"الرمادية" تهدد تحويلات المغتربين؟
كل التقديرات والقراءات والسيناريوهات المالية المتوقعة على امتداد فترة السماح التي حصل عليها لبنان من المجتمع الدولي من خلال مجموعة العمل الدولية، حول تأثير وانعكاسات إدراج لبنان، ضمن لائحة الدول غير المتعاونة كفاية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب، على حركة الأموال والتحويلات إلى لبنان بشكل خاص وليس أي مجال مالي آخر، لا تقترب من الحقيقة الصعبة التي تنتظر اللبنانيين، الذين وجدوا أنفسهم أمام انهيار مالي جديد، على غرار انهيار العام 2019 وتتحمل مسؤوليته السلطة التي عجزت عن اتخاذ أي إجراء قانوني أو تدبير لإنقاذ لبنان من اللائحة الرمادية.
أكثر من 7 مليار دولار، هي قيمة التحويلات "الرسمية" من اللبنانيين في الخارج إلى عائلاتهم في لبنان، ويُضاف إليها ملايين الدولارات "الكاش" التي تصل عبر وافدين إلى بيروت ينقلونها إلى ذوي اللبنانيين الذين تركوا لبنان بعد الإنهيار الأخير أيضاً، والتي تبقى من دون أي إحصاء رسمي. وهذه هي المسألة الأساسية التي تُقلق الرأي العام أكثر من أي تفصيل آخر، ولم تجد حتى الآن أي تفسير أو توضيح من قبل المعنيين الذين سعوا منذ أشهر إلى "طمأنة" المواطنين بأن ما من خطر يتهدد معيشتهم جراء اللائحة الرمادية، وذلك بدلاً من العمل على تفادي هذا الإدراج.
مصادر إقتصادية معنيّة كشفت أن الغموض غير البنّاء الذي يحيط بكل تفاصيل عملية عدم التزام لبنان بأي مخطط إصلاحي واضح يبدأ بالتصدي للفساد في القطاع العام وبمكافحة التهريب عبر المعابر غير الشرعية والتهرّب الضريبي وتأخير الإصلاحات وتعطيل السلطة القضائية وأجهزة الرقابة، وتشجيع اقتصاد "الكاش"، قد رفع مستوى الشبهة بحصول جرائم مالية وفق المعايير الدولية، وبالتالي خسارة لبنان ثقة مجموعة العمل الدولية.
والأخطر في هذا الإطار، هو أن الحصار المالي اليوم، يتزامن مع الحصار الإسرائيلي، إذ تعتبر المصادر الإقتصادية أن الضغط السياسي الدولي على لبنان، بات يملك أكثر من وجه، وإن كان التصنيف على اللائحة الرمادية، أتى بسبب سوء الأداء اللبناني الرسمي بالدرجة الأولى، والذي قدم للمجتمع الدولي "على طبق من فضة"، سلاحاً يعزز من خلاله حصاراً مالياً على اللبنانيين في الداخل والخارج.
وبالتالي، فإن إدراج لبنان على اللائحة الرمادية، والذي تتحمل مسؤوليته الدولة، قد تحوّل اليوم إلى عامل ضغطٍ، إمتزجت فيه السياسة مع المال، ما سيؤدي إلى تأثيرات سلبية في المرحلة المقبلة على التعاملات المصرفية مع الخارج، علماً أن بعض اللبنانيين الذين حاولوا في الساعات ال48 الأخيرة تحويل أموال إلى بيروت، قد فوجئوا بإجراءت تحقيق معقدة تؤخر العملية، فيما اصطدم آخرون برفض شركات الأموال، إجراء التحويلات.
وتخلص المصادر الإقتصادية بالتأكيد على أن هذا الملف بات اليوم شائكاً جداً ويحمل إشكاليةً سياسية أساسية حيث أن المرحلة المقبلة ستحدد طبيعة وصورة الواقع المالي في ضوء ما يشهده لبنان اليوم من عدوان وحصار جوي وبحري وبرّي يكاد يكون مُحكماً.
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|