طهران بعد زيارات مسؤوليها للبنان: الأمر لي!
ما بين زيارتي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ورئيس مجلس الشورى محمد باقر قاليباف لبيروت، أسبوع كان كافياً للكشف عن أهداف طهران في لبنان.
بعد اغتيال إسرائيل الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله وعددا من قيادات الصف الأول في الحزب، واستمرارها في مخطط الاغتيالات الرامية إلى تصفية الحزب سياسياً وعسكرياً وحتى مالياً، وبروز حال من التشتت على مستوى القيادة، جاءت الزيارة الأولى لعراقجي لتأكيد استمرار النهج على خط محور الممانعة، والشد على أيدي الثنائي لعدم تقديم أي تنازلات.
كان يمكن تلك الزيارة أن تكون كافية لو لم تترك انطباعاً سلبياً، لكون التصريحات التي أدلى بها الديبلوماسي الإيراني عكست إملاءات واضحة وصريحة لم تقتصر على الفريق الذي يدور في فلكه، وإنما أيضاً على المستوى الرسمي، ما استدعى زيارة من قاليباف لتخفيف وطأة السلبية، وإن يكن الموقف بقي هو عينه.
فقد حرص الزائر الإيراني على المجيء في طائرة إيرانية قادها بنفسه، لإظهار نوع من التودد والاسترخاء في التعامل مع الأزمة، وهي عملياً تتجاوز مستوى الأزمة إلى حرب إبادة تقوم بها إسرائيل.
لكن الرسالة لم تتغير، وقد أرادت طهران من خلالها تأكيد تولّيها قيادة الحزب في المرحلة الراهنة، ولا سيما بعد اغتيال نصرالله الذي كان يملك هامشاً من الحرية على صعيد القرار، ولو بالتنسيق مع الجمهورية الإسلامية، لما كان يمتلكه من روح الخطابة والكاريزما والتأثير.
أفصح قاليباف صراحة عن أن زيارته جاءت بدعوة من رئيس المجلس نبيه بري، قبل توجهه إلى جنيف للمشاركة في المؤتمر البرلماني العالمي الذي كان بري مدعواً إليه.
وكان لافتاً اكتفاء بري بالترحيب بضيفه والطلب من الصحافيين "ما يتقّلوا دم عليه"، قبل انسحابه وترك الضيف ليدلي بتصريحه
تركت زيارتا المسؤولين الإيرانيين عدم ارتياح في الأوساط السياسية المحلية، خصوصاً أن قاليباف حرص على الإعلان أنه سيحمل القضية اللبنانية إلى المحفل البرلماني على نحو بدا فيه الناطق باسم لبنان الرسمي. كما أن تغييبه للموضوع الرئاسي، رغم أن بري يقود مبادرة في هذا الشأن، عكس من جهة أخرى عدم رغبة طهران في إجراء الانتخابات الآن، وقد فُسّرت داخلياً بأنّ الزيارة أسقطت المبادرة أو أحبطتها.
وفي حين أراد قاليباف كما عراقجي قبله تأكيد استمرار دعم الجمهورية الإسلامية للحزب بعدما ضج الإعلام بشرح لمواقف المرشد والرئيس الإيراني على أنها تخلّ عنه، فإن جرعة الدعم المقدمة سياسياً في المرحلة الراهنة، تركت انطباعا أن طهران باتت المسؤولة المباشرة عن قيادة الحزب، حتى في ظل تكليف نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم "الأخ الأكبر" نبيه بري تولّي الجهود السياسية للتوصل إلى وقف النار، وذلك على قاعدة معادلة "الأمر لي". وهذا الأمر سينعكس عملياً استمراراً للحرب، بعدما باتت كل المؤشرات والمعطيات المتوافرة تشي بأن الاستهداف الإسرائيلي المقبل ضمن بنك الأهداف الموضوع، سيكون طهران نفسها!
وفي انتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من تطورات، يبقى لبنان تحت الوصاية الإيرانية المباشرة.
سابين عويس - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|