ميقاتي يُدشّن الـ1701 من طرفٍ واحد!
في عزّ الحرب “وِلعِت” مجدّداً بين وزير الدفاع موريس سليم من جهة وقائد الجيش العماد جوزف عون والحكومة من جهة أخرى. أقرّت الحكومة في جلستها أمس مشروع مرسوم أرسلته وزارة المال بإعطاء وزارة الدفاع سلفة خزينة لتغطية تطويع 1,500 عسكري في الجيش من “فوق رأس” وزير الدفاع ومن دون مرور الإحالة عبره، كما يقول. اعترض سليم طالباً شطب البند فلم يُستجَب لطلبه فأصدر بياناً متّهماً الوزراء بالمشاركة “في مخالفة الدستور والقوانين لإرضاء هَوَس البعض في التفرّد وممارسة التسلّط على مؤسّسة الجيش لأسباب لم تعد خافية على أحد”، قاصداً قائد الجيش، و”قبول البعض الآخر بتغطية هذه المخالفات وإيجاد المبرّرات غير المقنعة لتمريرها”، قاصداً ميقاتي وبعض الوزراء “المفترض أنّهم حلفاء”.
يتوسّع الشرخ بين وزير الدفاع وقائد الجيش الذي تتّهمه أوساط الوزير سليم بأنّه “يتعاطى مع المؤسّسة العسكرية كأنّها ملكه الخاص ولا يقيم أيّ اعتبار لرئيسه ويصفّي حسابات ضيّقة لا تليق بقائد على رأس المؤسّسة العسكرية، ووصل به الأمر إلى حدّ فرض منطقة أمنيّة عازلة في محيط الوزارة تمنع دخول أيّ نازح أو أقارب نازح وتدقّق في الهويّات، محوّلاً المنطقة إلى كانتون عسكري، فضلاً عن تضييقه على وزير الدفاع وزوّاره، ويسعى إلى “تمديد سياسي” على رأس المؤسّسة”.
ميقاتي يُدشّن الـ1701
في مقابل تجدّد المعارك بين “الجنرالين” لا يتوانى رئيس الحكومة، حتّى في ظلّ تعثّر مفاوضات وقف إطلاق النار، عن إرسال أيّ إشارة إلى الخارج باستعداد الحكومة للالتزام بمندرجات القرار 1701 وإرسال الجيش إلى الجنوب.
آخر هذه الرسائل إدراج مشروع المرسوم المُحال من وزارة المال لإعطاء وزارة الدفاع سلفة خزينة لثلاثة أشهر التزاماً بقرار مجلس الوزراء الصادر في 14 آب بالسير بالمرحلة الأولى من الخطّة (الخمسيّة) التي وضعتها قيادة الجيش عبر “الموافقة المبدئية على تطويع 1,500 عنصر في الجيش اللبناني على أن يُصار إلى السير بالإجراءات اللازمة بحسب الأصول بالتنسيق بين وزارتَي الدفاع والمال”.
في تلك الجلسة ربط ميقاتي هذه الخطوة “بازدياد الضغوط الدوّلية وتزايد عدد زيارات الموفدين الدوليين المطالبة بتنفيذ التزامات لبنان الدولية، لا سيّما منها المتعلّقة بالتطبيق الكامل للقرار 1701”.
يقرّ قريبون من ميقاتي بأنّه “منذ الصيف الفائت كانت بوادر الحرب تتّضح أكثر ووصلت إلى الرئيس ميقاتي مؤشّرات إلى ذلك إذا لم يفرمل الحزب حربه وينفّذ المطلوب منه بالتراجع إلى شمال الليطاني. أقرّ بند التطويع يومها كرسالة سياسية عن جهوزية الجيش للانتشار في الجنوب، ثمّ انفجرت الحرب، وحالياً يصرّ ميقاتي على طمأنة الدول المقرّرة والمؤثّرة بأنّ الجيش ذاهب حتماً إلى الجنوب بمعزل عن مسار المفاوضات المقبل”.
يجزم هؤلاء بأنّ “الحكومة دشّنت أوّل خطوة في سياق تنفيذ الـ 1701 حتى قبل إعلان وقف إطلاق النار كرسالة سياسية للمجتمع الدولي، وأيّ اعتراض داخلي يجب أن يقف عند حدود عتبة مصلحة لبنان العليا لأنّنا في حالة حرب. أقرّ مشروع مرسوم سلفة الخزينة وسيُرسل إلى وزير الدفاع، وإذا تمنّع عن التوقيع فسيتحمّل وحده المسؤولية لأنّ عواقب الامتناع أكبر بكثير هذه المرّة”.
