مركز الملك سلمان يواصل توزيع مساعداته… ووصول الطائرة السادسة عشر الى بيروت
"يدمرون روحنا"... صور "التاريخ" في مواجهة عدو الحضارة
دخلت إسرائيل في حربٍ مباشرة مع تاريخ وحضارة لبنان، مع سعيها لتغيير الواقع الثقافي والجغرافي، وتدمير أهم المدن جنوباً وبقاعاً.
صور "التاريخ"، المدينة الواقعة في جنوب لبنان والمطلة على البحر، تتعرض لتدمير ممنهج من عدوٍ لا تاريخ له ولا حضارة.
صور القديمة، المدرجة على لائحة التّراث العالميّ، تُدمر معالمها وتُباد وتتعرض لقصف عنيف يستهدف شريانها الاقتصادي، ويُهدد تاريخها وتراثها.
في الآونة الأخيرة، تستهدف إسرائيل وسط صور وخطها البحري، وتدمر الغارات العديد من المباني القديمة.
ومع اشتداد القصف والتحذيرات الإسرئيلية المتواصلة فرغت المدينة من ساكنيها، وبقي القليل منهم رافضين ترك بيوتهم وذكرياتهم متحدين كل الصعوبات.
واليوم، تعيش صور مرحلة مصيرية تُهدد المدينة بما تحمله من ذاكرة وتاريخ وتراث، فكيف تبدو اليوم؟ وكيف يصف أهلها هذا الدمار الكبير... وما تعني لهم كل هذه الخسائر؟
"المساس بروحنا"
في حديثٍ لـ"النهار"، يؤكد حسن دبوق رئيس بلدية صور أن "اليوم نرى سلبيات التكنولوجيا من خلال القنابل التي سقطت على المباني، وحجم الدمار الذي تخلفه"، مندداً بالقصف ومستغرباً "قصف مدينة لا تصلح حتى لتكون مركزاً عسكرياً".
ويضيف: "صور مدينة تصلح للسياحة والبحر والآثار..."، لافتاً إلى أن "هناك همجية ممنهجة في القصف الإسرائيلي على المدنيين".
وعن الغارات الأخيرة على صور، يوصف دبوق المشهد بـ"الحزين على قلوبنا وعلى المدينة... لقد تم المساس بروحنا (أي صور)". وأكد أن "العدو لا يعرف الحضارة".
وعن بقاء سكان المدينة، يشدد رئيس البلدية على أن "هناك تواجد للسكان، وحتى الذين تعرضت بيوتهم للدمار لم يغادروا"، قائلاً: "هناك بعض المحلات التجارية الصغيرة التي لم تغلق أبوابها تلبي احتياجات المواطنين، إضافة إلى مساعدات المنظمات".
"إزالة كل جمالها"
أحد المواطنين الذين لم يغادروا المدينة، طوني فاخوري وهو أستاذ في مدرسة "قدموس"، يشير في حديثٍ لـ"النهار" إلى أن "صور من أجمل مدن العالم بتنوعها الجغرافي والبيئي والسكاني، لذلك لن نتخلى عنها".
ويوضح فاخوري أنه "من الصعب أن ترى مدينتك الجميلة، التي تُعتبر مقصد السياح من كل لبنان والعالم، تتعرض لهذا الشكل من القصف"، قائلاً: "يحاولون إزالة كل جمالها". ويتساءل عن الأسباب: "هل هي غيرة من صور، أم كرهاً بسكانها وبشعب لبنان؟".
ويروي فاخوري ما شاهده من دمار بعد الغارات على صور، واصفاً المشهد بالمحزن والمبكي، من "مباني مدمرة إلى محلات متضررة... كما أن بعض المواطنين يتفقدون ممتلكاتهم وهم في حيرة من أمرهم، ولا يعرفون ماذا سيفعلون".
ويلفت إلى أن "صور تحولت إلى مدينة أشباح، ولا مكان آمن في المدينة نهائياً"، مضيفاً أنه "بسبب الغارات الكثيفة، نزحنا لأسبوعين فقط إلى بيروت، لكن عقلنا وقلبنا بقيا في صور فقررنا العودة إليها".
وعن كيفية تأمين احتياجاتهم اليومية، يقول فاخوري إنَّ "أغلب المواد الأولية لا تزال موجودة في المنازل، وفي بعض الحالات نذهب إلى صيدا لأن صور أصبحت شبه فارغة".
تُعتبر صور وجهة سياحية مهمة، حيث يستقطب تاريخها الغني ومعالمها السياحية الزوار من مختلف أنحاء العالم، كما تشتهر بتنوعها الثقافي، حيث تضم سكاًناً من مختلف الطوائف والأعراق.
"تسقط في قلوبنا"
للصحافة دورٌ مهم في نقل الاعتداءات الإسرائيلية على مناطقنا، كما هو حال مراسل قناة الـ"NBN" حسن فقيه، الذي يقول لـ"النهار": "صور تعني لي كما تعني لكل اللبنانيين، فهي مدينةٌ يقل نظيرها في تاريخها وتراثها، ولما تمثله من نموذجٍ للتعايش والسلام".
ويضيف فقيه: "أصبحت المدينة تعني لي بشكل أكبر، لاسيما وأنني أقضي بها وقتاً أطول"، مشيراً إلى أن "كل غارة أشعر وكأنها تسقط في قلوبنا".
ويؤكد فقيه أن "صور هي مدينة المقاومة والصمود والعز، وقد كانت دائماً بوابة النصر، ولها تاريخها وحضارتها".
وعن الغارات الأخيرة، يلفت إلى أنها "خلفت دماراً واسعاً في المباني المستهدفة، لكن المدينة لا تزال صامدة". ويضيف: "على عكس بقية المدن، ورغم العدد القليل، فإننا نرى تواجد السكان الذين رفضوا المغادرة نتيجة حبهم لصور".
وعن حرية تنقل الصحافيين في صور، يؤكد فقيه أن "تحركاتنا على الأرض قليلة، لأن المدينة معرضة للقصف في أي لحظة من قبل العدو الإسرائيلي".
تُعد مدينة صور رمزاً كبيراً في وجدان اللبنانيين، ولا سيما أهل الجنوب. وما تتعرض له اليوم يُعتبر جريمة بحق الإنسانية، وسط تهديد حقيقي لتاريخها وتراثها الحضاري والإنساني. فنحن نقف اليوم أمام عدو للحضارة يسعى لتدمير تاريخنا ومحو ذكرياتنا المتعلقة بقرانا ومدننا.
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|