هل لا تزال صيغة "لا غالب ولا مغلوب" تصلح للبنان؟...
شكّل لبنان ساحة لتجارب حربية داخلية وإقليمية في عقود متتالية، وكانت النار تخمد على طريقة التوصّل إلى تسوية تمكّن القوى المتقاتلة من التلويح بتحقيق نقاط على طريقة "لا غالب ولا مغلوب"، فإذا بلبنان يبحث عن لملمة مناطقه المشلّعة. ويُذكَر أنّه مع اليوم الأول من تنفيذ "تفاهم نيسان"، بدأت تتظهّر ما أدّت إليه عملية "عناقيد الغضب" في نيسان 1996 من تبعات بعد الضربات العسكرية الاسرائيلية التي استهدفت البنى التحتية في الجنوب اللبنانيّ، فإذا بكثير من أبناء القرى يرجعون إلى مناطقهم تلقائياً وسط زحمة عرفها الطريق الساحلي نحو الجنوب، فوجدوا الشوارع قد تهدّمت. وعندما انتهت الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل التي بدأت في تموز 2006، كانت المسألة نفسها مع رجوع المواطنين إلى قراهم عبر ما بقي من جسور وطرقات فوجدوا أن أحياءً جنوبية سُوّيت أرضاً.
يقول عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب ملحم الرياشي لـ"النهار" إنّ "اللبنانيين لطالما كرّروا التجارب الفاشلة تاريخيّاً. وإذ لا أعتقد أنّ الحرب الحالية هي تكرار لما سبق، لكنّ نتائجها قد تأتي تكراراً لسقوط المارونية السياسية والسنية السياسية، واليوم تالياً الشيعية السياسية. إنّ البيئة اللبنانية تفرز دائماً معادلات متشابهة، تعطي نتائج متشابهة". ويدقّ ناقوس التوجّس لناحية أنّه "ليس هناك ما يمنع أن تخاض حرب إضافية على أرض لبنان، ما لم يكن ثمة ضابط للإيقاع في لبنان، وهو الحياد الفاعل الذي سبق لجبل لبنان أن عاشه في زمن نظام المتصرفية لخمسين سنة متتالية من السلام والاستقرار".
في استنتاج ملحم الرياشي، "حاليّاً، هناك استراتيجيات لبنانية لكن لا استراتيجية واحدة في لبنان، نتيجة انعدام الموقف حول التوصّل لاستراتيجية واحدة. هذا خطير وليس صحيّاً. مشكلة اللبنانيين أنهم يذهبون من تسوية إلى مساومة على التسوية. من الضروري استتباب الاستقرار على قاعدة لا غالب ولا مغلوب، شَريطة أن تملأ التسوية الفارق في موازين القوى".
انطلاقاً من مقاربة الخبير في الصراعات الدولية جوزف الحاج، "يتمثّل الحلّ الجذريّ في تطبيق الدستور اللبناني والقرارات الدولية حتى استطاعة لبنان أن يتنفّس الصعداء. ولا بدّ من البحث في توقيع معاهدة سلام مع إسرائيل، لكنّ تلك الفكرة لا تلقى استساغة من جميع اللبنانيين". ويشجب "خوض الحروب الذي يأتي بالقوّة التي تفرض على لبنان. لقد وصل "حزب الله" إلى الدرجة التي هو فيها لأن أكثرية من اللبنانيين لا يسعون لأن يتجابهوا معه ويأملون رجوعه إلى الدولة اللبنانية لكن "حزب الله" ينفّذ الأجندة الايرانية مع دعم ماديّ وتسليحيّ يحظى به".
وينتقد جوزف الحاج "فكرة التسوية القائمة على طريقة "لا غالب ولا مغلوب" التي لا يمكن أن تستمرّ في لبنان، وعلى "حزب الله" أن يلتفت إلى الداخل اللبناني وأن يقرّ بأنّه مخطئ. ويمكن التغيير أن يحصل من خلال انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية أو الطلب رسمياً من الأمم المتحدة وضع لبنان تحت الفصل السابع". ولا يغفل أن "تغيير التفكير لشعب اعتاد عليه مئات السنين يحتاج إلى سنوات من التعليم وتربية جيل جديد على مستوى الوطنية لا الطائفية ما يتطلب دوراً لمسؤولين جدد، حتى بناء جيل لا بدّ أن يكون مبنياً على مبادئ المواطنة لا على الزعاماتية".
مجد بو مجاهد - النهار
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآنشاركنا رأيك في التعليقات | |||
تابعونا على وسائل التواصل | |||
Youtube | Google News |
---|