القرية: "نحن صامدون في قريتنا حتى النفس الأخير، لن نتخلى عنها أو عن بيوتنا، سنبقى فيها مهما حصل".. فكيف يواجه جرجور وجيرانه في رميش والقليعة الحدوديتين "حصار القصف"؟
وفي القرية المعروفة بزراعة التبغ وحقول الزيتون، يقول جرجور: "نحن محاصرون الطرق ليست ميسرة، ومن الصعب التوجه نحو بيروت"، مضيفا: "إذا قصفت إسرائيل يعبر القصف فوق رؤوسنا، وإذا ردّ عليها الحزب يمرّ فوق رؤوسنا".
بسبب صعوبة التنقل، يبرز شحّ في بعض السلع لدى سكان رميش البالغ عددهم حاليا نحو 6 آلاف شخص يشكّلون نسبة 90% من عدد السكان الإجمالي، وفق رئيس البلدية ميلاد العلم، فيما تستضيف البلدة أيضا مئات النازحين من قريتي عين إبل ودبل المجاورتين.
ويقول العلم إن "الحياة متوقفة منذ تشرين الأول 2023"، ويضيف: "كل المهن الحرة والأعمال والقطاع الزراعي، توقفت، ومن كان لديه مدخرات، صرفها خلال الأشهر الماضية".
خلال الحروب العديدة التي مرّت على جنوب لبنان وصولا إلى حرب تموز 2006 بين حزب الله وإسرائيل، لم تفرغ القرية يوما من السكان.
ويقول العلم إن حرب 2006 "استمرّت 33 يوما أما الآن فهي متواصلة منذ عام، ولا نعرف الأفق، هذا الأمر لا يشجع السكان على النزوح لأنهم إن غادروا فعلا، لا يعرفون متى يمكن أن يعودوا".
وبقيت القرى ذات الغالبية المسيحية في جنوب لبنان، بمنأى إلى حدّ بعيد عن القصف الإسرائيلي منذ بدء المواجهات بين إسرائيل وحزب الله الذي فتح "جبهة إسناد" لقطاع غزة من لبنان في الثامن من تشرين الأول 2023، أما القرى الشيعية المحيطة، فقد لحقها دمار هائل بسبب القصف الإسرائيلي وفرغت من سكانها.
مثل رميش، لا يزال ثلثا سكان قرية القليعة التي تبعد نحو 4 كيلومترات عن الحدود متواجدين فيها أيضا.
يقول كاهن الرعية بيار الراعي إن السكان قرّروا البقاء على الرغم من ورود اسم القرية في إنذارات الإخلاء الإسرائيلية الأخيرة، ويضيف: "لن نخلي، نحن أشخاص مؤمنون ومتمسكون بأرضنا".
توجد في القرية حاليا نحو 550 عائلة، من أصل 900، وفق الكاهن، رغم صعوبة توافر بعض الأدوية وشحّ الوقود وأحيانا صعوبة التحرك وإغلاق المستشفى الأقرب في بلدة مرجعيون المجاورة.
ويتابع: "لا أعمال عسكرية في بلدتنا. جهدنا حتى لا تكون هناك أي أعمال عسكرية هنا، ولا توجد منشآت عسكرية".
في القرية التي يتوسطها تمثال للقديس جرجس، الحركة خفيفة صباحا وأصوات القصف والقصف المضاد تسمع بوضوح، لكن السكان يحاولون تخفيف عبء الحرب عن بعضهم البعض، لا سيما عبر الأنشطة الكنسية، كما تقول بولين متى التي تبلغ 40 عاما.
في حديث لها، تقول متى: "أقمنا مخيما صيفيا للأطفال لأسبوعين، القصف كان فوقنا والمسيّرة تحلّق، لم نكن لنتمكّن من الاستمرار هذا العام لولا تلك الأنشطة، نذهب إلى الكنيسة وننسى أن هناك حربا".
إلا أن الخوف لا ينتهي تماما، وتروي السيدة متى أنها أجهشت بالبكاء حين علمت أن قريتها باتت من القرى المهدّدة بالإخلاء.
وتقول الأم لأربعة أولاد، أكبرهم يبلغ من العمر 18 عاما وأصغرهم فتاة في الرابعة: "لم أعد أحتمل أصوات جدار الصوت أو القصف، أصرخ حين أسمعها".
لكن فكرة النزوح بعيدا تثير قلقها، لا سيما أن راتب زوجها الجندي في الجيش اللبناني، ليس كبيرا.
كذلك، تشدّد المرأة على أن الحرب "فرضت علينا، لا علاقة لنا بها"، وأردفت: "أصرينا على البقاء. لماذا نرحل؟ أنا مصرة على البقاء على الرغم من أنني أم لأربعة أولاد. لا أريد أن أتشرّد على الطريق".
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|