اعتراض وزير الدّفاع
وفق معطيات “أساس” اعترض وزير الدفاع قبل أشهر على عدم إعلامه بالخطّة الخمسيّة التي وضعتها قيادة الجيش، فاتّصل ميقاتي بقائد الجيش طالباً منه إرسال الخطّة إلى وزير الدفاع.
في تلك المرحلة وخلال النقاشات في الموازنة تبيّن عدم رصد الاعتماد المطلوب للتطويع الذي لم يكن قد أقرّته الحكومة بعد ضمن موازنة وزارة الدفاع. تواصلت رئاسة الحكومة مع قيادة الجيش التي طلبت اعتماداً بقيمة 475 مليار ليرة لرواتب المرحلة الأولى للتطويع. فتمّ التوافق آنذاك على إضافة هذا المبلغ إلى اعتماد وزارة الدفاع المرصود أصلاً في موازنة 2025 (الحدّ الأقصى لإقرار الموازنة آخر شهر كانون الثاني المقبل) على أن تمنح وزارة المال سلفة خزينة لوزارة الدفاع لتغطية تطويع 1,500 جندي وتسدّد لاحقاً من موازنة وزارة الدفاع.
لكنّ إحالة وزارة المال مشروع مرسوم سلفة الخزينة إلى الحكومة وإدراجه على جدول الأعمال أثارا مجدّداً غضب وزير الدفاع، فأرسل الى “غروب واتساب” الوزراء طالباً سحبه “لأنّ وزارة الدفاع لم تحِل أيّ طلب بهذا الخصوص إلى وزارة المال”. أحد أعضاء الغروب سرّب ردّ وزير الدفاع عبر سكرين شوت، فجنّ جنون الوزير.
غرفة سوداء
أمس، قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء، أصدر الوزير سليم بياناً عالي اللهجة هاجم من خلاله قائد الجيش والحكومة متحدّثاً عن “الغرفة السوداء إيّاها الناشطة في الترويج لما يسيء إلى وزير الدفاع بهدف تشويه مواقفه، وآخر إنجازات هذه الغرفة ومن يوجّهها ويعمل فيها ويديرها أنّ وزير الدفاع ضدّ تطويع 1,500 عسكري لتعزيز انتشاره في الجنوب وتطبيق القرار 1701″، مؤكّداً أنّ “هذا الادّعاء الكاذب لا أساس له من الصحّة”، ولفت إلى اعتراضه “على إدراج بند يعني وزارته من دون أخذ رأيه ومن دون أن تكون المراسلة صادرة عنه، فيما هو المؤتمن الأوّل على الجيش وتعزيزه وحمايته”.
تقول أوساط قريبة من وزير الدفاع إنّ “التحجّج بحالة الحرب والظروف الاستثنائية لا يبرّر عدم التقيّد بالأصول ومخالفة الدستور والقوانين، سيّما أنّ عدم مشاركة وزير الدفاع في جلسات مجلس الوزراء هو واقع قائم منذ سنتين، ومع ذلك كان يتمّ في كثير من الحالات أخذ رأيه، فلماذا تكرار تمرير بنود من دون موافقة الوزير المعنيّ؟ وكيف يقبل باقي الوزراء بالتعدّي على صلاحية أيّ وزير؟”.
في هذا السياق تقول أوساط قيادة الجيش إنّها أرسلت مشروع المرسوم بسلفة الخزينة في 10 أيلول الماضي إلى الوزير سليم، لكنّه لم يحوّله إلى وزارة المال، فيما ينفي وزير الدفاع ذلك.
كما تشدّد الأوساط على أنّ من “يصفّي الحسابات السياسية هو وزير الدفاع والنائب جبران باسيل الذي حوّل معركته الشخصية مع قائد الجيش إلى حربٍ على الجيش. وهنا يصحّ السؤال: العالم يُركّز أنظاره علينا لتطبيق القرار 1701 فيما وزير الدفاع يلتهي بقشور الصلاحية التي تخلّى عنها بنفسه حين قَبِل بمقاطعة جلسات مجلس الوزراء؟”.
ملاك عقيل -اساس
شاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|