الصحافة

ناقوس الخطر يدق في العاصمة بيروت..

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

الوضع ينذر بأزمة بيئية كبيرة جداً ، قد تصيب البلد المنكوب أصلاً من تداعيات أزمات متتالية منذ عام 2019 : المالية والفساد وسوء الإدارة وجائحة كوفيد-19 وكارثة انفجار مرفأ بيروت عام 2020 ، بالإضافة إلى استضافة اللاجئين من بلدان الجوار، واليوم الحرب "الإسرائيلية" على لبنان.

أطنان من النفايات المكدسة على الطرقات، والدولة عاجزة حتى عن إيجاد حل مستدام لهذه الازمة التي تطل من وقت لآخر، وتقلق اللبنانيين على بيئتهم وصحتهم. فعلى وقع المعارك اليومية في جنوب لبنان والغارات المعادية من قبل العدو الإسرائيلي، التي لا تتوقف على جنوبه وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت،  نزح مئات الآلاف الى العاصمة بيروت والمناطق البعيدة عن خط النار، حيث استأجروا شققا سكنية أو نزلوا عند الأقارب او في مراكز الإيواء، والبعض افترش الطرق والساحات العامة. فلم تعد البنى التحتية المتهالكة أصلا قادرة على الاستيعاب.

هذا النزوح، الذي حمل معه أزمة قديمة – جديدة يعود تاريخها إلى العام 2015. فمع تراكم النفايات علت صرخة المواطنين، فالشوارع مليئة بالقمامة المتراكمة على جوانب الطرقات وبين السيارات، وروائح كريهة وحشرات  تغزو الأحياء، حتى أن بعض السكان لم يتمكنوا من فتح شبابيك منازلهم ولا الجلوس على الشرفات.

أزمة النفايات المتفاقمة باتت اليوم أكثر تعقيدا وسوءا عما كانت عليه سابقا، وتشكل خطراً داهماً على البيئة العامة. وهنا تجدر الإشارة أن لبنان احتل المرتبة الثالثة عالمياً في قائمة أكثر البلدان تلوثا وفقا لتقرير «World of Statistics"، وهو البلد العربي الوحيد ضمن الـ 10 الأوائل، أما السبب الرئيس لهذا التلوث فهو سوء إدارة النفايات، الذي يشمل ارتفاع نسب تلوث الهواء بنحو 50 في المئة ووجود 941 مكباً عشوائياً، منها ثمانية على الشواطئ، ومكبات عدة تحرق في الهواء الطلق. فالأزمة اليوم باتت أكثر تعقيدا بفعل الحرب القائمة، بسبب سوء إدارة هذا الملف في الأصل،  فما بالك في ظل وجود حرب حقيقيّة وأعباء إضافية تتكبدها بعض البلديات، التي استقبلت النازحين منذ بدء الحرب.

واقع مزري، فانتشار النفايات وتكاثرها على الطرق وبصورة عشوائية، ونحن على أبواب الشتاء. فالسيول المرتبقة التي ستتجمع على الطرق والاحياء وعلى الاوتوسترادات، سوف تعجز عن تصريفها الاقنية ومصافي المياه، وخصوصا أن معظمها مهمل وغائب عنها الصيانة والتنظيف، مما سيفاقم من هذه المشكلة الوحول والاتربة وشتى انواع المخلفات، التي سوف تسبب إنسداد وتسكير تلك المصافي واماكن تصريفها ، مما سيساهم في تسبب بارتفاع منسوب المياه وإجتياحها للأقبية والأبنية وتعويم الطرق، وسيضاعف من ارتفاع نسبة التلوث والضرر بما تحتويه من مياه المحملة بالنفايات من مواد سامة وضارة، تساهم في تفاقم مشكلة تصدع الابنية واساستها الاسمنتية، وسترفع من درجة المخاطر على السلامة العامة وسلامة الناس.

مصدر من خلية إدارة الكوارث في محافظة بيروت أكد أن «البنى التحتية في العاصمة باتت بحالة يرثى لها ، لأن عدد الناس المتواجدين فيها كبير جدا». وبحسب اليونيسف، أُنشىء الجزء الأكبر من شبكة الصرف الصحي في بيروت «منذ عقود»، ما يجعلها «عرضة للتشقق والانكسار بسبب القصف العنيف، بالإضافة  إلى أن العدد الكبير من الأشخاص الإضافيين يزيد أيضا من احتمال حدوث انسدادات وفيضانات في شبكة الصرف الصحي، مشيرة إلى أن الفيضانات تشكل خطرا كبيرا على الصحة العامة.

رئيس بلدية بيروت عبدالله درويش أوضح أن «زحمة السيارات في الشوارع وعرقلة السير سواء من خلال ركن السيارات بطريقة عشوائية أو التسكير على المكبات، يعيق مرور المركبات المخصصة لنقل النفايات، مشيراً  إلى أزمة انخفاض عدد عمال النظافة بسبب الحرب، فمنهم من توجه إلى قراهم وبلداتهم، أما العمال الأجانب فعادوا إلى وطنهم، مؤكداً إلى أنه رغم كل الظروف والمشاكل التي يواجهها القطاع، ما زال العمال مستمرين في عملهم ويبذلون قصارى جهودهم من أجل احتواء الازمة ورفع النفايات ولو بإمكانيات محدودة». 

وهنا نطرح سؤالا أساسيا إلى أين تنقل النفايات اليوم ، دون ان ننسى أن معمل الكرنتينا، الذي يخدم بيروت والمتن وكسروان، تضرر بفعل انفجار مرفأ بيروت؟

ما عجزت الدولة عن تحقيقه لن تتمكن البلديات من القيام به، فالمنظومة المجرمة مجتمعة بالجشع وقلة المسؤولية، حكمت على هذا الشعب أن يعيش بالأزمات، فلماذا علينا في كل مرة اطلاق ناقوس الخطر والتحذير من المخاطر التي تحاصرنا من كل حدب وصوب، من أجل أبسط الامور التي يجب القيام بها للحفاظ على سلامة المواطن وصحته واستقراره. فلبنان حتى اليوم لم يضع أية خطة عملية لمعالجة ملف النفايات ، وكل ما وضع إما بقي حبراً على ورق أو نفذ بشكل غير صحيح، في ظل فساد إداري وسياسي وحتى بيئي، وستبقى هذه الأزمة تهدد صحة المواطنين وبيئهم.

ربى أبو فاضل-الديار

شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا